jo24_banner
jo24_banner

قانون انتخاب غير دستوري ونتائج مطعون في دستوريتها

د. فوزي السمهوري
جو 24 :

أيام وتطوى آخر صفحة من صفحات الإصلاح السياسي كما أرادته السلطة التنفيذية؛ وهي إجراء الانتخابات النيابية المبكرة بعد حل مجلس النواب السابق الذي ولد بإرادة سلطة وأجهزة مناقضة ومناوئة لإرادة الغالبية العظمى من الشعب الأردني «المسلم والهادئ، الذي لا يغضب ولا يثور ولا حتى يتأفف من الظلم والاستبداد»، ليحل مكانه مجلس نيابي منتخب «انتخاباً حراً وديمقراطياً»، معلنين بذلك الوصول إلى ذروة ما يمكن أن تقدمه السلطة التنفيذية وأجهزتها أو تنازل عنه منة ومكرمة للشعب الذي استعاد وعيه وإدراكه للحقوق المسلوبة والمهضومة لصالح حفنة وفئة من المتنفذين الذين استطاعوا بطرق وآليات ملتوية الاستئثار بالسلطة والثروة؛ وبالتالي إيصال الغالبية العظمى من الشعب إلى حالة الفقر والفقر المدقع.
وإننا كمراقبين شهدنا وما زلنا نشهد المساعي والجهود الدؤوبة والمستمرة للسلطة التنفيذية من أجل رفع نسبة التسجيل في المرحلة السابقة، والعمل حالياً من أجل رفع نسبة المشاركة في الانتخابات النيابية يوم 23/1/2013 في محاولة بائسة لإضفاء الشرعية على المجلس النيابي الجديد، ولتصويره بأنه ذلك المجلس المعبر الحقيقي والممثل الشرعي لإرادة الشعب الأردني.
وهنا لا بد من أن نسجل عدداً من الملاحظات ومنها:
أولاً: أن هناك ما يقارب ثلث عدد الذين يحق لهم الاقتراع غير مسجلين في الجداول الانتخابية؛ وهذا يعني أن ثلث المواطنين لا يعتبرون أن المجلس الجديد جدير بثقهم، وبالتالي عدم شرعية تمثيلهم للجماهير.
ثانياً: الشك في قدرة السلطة التنفيذية وأجهزتها على النجاح في إقناع الغالبية العظمى من المسجلين للانتخابات في ممارسة حقهم بالاقتراع مهما اتبعت من وسائل الترغيب والترهيب أو التلويح بالعصا.
ثالثاً: عزوف الشخصيات السياسية والوطنية التي تتمتع بقدر كبير من ثقة الناس عن الترشيح للانتخابات؛ إيماناً من معظمهم بأن المجلس سيكون عاجزاً عن ممارسة دوره التشريعي والرقابي الحقيقي، وبعيداً عن هيمنة السلطة التنفيذية وأجهزتها الأمنية، وخاصة في ظل غياب إرادة الإصلاح السياسي الحقيقي، وعدم القناعة بالخطوات الإصلاحات التجميلية التي أنجزت حتى الآن.
رابعاً: عدم القناعة والثقة بقانون الانتخابات الذي انتجته السلطة التنفيذية والمجلس المنحل الذي اعترفت به أجهزة عديدة بأنه جاء نتيجة للتزوير والتلاعب بإرادة الناخبين؛ وبالتالي فإن القانون جاء يخدم فقط السلطة التنفيذية بما يعزز من دورها، ومنها القدرة على الهيمنة على السلطة التشريعية، ويخدم بعض الشخصيات النافذة النيابية الذي جاءت بنود القانون ليكرس ويعزز فرصها بأشخاصها أو شللها بالعودة إلى السلطة التشريعية.
خامساً: تعزيز النقاعة لدى نسبة كبيرة من الشعب الأردني بأن قانون الانتخابات مصمم لإقصائهم أو تهميشهم بعيداً عن ترسيخ مفهوم المواطنة التي توجب المساواة بين كافة المواطنين في القوانين وأمام القوانين.
سادساً: أن مجلس الأعيان المعين يأتي لترجيح هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية، ففي الوقت الذي ينص الدستور على أن مجلس الأعيان يتكون من عدد بما لا يزيد على نصف أعضاء مجلس النواب، فإننا نلحظ دوماً أن مجلس الأعيان يتكون من نصف عدد أعضاء مجلس النواب، وفي هذا سياسة تهدف إلى بناء جدار حديدي أمام مجلس النواب، فيما لو كان مجلساً نيابياً مستقلاً استقلالاً حقيقياً وممثلاً تمثيلاً حقيقياً لإرادة الشعب.
سابعاً: نزع الشرعية السياسية بعد أن نزعت الشرعية السكانية؛ نتيجة لمقاطعة القوى الحزبية والسياسية والاجتماعية للانتخابات القادمة (الحركة الإسلامية، حزب الوحدة الشعبية، حزب الحياة، الحراكات الشعبية).
ثامناً: لهاث السلطة التنفيذية وأجهزتها وراء المخيمات الفلسطينية التي تشكل باعتقادها أنها خزان كبير للأصوات، ومحاولة التودد منها والتأكيد أنهم مواطنون أردنيون دون أن تمس هويتهم أو حقهم بالعودة، بينما السياسة الرسمية تقدم على إقصائهم وتهميشهم، وخاصة تمتعهم بالحقوق السياسية عبر القوانين والأنظمة، وقانون الانتخاب خير شاهد.
وبعد هذه الملاحظات، فإننا قد نكون أمام مرحلة جديدة من الاحتجاج وتصعيد الحراك بعد الإعلان الرسمي لنتائج الانتخابات، التي مهما بلغت إجراءات تنظيمها من المصداقية، إلا أن نتائج الانتخابات محسومة سلفاً طبقاً للقانون غير الدستوري، وعلى المحكمة الدستورية أن تبادر فوراً إلى أن تقضي بمدى دستورية قانون الانتخابات، ولكن بعيداً عن رأي أو أي هيمنة سياسية أو أمنية، فما ترتب على قانون غير دستوري فنتائجه غير دستورية بالتأكيد.
(السبيل )

تابعو الأردن 24 على google news