آسف «صديقي» الصهيوني!
بالأمس كان الخبر الرئيس في صحيفة «يديعوت» العبرية كواليس ما حصل في تصويت اليونسكو حول اعتماد الخليل كتراث إنساني فلسطيني محمي، الحدث وإن كان خطوة أقرب ما تكون إلى الرمزية، أحدث زلزلة في كيان العدو الصهيوني، واثلج صدور ملايين الخلايلة والعرب والمسلمين، إضافة إلى ممثلي شعوب العالم اليونسكو، الذين لم يزالوا على مواقفهم الداعم لفلسطين وشعبها، وعدالة قضيتها، وحده ممثل عربي لدولة عربية(!) في اليونسكو، شعر بخيبة أمل عميقة، لأنه لم يستطع أن يوفي بوعده لممثل إسرائيل في المنظمة الدولية، ولم يتمكن لأسباب لوجستية بحتة من التصويت ضد القرار، وبناء عليه، قدم أسفه العميق لخذلانه صديقه الإسرائيلي!
القصة يرويها ايتمار آيخنر، مراسل الصحيفة، قائلا أن مؤتمر التراث في اليونسكو الذي انعقد في كراكوف في بولندا ظهر الجمعة الماضين لم يشهد نقاشا عاصفا بهذا القدر منذ زمن بعيد. هكذا تكون الحال عندما يؤخذ بموضوع سياسي متفجر هو في قلب النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني: طلب فلسطيني بتسجيل الحرم الابراهيمي (يسمونه مغارة المكفيلا!) ومدينة الخليل على سبيل الطوارئ، كموقع تراث عالمي فلسطيني يوجد في خطر تحت الاحتلال الاسرائيلي. القرار اتخذ بأغلبية 12 دولة، مقابل 3 دول معارضة و 6 ممتنعة. وكانت اليونسكو أقرت قبل اسبوع فقط مشروع قرار مناهض لإسرائيل آخر، يلغي الاعتراف باسرائيل كصاحبة السيادة في القدس. قرار الجمعة يقر بأن الحرم الابراهيمي موقع تراث يوجد في فلسطين. وقد اتخذ القرار بناء على طلب دول عربية باسم الفلسطينيين تناول التراث الاسلامي في المكان دون ذكر لصلته باليهودية. من وجهة نظراليهود، تعد معاني الإعلان إشكالية جدا ونكسة: من تثبيت وعي عالمي بان هذا موقع فلسطيني، عبر فرض قيود بناء، حفظ وتنمية على إسرائيل وحتى حقيقة أن كل نشاط اسرائيلي في المكان، بما في ذلك نصب كشك حراسة – سيشكل ذريعة لشكوى ضد إسرائيل باعتباره مسا بموقع تراث عالمي! في إسرائيل حاولوا صد الهزيمة من خلال اتفاق سعى لإيرامه سفير اسرائيل في اليونسكو، كرمل شاما هكوهن، مع الرئيس البولندي للمؤتمر في أن يكون التصويت سريا. وكانت اسرائيل وصلت الى هذه المعركة وفي جعبتها وعد من خمس دول بالتصويت ضد: بولندا، كرواتيا، جمايكا، بوركينا باسو، وكذا دولة عربية اشترط سفيرها التصويت ضد القرار(!) بالسرية التامة. غير أنه بدلا من التصويت السري من خلف حاجز جرى التصويت بكتابة بطاقات على طاولة المداولات ونقلها الى الصندوق، بحيث أن التصويت عمليا كان علنيا أمام الكاميرات الكثيرة في المكان. عارض شاما بشدة ونشأت جلبة حتى التصويت العاصف الذي خسرت فيه اسرائيل. ولما كان التصويت سريا ليس واضحا كيف صوتت كل دولة، ولكن كان واضحا أن ليس فقط السفير العربي اياه لم يصوت مع اسرائيل بل وهناك دولة اخرى ندمت وانتقلت الى الامتناع عن التصويت، حسب قول المراسل إياه، كان السفير شاما هكوهن توصل الى تفاهمات مع سفير تلك الدولة «العربية!» لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بان يصوت ضد القرار. واشترط السفير ذلك في ان يكون التصويت سريا تماما. ولكنه تراجع عندما تبين أنه لن يكون «مستورا!». وفي بلاغ قصير بعث به لصديقه الصهيوني كتب يقول: «يصعب علي القول إن هذا كان تصويتا سريا. كانت الحال هناك حامية الوطيس. ولم يكن لي مفر». اما شاما هكوهين فاجاب: «اعرف يا صديقي. بالنسبة لي هذا وكأنه فعلت هذا»!
يصعب التحقق من الرواية الصهيونية، لكنها قابلة للتصديق في زمننا هذا، حيث خرج بعض العرب من جلودهم، وبانت ألوانها الحقيقية!