عن عجز الساسة ورهانهم الخاسر.. المتعاملون مع صندوق النقد على انه قدر محتوم !
جو 24 :
كتب المحرر السياسي - ليس سهلا ان يُقدم مطبخ القرار على تغيير الحكومة في الوقت الذي يعرف فيه ، ان الاستحقاق الذي تتعامل معه حكومة هاني الملقي اليوم ، هو ذات الاستحقاق (المأزق) الذي على الحكومة القادمة ان تواجهه ،لذلك لا بد ان نؤكد على حقيقة ان تغيير الوجوه لن يحل المشكلة ، لا بل سيضعنا امام حالة فشل مركبة ، تزيد من درجة الاحتقان وتضاعف حالة الجفاء والسخط وعدم الثقة بالاردن الرسمي ..
هذه ليست دعوة لبقاء الحكومة ،وانما هي مطالبة بتغيير النهج والشخوص في آن معا ،لوضع الامور في نصابها الصحيح قبل ضياع الفرصة ..
اتفاقيتنا مع صندوق النقد ليست قدرا محتوما
جاءت اتفاقيتنا من صندوق النقد الدولي لتسهل الاقتراض الخارجي ،وهذا بطبيعة الحال لا علاقة مباشرة له بثبات سعر صرف الدينار ،فاحتياطاتنا من العملة الصعبة وحسب تقارير البنك المركزي بخير .لذلك يمكننا ان نتجاوز هذه العلاقة المشؤومة مع صندوق النقد اذا ما قررنا مثلا ان نتجاوز مسألة الاستدانة من الخارج ، وتحديدا من تلك المؤسسات والاندية والدول التي تطلب شهادة حسن السير و السلوك من الصندوق..
نستطيع مثلا ان نركز على وزننا السياسي واهميتنا الاستراتيجية ونحن نطلب القروض والمنح من الدول الصديقة والشقيقة ، وذلك دون وضعنا تحت سياط هذه المؤسسة الدولية- صندوق النقد الدولي- التي لا تراعي اية خصوصية لها علاقة بالاوضاع الاقتصادية والاجتماعية لمواطني تلك الدول التي تلجأ لها ، ذلك الصندوق المقيت الذي يتعامل مع الدول والشعوب على انها ارقام مصمته ومعادلات حسابية جامدة ..
نستطيع ان نتجاوز مسألة الاقتراض برمتها ،اذا ما تبنينا نهج اقتصادي قائم على مبدأ ضبط النفقات ، او للدقة تبني برنامج تقشف حقيقي للوصول لحالة من التوازن بين ايرادات الخزينة والنفقات العامة ،ولو تطلب ذلك ان نوقف كل اشكال الانفاق الجاري على البنية التحتية من بناء مستشفيات ومدارس وتعبيد طرق وشراء مركبات واثاث و مياومات وسفرات وتنفيعات وغيرها من اوجه الانفاق الكثيرة ، يرافق ذلك اجراءات جادة لتحصيل المستحقات ، و وقف التهرب الضريبي، ومكافحة الفساد بكل اشكاله وصوره، واستعادت اموال الخزينة من اولئك الذين امتدت ايدهم الطويلة على المال العام .
على الحكومة ان تقرر فورا انهاء علاقتنا مع صندوق النقد الدولي،ووقف اشتراطاته المكلفة اجتماعيا وامنيا واقتصاديا ايضا .وهذا ما عنيناه بقولنا بان المطلوب في هذه المرحلة الحرجة هو تغيير النهج الذي يتطلب نوعية خاصة من المسؤولين القادرين على مخاطبة الناس واقناعهم بصدقية برامجها واجراءاتها ، ونحن هنا نتحدث حتما عن حكومة جديدة من العيار الثقيل وبعدد معقول من الوزراء، للاضطلاع بمهمة اخراجنا من المأزق الذي بات يقض مضاجع الناس، ويشكل خطرا محدقا على امننا واستقرارنا واستقلال قرارنا السياسي والاقتصادي.
الرهان الخاسر
رهان بعض الساسة على مرور تعديلات قانون ضريبة الدخل والمبيعات المقترحة، لعبٌ في النار ، فالحرك الشعبي الذي انطلق في العام ٢٠١١ ، واستمر لثلاث سنوات عجاف جاء بفعل العدوة ،عدوة الثورات العربية التي بدأت في تونس وامتدت لتجتاح غالبية الدول العربية ، هذه الحراكات النخبوية اركزت في دعواتها على مطالب متعلقة بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ،وظلت هذه النخب تحاول تحريك واستمالت جموع الناس في بلدنا دون جدوى ،فظل تأثيرها في حدوده الدنيا واستطاع المركز الامني السياسي حينذاك ان يفككها ويتجاوز اثرها. لذلك ظللنا نؤكد بان المحركات غير المنبثقة من الحالة الاقتصادية الداخلية (الذاتية ) سيظل تأثيرها محدودا ، ولكن ، اذا ما انبثقت هذه الحراكات من رحم معاناة اقتصادية (داخلية ) تمس الغالبية العظمى من المواطنين وتطال لقمة عيشهم ،فلن تتمكن السلطات عندها -مهما بلغت من قوة و حنكة ودهاء - من تطويقها ومنع انفجارها بوجه اولئك الذين لم يبذلوا جهدا في قراءة المؤشرات منذ البداية ،وعندها ستقع الفأس بالرأس و سندفع جميعا الكلفة .