لماذا تسرّعت السلطة في إقرار موازنة العام 2013 ؟!
تامر خرمه- إقرار موازنة العام 2013 عبر قانون مؤقت، يثير العديد من التساؤلات حول التسرّع الحكومي في ترجمة الاتفاقيّات المبرمة مع صندوق النقد الدولي قبل انعقاد المجلس النيابي المرتقب، خاصّة وأن الدستور يحدّد آليّات الصرف المتعلقة بالنفقات المستعجلة دون الحاجة إلى إقرار الموازنة التي تتضمّن كافة إيرادات ونفقات الدولة.
السلطة التنفيذيّة قرّرت اللجوء إلى المحكمة الدستوريّة لإقرار موازنة العام الجاري على وجه السرعة.. في ظلّ توجهاتها المعلنة لرفع أسعار العديد من السلع والخدمات، وإصرارها على المضيّ بسياساتها الاقتصاديّة دون مناقشتها مع أي طرف آخر. وتحت عنوان "النفقات المستعجلة" تمّ إقرار هذه الموازنة، على أن يناقشها البرلمان القادم، ولكن بعد أن تكون الحكومة قد باشرت بترجمة قراراتها وتحديد أولويّات الإنفاق.
وفي هذا الصدد أعرب الفقيه الدستوري د. محمد الحموري عن عدم اتفاقه مع ما ذهبت إليه المحكمة الدستوريّة في إجازة إقرار الموازنة وفق قانون مؤقت، "لأن النصّ الدستوري يتحدث عن النفقات المستعجلة التي لا تحتمل التأخير، في حين أن قانون الموازنة يتعلّق بكلّ ما تتضمّنه هذه الموازنة من إيرادات ونفقات"، وفقاً للحموري الذي استدرك بقوله: "ولكن رغم عدم قناعتي بسلامة ما توصلت إليه المحكمة الدستوريّة إلا انّه ينبغي على جميع الأردنيين وأجهزة الدولة أن تخضع لما أقرّته هذه المحكمة، ففي دولة القانون يحقّ لك أن لا تقتنع بسلامة نصّ او قرار، ولكن عليك في النهاية أن تخضع لمّا أقرّه القانون".
وأوضح الحموري أن المادّة 94 من الدستور تحدّد كيفيّة التعامل مع النفقات المستعجلة التي لا تحتمل التأخير بموجب قانون مؤقّت، وفق شروط يحدّدها الدستور صراحة، ولكن هذه الشروط لا تستدعي إقرار الموازنة قبل عرضها على البرلمان.
وأضاف: "وفي النهاية فإن مجلس النوّاب القادم لديه الحق في النظر بقانون الموازنة المؤقت، ويمكن له أن يوافق عليه او أن يعلن بطلانه".
ومن جانبه قال المحلّل الاقتصادي د. منير حمارنة فأشار إلى ان المحكمة الدستوريّة قضت بدستوريّة إقرار الموازنة في قانون مؤقّت نظراً لوجود استحقاقات ماليّة، ولكن ينبغي عرض هذا القانون على البرلمان المقبل لمناقشة الموازنة وكأنّها تعرض للمرّة الأولى.
هذا ما لفت إليه أيضاً المحلّل المالي عبدالمنعم الزعبي، إلا انّه اعتبر أنّ هذه الخطوة "تتسم بالإيجابيّة لأنّها سمحت للحكومة بالمباشرة في إنفاقها الرأسمالي، خاصّة فيما يتعلّق بالمشاريع المموّلة من قبل دول الخليج". وقال الزعبي: "لو تمّ الانتظار حتى انتخاب المجلس النيابي لتعطّلت هذه المشاريع لستة أشهر على الأقل، ما سينعكس سلباً على النموّ الاقتصادي".
وأعرب الزعبي عن تخوّفاته من قيام مجلس النوّاب المرتقب بإجراء تعديلات جوهريّة على الموازنة، معتبراً ان في ذلك نوع من "المخاطرة"، حيث أنّ "جزء من هذه الموازنة لا يمكن تعديله، وسيؤدّي الجزء الآخر منها إلى إرباك في إعادة ترتيب أولويّات الإنفاق والإيرادات العامّة للدولة، خاصّة فيما يتعلّق بالمشاريع التي باشرت بها الحكومة"، على حدّ تعبيره.
أمّا الخبير الاقتصادي حسام عايش فقال: "يبدو أن فترة غياب مجلس النواب شكلت الفرصة للحكومة من أجل تمرير قانون الموازنة وعرض وجهة نظرها الاقتصادية ضمن قانون مؤقت، خارج سياق الحوار الذي كان من الأجدى أن يدور خلال مناقشات واسعة وليس تحت قبّة البرلمان فقط".
وأضاف عايش: "لقد تمّ إقرار هذا القانون المؤقت وفقا للاتفاق الذي أبرمته الحكومة مع صندوق النقد الدولي، حيث سنشهد ارتفاعاً لأسعار الماء والكهرباء خلال شهرين، كما سنشهد فرض المزيد من الرسوم والضرائب على بعض القطاعات والخدمات، وذلك بعد ان أخذت الحكومة على عاتقها مثل هذه القرارات بمعزل عن أي تأثير للسلطة التشريعيّة".
ونوّه إلى أن هذه الخطوة جاءت انطلاقاً من محاولة إبعاد المجلس النيابي المرتقب عن أيّة مشكلات اقتصاديّة، حيث كان انغماس البرلمان السادس عشر في المسألة الاقتصاديّة، هو ما وضعه في مواجهة مع الحراك الشعبي.
وأشار إلى أن مقدار العجز في موازنة العام 2013، التي تمّ إقرارها بقانون مؤقت، وصل إلى 1310 مليون دينارا، كمّا أن "دمج وهيكلة" المؤسّسات المستقلة لم يمنع ارتفاع نفقاتها من 1827 مليون دينارا في موازنة العام 2012 إلى 1880 مليون دينارا في هذه الموازنة.. حيث جرت محاولة تبرير ذلك بخسائر شركة الكهرباء الوطنيّة دون الأخذ بعين الاعتبار إعادة توريد الغاز المصري.