ترخيص الإعلام الإلكتروني
نضال منصور
جو 24 : تشيع الحكومة بأنها تنوي تعديل قانون المطبوعات والنشر من أجل إلغاء أو تخفيض الغرامات والعقوبات الواردة في القانون، وحل كل التشوهات الموجودة فيه كما ورد على لسان وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال راكان المجالي.
اللجنة التي شكلتها الحكومة لتعديل القانون لا تضم سوى موظفين من الحكومة بالإضافة إلى نقيب الصحفيين، ولا نفهم لماذا لم تلجأ حكومتنا إلى توسيع عضوية هذه اللجنة لتضم صحفيين مستقلين، وخبراء قانونيين، ومؤسسات مجتمع مدني، إذا كانت جادة في تحسين البيئة القانونية للإعلام؟!
التجارب السابقة مع تعديل القوانين الناظمة لحرية الإعلام ليست مبشرة بالخير، وتغيير القوانين دائما لا يخلق استقرارا تشريعيا وقضائيا، ويكفي أن نعرف أن قانون المطبوعات والنشر غُير وعُدل منذ عام 1993 ست مرات.
البيئة القانونية المقيدة لحرية الإعلام ليس فقط قانون المطبوعات والنشر، بل هناك ضرورة لتعديل قانون حق الحصول على المعلومات الذي أضفى منذ 5 سنوات بعد إقرارة حصانة لقانون أسرار ووثائق الدولة.
إذا كانت حكومة الرئيس عون الخصاونة راغبة في تعزيز حرية الإعلام، فالوصفة للبدء بذلك سهلة، وننصحها بالعودة إلى الاستراتيجية الإعلامية التي جاءت برغبة ملكية، واجتهد الوزير الأسبق الزميل طاهر العدوان بإنجازها، بالتعاون والعمل المشترك مع قطاع واسع من الخبراء في ميدان الإعلام، ولكن للأسف وضعت في الدرج قبل أن يجف حبرها، وذهبت نفس الحكومة التي أقرتها باتجاه عكسي لإقرار تشريعات ضد حرية الإعلام، ما دفع الوزير لتقديم استقالة مدوية.
بعد أن طلبت الحكومة من الديوان الخاص لتفسير القوانين إفادتها بمعنى التسجيل الاختياري للمواقع الإلكترونية الوارد في قانون المطبوعات، أكد الديوان في قراره الذي صدر منذ أيام على وجوب الترخيص لكل المواقع الإلكترونية. بعد ما حدث لا أتوقع أن الحكومة تمضي لعصرنة قانون المطبوعات، وتخليصه من الغرامات المالية المغلظة، بل يقيني أن الترخيص للإعلام الإلكتروني سيصبح جزءا من منظومة هذا التشريع، فنضيف لترسانة القوانين الناظمة للإعلام قيدا جديدا ننفرد به عن كل العالم، وندخل في متاهة جديدة ولعبة صراع، وتظل الحكومة تؤكد بالكلام أنها مع حرية الإعلام.
قرار تفسير القوانين الذي يلزم بترخيص المواقع الإلكترونية سابقة لا مثيل لها، ولن تستطيع الحكومة تطبيقه وانفاذه، لأنه لم يراع الأبعاد التقنية لعمل الإنترنت، ولم يفهم طبيعة الفضاء الافتراضي الإلكتروني، ولم يدرك أن مثل هذه الفتوى ستلزمه بإخضاع كبرى المواقع الإلكترونية العالمية للترخيص في الأردن، ما سيدفع الأمور لأزمة ويسيء لصورة الأردن وتعهده بحرية الإنترنت، والأخطر من كل ذلك أنه سينقل الإرباك القانوني للقضاء، وطريقة تعاطيه مع قرار تفسير القوانين وآليات ترخيص الإعلام الإلكتروني، وسيرتب حكما أن كل موقع إلكتروني غير مرخص يعتبر مخالفاً ويخضع للعقوبة المنصوص عليها بالقانون، والتي تبدأ من 5 آلاف دينار وحتى 10 آلاف.
في ظل هذه العقلية التي تعيدنا إلى الوراء، كيف يمكن أن نتفاءل بأن التعديل سيكون من مصلحة الصحفيين، والدليل على ذلك أننا لم نسمع ممن يعملون على مراجعة القانون موقفهم من قرار ديوان تفسير القوانين بضرورة ترخيص الإعلام الإلكتروني.
قبل عام وحين أقرت الحكومة التسجيل الاختياري قلنا إنها "مصيدة" قانونية، وحذرنا من التسجيل الاختياري والمزايا الكاذبة التي روجت لها الحكومة آنذاك. واليوم نقول إن مطالبة المواقع الإلكترونية بالترخيص "انتحار" سياسي وقانوني للحكومة قبل أصحاب المواقع الإلكترونية، وسيجلب العار للدولة الأردنية عالمياً.
تستهجن حكومتنا أن يتراجع موقع الأردن ضمن مؤشرات الحرية الإعلامية دولياً، في تقرير حالة الحريات الإعلامية في الأردن للعام 2010 الذي أصدره مركز حماية وحرية الصحفيين بعنوان "على الحافة"، ونقول لهم "شوفوا" أفعالكم وممارساتكم لتعرفوا لماذا نعود إلى الوراء؟ فما هو وضعنا في عام 2011 بعد أن اقترب التقرير على الصدور في اليوم العالمي لحرية الصحافة في الثالث من آيار القادم، وبعد أن أصبح الاعتداء الممنهج على الإعلاميين ممارسة شائعة؟.
