التعرف على المتسبب الأول في إصابة البشر بمرض السرطان
أكد باحثون في جامعة مانشستر البريطانية أن داء السرطان هو عبارة عن وباء تم إنشاؤه على يد الإنسان في العصر الحديث.
كما يتم بشكل سنوي الكشف عن 350000 حالة جديدة من السرطان في فرنسا.
أما في كندا، يعتبر هذا المرض السبب الرئيسي للوفاة وهو المسؤول عن حوالي 30 بالمئة من مجموع الوفيات في ذلك البلد.
وفي المملكة المتحدة وحدها، يودي السرطان بحياة أكثر من 150 ألف شخص سنويا. كما تظهر الإحصاءات أن نسبة واحد من كل ثلاثة أشخاص في المملكة المتحدة من المرجح أن يكون مصابا بمرض السرطان.
وذكر موقع "سا إي ناتيريل" الفرنسي أن الباحثون قضوا الكثير من الوقت في دراسة المومياوات، والأحفوريات والمؤلفات العلمية الكلاسيكية قبل أن يخلصوا إلى مجموعة من النتائج الهامة بخصوص المرض العضال.
وقال الباحثون: إن السرطان هو عبارة عن مرض اصطناعي تمت تغذيته عن طريق تجاوزات الحياة العصرية التي نعيشها. في الواقع، كانت الأورام نادرة حتى الآونة الأخيرة من حياتنا ولكن عندما أصبح التلوث موجودا وحدث ما يعرف بسوء التغذية أصبحت هناك مشكلة جديدة.
وخلال دراسة المومياوات المصرية، على سبيل المثال، لم يلحظ الباحثون وجود أي علامة تدل على السرطان في العديد منها، باستثناء حالة معزولة.
وباستخلاص بعض خصلات الشعر والأنسجة من مئات المومياوات المصرية وبعد فحصها تحت المجهر. وجد الباحثون حالة واحدة لوجود السرطان بين كل المومياوات التي فحصوها.
في الماضي، جادل البعض بأن المصريين القدماء من بين الشعوب التي لم تعش طويلا بما فيه الكفاية حتى تقوم أجسامهم بتطوير مرض السرطان. ومن أجل التغلب على هذه الحجة الضعيفة، لاحظ الباحثون أن الأمراض الأخرى ذات الصلة بالعمر، مثل تصلب الشرايين وهشاشة العظام، كانت موجودة في ذلك الوقت.
ونقلت نشرة "نيتشر ريفيوز كانسر" أن الدلائل الأحفورية المتعلقة بالسرطان ليست قوية كفاية، كما أن المؤلفات العلمية تخبرنا بوجود بضع عشرات الحالات ولكنها لا تزال موضع نقاش واختلاف، وهي تتعلق بأحفوريات لحيوانات عاشت في السابق. كما أن دراسة آلاف عينات العظام لإنسان "نياندرتال" زودت العلماء بمثال وحيد على احتمال الإصابة بمرض السرطان.
كما أن الدلائل على وجود السرطان في النصوص المصرية القديمة لا تزال ضحلة للغاية، وهناك إشارات على أن مسببات هذا المرض كانت ناجمة عن عقابيل أمراض أخرى مثل الجذام أو مرض الدوالي.
يمكن القول أن الإغريق القدماء كانوا أول الشعوب التي أوجدت تعريفا للسرطان على أنه مرض من نوع خاص ومختلف. وقاموا آنذاك بالتفريق بين الأورام الحميدة والأورام الخبيثة.
كما يتوافر لدينا أولى حالات الوصف للعلميات الجراحية لمرض لسرطان وجاءت من القرن السابع عشر وكانت تتحدث عن عمليات سرطان الثدي وأنواع أخرى منه.
ومع ذلك فإن أولى التقارير التي ذكرتها المؤلفات العلمية الخاصة بالأورام لم تكن موجودة إلا خلال 200 سنة سلفت.
سرطان الأنف عند المدخنين ظهر سنة 1761، وسرطان كيس الصفن ظهر عند عمال تنظيف المداخن وتم اكتشافه سنة 1775.
الباحث الرئيسي الذي أعد هذه الدراسة، مايكل زيمرمان، أكد أنه كان من الواجب توافر الكثير من الأدلة على وجود مرض سرطان محتمل في المجتمعات القديمة لأنه كان ينقصهم الكثير من العناية الطبية الصحيحة والفعالة.
وقال زيمرمان:
في جميع الحالات، إن دليل وجود السرطان في المجتمعات القديمة التي تنقصها عمليات التدخل الجراحي، كان يجب أن يبقى ظاهرا.
كما أن غياب الأورام الخبيثة عند المومياوات أمر يجب تفسيره على أنه كان أمرا نادرا في العصور القديمة. وهو ما يشير إلى أن مرض السرطان أصاب المجتمعات التي تضررت من "التصنيع الحديث".
يحتل مرض السرطان في المجتمعات الصناعية المرتبة الثانية بين مسببات الوفاة بعد أمراض القلب والأوعية الدموية. ولكن في المجتمعات القديمة كان السرطان نادر الحدوث للغاية، ولم يكن في البيئة آنذاك ما قد يتسبب بهذا المرض. وبالتالي فإن هذا المرض يجب أن يكون مرض من الإنسان نفسه بسبب التلوث والتغيرات في نظامنا الغذائي ونمط حياتنا.
وأضافت البروفيسورة ديفيد: إن الأمر الهام في دراستنا هو في أنها تعطي أفقا تاريخيا لهذا المرض.
يمكننا إعطاء بيانات واضحة جداً حول معدلات السرطان في المجتمعات لأنه أصبح لدينا لمحة كاملة عن هذا الأمر، بعد أن قمنا بفحص عدة آلاف من السنين وليس مجرد 100 سنة فقط، والعديد من المعطيات.
وقالت:
مرة أخرى، لدينا الكثير من المعطيات العائدة للمصريين القدماء، وكذلك الكثير من البيانات المأخوذة من آلاف السنين الماضية، وجميعها أعطتنا رسالة واضحة للمجتمع وهي أن السرطان مرض صنعه البشر وهو أمر نستطيع بل علينا معالجته.
وأوصى الباحثون باتباع نظام غذائي صحي، والنشاط الفيزيائي للجسم البشري بشكل منتظم، والحفاظ على وزن مثالي للجسم. مؤكدين أن اتباع هذه النصائح الثلاث كفيل بإبعاد حوالي ثلث أنواع السرطانات الأكثر شيوعا عن البشر.
وقالت منظمة الصحة العالمية في أحد تقاريرها: ليس أقل من 15 مليون وفاة يتسبب بها السرطان سنوياً في العالم، بمعدل حالة وفاة واحدة كل ثانيتين، وإذا لم يتم التصرف بسرعة إزاء هذه المشكلة فإن السرطان سيقتل 19 مليون شخص سنوياً مع العام 2025.