jo24_banner
jo24_banner

تطوير قواعد الإشتباك ياعطوفة مدير الأمن العام

المحامي صدام ابو عزام
جو 24 :
لاشك بأن التطور الذي تشهده الجريمة على كافة المستويات والأدوات والتكتيكات التي ينتهجها المجرمون تطورت بشكل لافت وغدت تتسم بالتخطيط والتحضير وإعداد العدة، مما يعني القدرة والجاهزية على مواجهة أي حائل إستثنائي قد يعترض إرادة المجرمين من تنفيذ مخططاتهم الإجرامية، هذه الحقيقة أصبحت عالمية وفي كافة البلدان مرد ذلك العديد من الأسباب التكنولوجية وسهولة الحصول على المعدات والقدرة على التوراي عن الأنظار وغيرها من عوامل فضلاً عن التنظيم والذي يعتبر العنصر المستحدث في أغلب الجرائم وتجاوز الجرائم ذات الطابع الارهابي ليتعداه الى الجرائم البسيطة.

هذا التطور الجرمي يجب أن يرافقه تطور أمني على كافة المستويات حتى يتم تطويقه والحد من أثاره والقضاء عليه، مع ضمان سلامة أفراد الأجهزة الأمنية، مع إيماننا الراسخ والعقيدة الثابتة بقدرات وتأهيل الاجهزة الأمنية الأردنية في التصدي والتعامل مع أصعب الجرائم، إلا أنه وللموضوعية نحتاج الى وقفة بسيطة حيال قواعد الإشتباك الخاصة بالأشخاص المكلفين بإنفاذ القانون والذين تتطلب مهنهم التعامل أو التواجد في مناطق وبؤر المجرمين والمطلوبين والتي يتعتبر أفراد الأمن مستهدفين فيها، فلم يعد مقبولاً من رجال الأمن من كافة المؤسسات الأمنية أن يتعرض لإطلاق نار أو إعتداء جرمي ولا يحمل ذخيرة لسلاحة أو ينتظر أمر لإطلاق النار للدفاع عن نفسة أو لا يحمل سلاحاً ابتداءً.

في الحقيقة ليس لدي خبرة عملية في هذا المضمار، ولكن تطالعنا التجارب العالمية ومنها على سبيل المثال المملكة المتحدة الولايات المتحدة الامريكية وكندا واستراليا، بقواعد إشباك متطورة و واضحة المعالم وصريحة لرجال الأمن ويتم تدريبهم عليها بشكل عملي ومكثف.

من جهة أخرى، يتم نشر مضمون قواعد الإشتباك ومنها تعامل الأفراد مع رجل الأمن على كافة المستويات في المدارس والجامعات ووتضمينها في مناهج تربوية وعبر الاثير العام وتثقيف وتوعية الناس بمضمونها حتى يستطيعوا التعامل مع رجل الأمن بمعزل عن أي مسؤولية، فقواعد الإشتباك هنا أفقية للمواطن ورجل الأمن على حد سواء، ويتم تطوير التشريعات بما يناسب مع ذلك.

ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال عندما يتم مطاردة مركبة نلاحظ كيفية تعامل رجل الأمن بإتباع خطوات واضحة من حيث التنبية وطلب النزول ورفع الغيدي والإستدارة والنزول الى الأرض وغيرها من قواعد مهنية ذات طبيعة خاصة تتعلق بعمل الأجهزة الامنية، حتى مكان وضع السلاح في حال كان مرخص يكون في الصندوق الخلفي والمخالف لذلك يتحمل المسؤولية. وقواعد تنظم المداهمات والمطاردة والقاء القبض والتفتيش وتحدد الإجراء الواجب إتخاذه من قبل رجل الأمن في حال تعرض لخطر.

ونلاحظ في الجانب الأخر ثقافة عالية لدى المواطنين في التعامل مع رجال الأمن من حيث الانصياع لتلك القواعد بكل حرفية وثقافة ولقناعة راسخة بأن ذلك جزء من منظومة حفظ النظام العام والأمن في المجتمع.