الغد
اللجنة التي شكلتها الحكومة لتعديل القانون لا تضم سوى موظفين من الحكومة بالإضافة إلى نقيب الصحفيين، ولا نفهم لماذا لم تلجأ حكومتنا إلى توسيع عضوية هذه اللجنة لتضم صحفيين مستقلين، وخبراء قانونيين، ومؤسسات مجتمع مدني، إذا كانت جادة في تحسين البيئة القانونية للإعلام؟!
التجارب السابقة مع تعديل القوانين الناظمة لحرية الإعلام ليست مبشرة بالخير، وتغيير القوانين دائما لا يخلق استقرارا تشريعيا وقضائيا، ويكفي أن نعرف أن قانون المطبوعات والنشر غُير وعُدل منذ عام 1993 ست مرات.
البيئة القانونية المقيدة لحرية الإعلام ليس فقط قانون المطبوعات والنشر، بل هناك ضرورة لتعديل قانون حق الحصول على المعلومات الذي أضفى منذ 5 سنوات بعد إقرارة حصانة لقانون أسرار ووثائق الدولة.
إذا كانت حكومة الرئيس عون الخصاونة راغبة في تعزيز حرية الإعلام، فالوصفة للبدء بذلك سهلة، وننصحها بالعودة إلى الاستراتيجية الإعلامية التي جاءت برغبة ملكية، واجتهد الوزير الأسبق الزميل طاهر العدوان بإنجازها، بالتعاون والعمل المشترك مع قطاع واسع من الخبراء في ميدان الإعلام، ولكن للأسف وضعت في الدرج قبل أن يجف حبرها، وذهبت نفس الحكومة التي أقرتها باتجاه عكسي لإقرار تشريعات ضد حرية الإعلام، ما دفع الوزير لتقديم استقالة مدوية.
بعد أن طلبت الحكومة من الديوان الخاص لتفسير القوانين إفادتها بمعنى التسجيل الاختياري للمواقع الإلكترونية الوارد في قانون المطبوعات، أكد الديوان في قراره الذي صدر منذ أيام على وجوب الترخيص لكل المواقع الإلكترونية. بعد ما حدث لا أتوقع أن الحكومة تمضي لعصرنة قانون المطبوعات، وتخليصه من الغرامات المالية المغلظة، بل يقيني أن الترخيص للإعلام الإلكتروني سيصبح جزءا من منظومة هذا التشريع، فنضيف لترسانة القوانين الناظمة للإعلام قيدا جديدا ننفرد به عن كل العالم، وندخل في متاهة جديدة ولعبة صراع، وتظل الحكومة تؤكد بالكلام أنها مع حرية الإعلام.
قرار تفسير القوانين الذي يلزم بترخيص المواقع الإلكترونية سابقة لا مثيل لها، ولن تستطيع الحكومة تطبيقه وانفاذه، لأنه لم يراع الأبعاد التقنية لعمل الإنترنت، ولم يفهم طبيعة الفضاء الافتراضي الإلكتروني، ولم يدرك أن مثل هذه الفتوى ستلزمه بإخضاع كبرى المواقع الإلكترونية العالمية للترخيص في الأردن، ما سيدفع الأمور لأزمة ويسيء لصورة الأردن وتعهده بحرية الإنترنت، والأخطر من كل ذلك أنه سينقل الإرباك القانوني للقضاء، وطريقة تعاطيه مع قرار تفسير القوانين وآليات ترخيص الإعلام الإلكتروني، وسيرتب حكما أن كل موقع إلكتروني غير مرخص يعتبر مخالفاً ويخضع للعقوبة المنصوص عليها بالقانون، والتي تبدأ من 5 آلاف دينار وحتى 10 آلاف.
في ظل هذه العقلية التي تعيدنا إلى الوراء، كيف يمكن أن نتفاءل بأن التعديل سيكون من مصلحة الصحفيين، والدليل على ذلك أننا لم نسمع ممن يعملون على مراجعة القانون موقفهم من قرار ديوان تفسير القوانين بضرورة ترخيص الإعلام الإلكتروني.
قبل عام وحين أقرت الحكومة التسجيل الاختياري قلنا إنها "مصيدة" قانونية، وحذرنا من التسجيل الاختياري والمزايا الكاذبة التي روجت لها الحكومة آنذاك. واليوم نقول إن مطالبة المواقع الإلكترونية بالترخيص "انتحار" سياسي وقانوني للحكومة قبل أصحاب المواقع الإلكترونية، وسيجلب العار للدولة الأردنية عالمياً.
تستهجن حكومتنا أن يتراجع موقع الأردن ضمن مؤشرات الحرية الإعلامية دولياً، في تقرير حالة الحريات الإعلامية في الأردن للعام 2010 الذي أصدره مركز حماية وحرية الصحفيين بعنوان "على الحافة"، ونقول لهم "شوفوا" أفعالكم وممارساتكم لتعرفوا لماذا نعود إلى الوراء؟ فما هو وضعنا في عام 2011 بعد أن اقترب التقرير على الصدور في اليوم العالمي لحرية الصحافة في الثالث من آيار القادم، وبعد أن أصبح الاعتداء الممنهج على الإعلاميين ممارسة شائعة؟.
الغد