2024-05-20 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

لا لإلغاء التوجيهي!

حلمي الأسمر
جو 24 :

كنت حتى وقت قصير جدا جدا ضد هذا الامتحان المريع المسمى «توجيهي» وكتبت عددا لا أذكره لكثرته أدعو لإلغاء الامتحان والاستعاضة عنه بأي شكل من أشكال تقويم الطلبة..

الأسباب التي دعتني وكثيرين للوقوف معارضين للامتحان كثيرة جدا، وربما لا خلاف عليها لدى عدد كبير من الناس، خاصة وانه هذا الامتحان الكريه يدخل التوتر إلى بيوتنا، ويجعل حياتنا على كف عفريت، كما أنه كان سببا لانتحار كثيرين، ومرض كثيرين، و»تعقيد» حياة كثيرين، ثمة وفرة في الأسباب التي تجعل الامتحان مكرها وبشعا ووضيعا، ولكن .....

هناك سبب واحد ووجيه جدا، يجعلني اليوم أرفع صوتي عاليا مناديا بعدم إلغاء هذا الامتحان، والإبقاء عليه كمعيار وحيد أوحد لفرز وتقويم قدرات طلبتنا، أما سبب عودتي الجذرية عن مناصرة من يطالب بإلغاء الامتحان، فهو أنه أصبح المضمار الوحيد المفتوح للفقراء والبسطاء ومن ليس لهم ظهر، كي يفوزوا ويثبتوا قدراتهم وجدارتهم، نعم لم يبق غير التوجيهي أمام المواطن العادي للتنافس الحر بلا تدخلات خارجية، ولا واسطات ولا تليفونات..

حتى وقت ليس بالبعيد كنا مجتمعا نظيفا أو أقرب لهذه الصفة، إن شئنا الدقة، ولم يكن للرشوة أي وجود تقريبا في حياتنا، أما اليوم فنحن مجتمع جديد، يحمل كل أمراض مجتمعات العالم الثالث، وكنا إلى حد ما استثناء، خاصة بالنسبة لموضوع الرشوة، أما اليوم فلا، ولتقرأ معا ما يؤيد هذا الكلام، حيث قال رئيس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، محمد العلاف، إن للفساد في الأردن مستويات أبرزها الفساد في الشركات الكبرى وهو المستوى الموجه إلى موارد الدولة وقد توقف، وإن الفساد الأصغر (الرشوة) في توسع ويتمثل في الرشوة التي تتم لقاء تقديم الخدمة العامة، وهناك عشرون قطاعا حددتها، الهيئة يمارس فيها هذا النوع من الفساد. ويلفت النظر هنا أيضا الدراسة التي نشرها مركز أمريكي على موقع ‹›››››››››››››››كوارتز›››››››››››››››› دراسة حول تفشي الرشوة في العالم وتأثيرها على النواحي الاقتصادية والاجتماعية، حيث جاء الأردن ثانيا بعد الصين، محققا علامة قدرها 5 من أصل 10 علامات في التقييم الذي أعده مركز ‹›››››››››››››››بيو›››››››››››››››› للدراسات ويتوزع على 10 نقاط ، حيث تعني علامة 10 أن الرشوة عامل مهم، فيما علامة صفر أن الرشوة ليست مهمة على الإطلاق. وبحسب الترتيب فان الصين تحتل المرتبة الأولى بين 44 دولة من حيث اعتقاد المواطنين إن دفع الرشوة تعطيك تسهيلات في الحياة، فيما جاءت الأردن في المرتبة الثانية ،مبينا أن الأردنيين يعتقدون أن الرشوة أمر مهم لتسيير الأعمال. ويقول التقرير الذي نشر وتناول موضوع الرشوة والدول التي يعتقد مواطنوها أنهم في حال دفعوا رشاوى فأنهم سيحصلون على تسهيلات لأمورهم بكافة تفرعاتها، ان البرازيل حلت في المرتبة الأخيرة في تلك الدول، وعزا التقرير ذلك الى التدابير الصارمة التي اتخذت في هذا البلد في مجال مكافحة الفساد!

كل هذا يعني أننا – والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه- دخلنا نادي الدول التي تنتشر فيها الرشوة بقوة، ولم نكن من قبل نشهد مثل هذه الظاهرة إلا في نطاق ضيق جدا يكاد لا يُرى، وهذا يعني أن الطالب الفقير الذي لا يستطيع أن «يدفع» ثمنا للتفوق سيبقى فقيرا أبد الدهر، إن حرم ميدان السباق الحر النزيه النظيف المسمى «توجيهي» وسيفوز من يستطيع ولي أمره الدفع أكثر، ولهذا، اصرخ بأعلى صوتي، ورغم كل مضار التوجيهي وسيئاته: لا تحرموا الفقراء من ميدان التنافس هذا، وأبقوا على هذا الامتحان، ربما كنافذة أمل وحيدة، للطالب المتفوق الفقير، كي يبرز مهاراته وتفوقه!

 
تابعو الأردن 24 على google news