على حد علمي أن قواعد الإشتباك المعمول فيها الأن على صعيد رجال الأمن تقليدية وقديمة لا تتجاوز بعض النصوص في قانون الامن العام وبعض الاعراف الامنية تصدر من قبل المسؤول المباشر او القائد الميداني، مع تقدم وتطور هائل في قواعد الإشتباك المعمول بها من قبل القوات المسلحة الأردنية الجيش العربي على الحدود والتعامل مع الأحداث التي تدخل ضمن اختصاصه.

إن الحوادث التي تعرض لها رجال الامن العام وأفراد الأجهزة الأمنية خلال الحقبة الزمنية البسيطة السابقة إزدادت بشكل ملحوظ، وهذا من شأنه التأثير على العقيدة الأمنية لمنتسبي هذه الاجهزة لو إستمر الوضع على ماهو عليه، مع التأكيد على الحرفية والمهنية والمعنويات العالية التي يتمتع بها منتسبي هذه الأجهزة وكذلك من شأن تكرار هذه الحوادث التأثير على سلامة وإطمئنان المجتمع.

لعل جلالة الملك في أكثر من لقاء وجه بشكل مباشر الى خضوع الأجهزة الأمنية الى إعادة هيكلة وأن من متطلبات هذه الهيكلة تطوير ومراجعة قواعد الإشباك وتطوير النصوص الوادرة في قانون الأمن العام وتبني مبادئ توجيهية تعتمدها الأجهزة الأمنية تضمن سلامة أفرادها وفقاً للمعايير العالمية.

لاشك في أن عطوفة الباشا اللواء احمد سرحان الفقيه راكم خبرات عريقة وحصيفة في هذا المجال من خلال مسيرته العملية والعلمية ويسعى جاهداً الى إحداث نقلة نوعية في جهاز الأمن العام، والكل يشهد التطورات التي طرأت على مؤسسة الامن العام ولعل أخرها تركيب الكاميرات على صدور منتسبي جهاز الامن العام الذين تتطلب مهنتهم الإحتكاك مع المواطنين، في ممارسة تضاهي أعرق الدول المتقدمة وهي معمول فيها في بريطانيا والولايات المتحدة وغيرها من الدول، وأن المتطلب المتمم لذلك ياعطوفة الباشا الإيعاز بمراجعة وتطوير قواعد الإشتباك الخاصة بأفراد الأمن العام وكذلك الدرك والأجهزة الأمنية الأخرى.

تشير التجارب العالمية الى أن قواعد الإشتباك ليست قواعد جامدة بل تتغير وتتطور بتطور متطلبات العصر وتطور أدوات الإجرام والمجرمين وتعتبر أداة رئيسية تمكّن استخدام القوات الأمنية بمختلف تشكيلاتها وقواتها من النهوض بمهامها على أكمل وجه وفق قواعد واضحة وصريحة. وهي هنا تختلف عن التعليمات التعبوية التي يسترشد بها بها القادة الميدانيين عند تنفيذ العمليات والمداهمات بل إنها تعد قواعد هامة ترسم الإجراءات الخاصة بالأفراد عند البدء في العمليات الميدانية والتعامل مع كل الإحتمالات في الميدان الخاصة بالإشتباك وتنظيم حمل الأسلحة أو التصدي لهجوم معادي، ولقواعد الاشتباك فوائد تعود على قوة ومنعة المؤسسة الأمنية وعدم زعزعة عقيدة منتسبيها.

إذ في حال تبنيها تعفى المؤسسة الأمنية من أي مسؤولية مدنية وجزائية وحتى من أي تدبير إجتماعي ولعل هذا كان بارزاً خلال السنوات السابقة في دخول جهاز الأمن العام في التدابير الإجتماعية مثل العطوات والصلحات وغيرها والذي هو بمعزل عن تلك الممارسات التي لا تتفق مع تطور المؤسسة الأمنية.

أفراد ومنتسبي الأجهزة الأمنية حماة الديار والعيون الساهرة على سلامة مقدرات الوطن والمواطنين لهم منا كل الاحترام والتقدير على التضحيات الجسام، رحم الله شهداء الوطن.
 
تابعو الأردن 24 على google news