2024-05-20 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الدم هنا لا يجف!

حلمي الأسمر
جو 24 :

-1-

في الأرض المقدسة، هنا، وفي أكنفها، حيث نعيش، ونموت أيضا، الدم لا يجف، حتى ولو بعد سبعين سنة، فما بالك إن كان الحدث في ساحة الأقصى؟

لم يكن يعرف المحمدون الثلاثة من عائلة الجبارين من أم الفحم، أن عمليتهم الفدائية تلك ستحرك كل تلك المياه الراكدة، وستشتعل شوارع القدس بهذا الحراك الشعبي النادر، وتنشغل جملة من عواصم العالم المؤثرة بنصب بوابات إلكترونية أو إزالتها، هذا لا يحدث إلا في بلادنا فقط!

-2-

بعد سبعين عاما من ارتكاب اليهود لمذبحة دير ياسين، مثلا، يقوم الشهداء من قبورهم، ويمسكون بخناق التاريخ، لقراءة روايتهم للجريمة، ولكن هذه المرة بيد واحدة من أبناء القتلة، في القدس تحديدا وقبل ايام من اشتعال النار في ساحات الأقصى، عرض فيلم وثائقي جديد باسم «ولد في دير ياسين» للمخرجة الإسرائيلية نيتع شوشاني، التي كرست السنوات الاخيرة لتحقيق تاريخي شامل عن مذبحة دير ياسين، واحد من الاحداث التاريخية، والذي بقي وصمة عار في وجه اسرائيل حتى الان، والتعبير الأخير ليس لي، بل لكاتب عبري اسمه عوفر أديرت (هآرتس- 14/7/2017) يقول عوفر في مستهل مقاله: في أرشيف الجمعية لتخليد تراث «ليحي» (مقاتلو حرية اسرائيل!) توجد وثيقة عسيرة على القراءة. كتبها أحد أعضاء التنظيم السري قبل نحو 70 سنة. ويفتح الاطلاع عليها من جديد جرحا نازفا من عهد حرب «الاستقلال!»، والذي يثير الانشغال به حتى اليوم عاصفة في المجتمع الاسرائيلي. «حركتنا نفذت في يوم الجمعة الماضي بالتعاون مع الايتسل عملية احتلال هائلة للقرية العربية على طريق القدس – تل ابيب، دير ياسين. أنا شاركت في هذه العملية بشكل نشط للغاية»، كتب يهودا فدر، الذي كان لقبه في ليحي «غيورا». ولاحقا وصف فدر دوره في القتل: «حصل لي لاول مرة في حياتي، بيدي وعيني سقط عرب. قتلت في قرية عربية واحدا مسلحا، اطلق النار علي، وفتاتين عربيتين ابنتي 16 – 17، ساعدتا العربي مطلق النار. اوقفتهما الى الحائط واطلقت عليهما صليتي رشاش تومي» .. . الى جانب ذلك، يروي عن سلب ونهب نفذه مع رفاقه: «الكثير من المال صادرنا ومجوهرات واموال وقعت في أيدينا». وينهي الرسالة بكلمات: «كانت هذه عملية هائلة حقا وليس صدفة انهم يشهرون بنا في اليسار مرة اخرى». هذه الرسالة هي واحدة من الوثائق التاريخية التي يكشف النقاب عنها الفيلم الوثائقي الجديد.

يحفل الفيلم بشهادات دامغة، وبلسانهم العبري هم، لا بلسان عربي، أنها كانت مذبحة بمعنى الكلمة، يائير تسبان، نائب ووزير سابق عن ميرتس، روى في مقابلة مع شوشاني بانه بعد المذبحة، التي لم يشارك فيها، ارسل مع رفاقه من «الجدناع» (كتائب الشبيبة) لدفن جثث القتلى. «كان الخوف ان الصليب الاحمر قد يصل في كل لحظة وينبغي طمس الاثار لان نشر الصور والشهادات عما يحصل في القرية سيمس جدا بصورة حربنا التحريرية!». «رأيت غير قليل من الجثث»، اضاف. «لا أتذكر اني شاهدت جثة رجل مقاتل. ولا بأي حال. أتذكر اساسا نساء وشيوخ». وشهد تسبان بانه رأى سكانا اطلقت النار في ظهورهم، ونفى ادعاءات بعض من المشاركين في العملية بان القتلى اصيبوا في تبادل لاطلاق النار. «شيخ وامرأة، يجلسان في زاوية الغرفة مع الوجه الى الحائط، مصابين بالنار من الخلف»، كما وصف. «هذا لا يمكن له ان يكون عصف معركة. ولا بأي حال»!

-3-

في مستعمرة حلاميش قتل عمر ابن قرية كوبر ثلاثة صهاينة احتلوا أرضه، هذا جزء صغير جدا من ثمن «حرب استقلالهم» الاستقلال الذي لن يتم أبدا، لأن الدم هنا لا يجف، ولو بعد سبعين عاما، أو حتى مائة!

 
تابعو الأردن 24 على google news