الخبز أولوية وطنية.. وبرنامج الاصلاح ينفذ وفق اشتراطات صندوق النقد!
خالد الزبيدي
جو 24 :
ارتبط الخبز منذ آلاف السنين بقوت الناس، وفي الاديان السماوية ارتبط بالخبز بإستقرار العيش، وفي موروث الامة كان ولا زال الخبز عنوان استقرار واستقلال، وبالرغم من ذلك تصر الحكومات على اخضاع الخبز الى ارقام ونسب مالية ودعم وبدل دعم ووصفات دولية للتصحيح الاقتصادي المشؤومة، وامكانية توفير هنا وانفاق هناك، وفي العصر الحديث كانت ثورات الشعوب بدءا من فرنسا الى مناطق مختلفة في العالم كان الخبز هو المحرك الرئيسي لها.
ارتفاع وتيرة الحديث عن رفع الدعم عن الخبز والوفورات التي تتحقق من ذلك تظهر مدى ابتعاد المسؤولين عن احتياجات العامة، وينظرون الى قضايا غاية في الاهمية من برج عال، لايعرفون مدى اهمية الخبز على مائدة الفقراء ومتوسطي الحال في الارياف والقرى والبادية، فالاسرة المتوسطة تستهلك يوميا كمية غير قليلة من الخبز، ويعتبر المادة الرئيسية في طعامهم اليومي، ومسألة الهدر في الخبز مسألة لازالت تعشعش في اذهان مسؤولين واسرهم لايتناولون الخبز الشعبي في حياتهم اليومية.
أما ملاحقة الوافدين في الخبز مسألة تحتاج لبحث وإجراء دراسة للمضاعفات الاقتصادية جراء رفع سلعة ارتكازية في احتياجات قراية ثلاثة ملايين نسمة من غير الاردنيين، فالوافدين سيرحلون تكاليف معيشتهم الاضافية الى الاردنيين والقطاعات الاقتصادية، اي ان قرار رفع الدعم عن الخبز سيتضاعف اثره على المجتمع والاقتصاد في نهاية المطاف، ومن لا يعرف ذلك عليه ان يعيد دراسة اثر المضاعفات الاقتصادية والاجتماعية لرفع اسعار سلع ارتكازية مثل الخبز والطاقة بشكل خاص.
الايرادات المحلية والمنح والمساعدات في موازنة العام الحالي تقدر بـ 8119 مليون دينار، اكثر من 7.6 مليار دينار حصيلة الضرائب والرسوم وايرادات اخرى، اي ان الاردنيين والوافدين يدفعون ضرائب مختلفة والحكمة تستدعي دعم الخبز لحماية الاستقرار، فالاردن يعد من اكثر دول المنطقة من حيث ارتفاع الاعباء الضريبية والرسوم المختلفة على المواطنين والوافدين، وارتفاع ايرادات الخزينة في ظل ظروف اقتصادية واستثمارية غير مؤاتية تؤكد مدى تشدد السياسات المالية المتلاحقة وحرصها على تلبية اشتراطات صندوق النقد الدولي الحقت اضرارا بالغة بالقدرة الشرائية للعامة، وقدرة الاقتصاد على النمو.
مرة جديدة نؤكد ..ان الخبز أهم من وصفات الصندوق، وعلينا جميعا إعادة قراءة التاريخ الحديث فالاردن استمر في زراعة وتصدير اجود انواع القمح حتى العام 1940/1942، وفي ستينيات القرن الماضي استجاب الاردنيون لطلب الرئيس وصفي التل بزراعة القمح ردا على تجاوز السفير الامريكي آنذاك على الاردنيين وقدراتهم على الانتاج، وفي ذلك الموسم فاض الانتاج من القمح وتم التصدير الى الخارج، اليوم لدينا مناطق قادرة على زراعة القمح في الديسه، والشمال ومناطق الشفا والمفرق، لكن يبدوا اننا بحاجة الى عزيمة وصفي رحمه الله.