jo24_banner
jo24_banner

الوضع في سوريا

د. لبيب قمحاوي
جو 24 :
كتب د . لبيب قمحاوي - 

في الوقت الذي تتداول فيه وسائل الاعلام بإهتمام ملحوظ تطورات الموقف في سوريا ، من المهم وضع الجميع في صورة الشواخص الرئيسية في الوضع الحالي والتي سوف تؤثر حتماً على صيغة الحل النهائي للصراع الدائر هناك .

كل من يريد معرفة حقيقة ما يجرى في سوريا الآن دون عواطف أو مواربة وبغض النظر عن الأسباب والمسببات لما جرى وما سيجرى ، فإن الحقائق التالية يجب أن تبقى ماثلة في الذهن طوال الوقت لأنها ستحدد طبيعة الحل النهائي للحرب الدائرة في سوريا ، علماً أن معظمها حقائق مفروضة من الآخرين على سوريا وعلى الشعب السوري : -

أولاً :التواجد الروسي و الأمريكي على الأرض السورية هو الأهم و الأكثر تأثيراً على مستقبل سوريا . وهذا التواجد يبقى بعيداً عن التنافس ويعكس وجود تنسيقا مستمراً بين الفريقين واعترافاً متبادلاً بحق كليهما في التواجد على الأرض السورية ، وبالتالي أحتراماً متبادلاً من كل فريق لمصالح الفريق الآخر من وراء ذلك التواجد .

ثانياً : هنالك جيوش رسمية أجنبية روسية و أمريكية وتركية تعمل الآن في سوريا بشكل رئيسي ومباشر بالإضافة الى قوات شبه عسكرية لكل من ايران وحزب الله ، وقوات شكلية من أوروبا .

ثالثاً : لقد أصبحت سوريا عبارة عن مناطق نفوذ مدعومة بقوات عسكرية تابعة لكل من روسيا و أمريكا وتركيا . وهكذا فإن الأراضي السورية أصبحت عبارة عن مناطق نفوذ خاضعة لدول أجنبية ولكن ضمن مُسمى الدولة السورية التي تحولت عملياً من دولة مركزية إلى دولة هلامية ذات ولاية مطاطية لاتشمل سيادتها مجمل الأراضي السورية ، علما ً أن الوضع النهائي ما زال قيد التشكيل .
ولكن تبقى الحقيقة أنه عندما تتحول أي دولة مركزية الى أي صفة أخرى ، فإن ذلك يعني عملياً التقسيم حتى لو لم يتم إعلان ذلك رسمياً .

رابعاً : القوات الروسية لن تنسحب من سوريا في المدى المنظور ، و أمريكا أعلنت مؤخراً أن عملياتها العسكرية في سوريا بعيدة جداً عن الانتهاء ، و وجود القوات التركية في سوريا مرتبط بالمصير النهائي لشمال سوريا و بالتحديد المناطق الكردية وكذلك مصير أكثر من مليوني لاجئ سوري في تركيا . وهذا يعني أن بقاء مجموع تلك القوات على الأراضي السورية في المدى المنظور هو أمر شبه مؤكد .

خامساً : تحاول روسيا فرض رؤيتها على ما يتوجب أن تكون عليه الخارطة الداخلية لسوريا و العلاقات بين أبناء الشعب السوري واللذين تصفهم روسيا "بالشعوب السورية" مع تجاهل واضح لعروبة سوريا ، ناهيك عن محاولاتها المستمرة لصياغة دستور جديد ينسجم مع الرؤيا الروسية ومصالحها . أما أمريكا فهي أكثر اهتماماً بالتبعات الاقليمية للحل النهائي للصراع في سوريا بما في ذلك مستقبل " حزب الله " والدور الايراني في مستقبل سوريا والمنطقة ، كل ذلك بالطبع ، ضمن الرؤيا و المصلحة الإسرائيلية .
أساس الموقف الروسي هو رغبة روسيا في البقاء في سوريا لأمد طويل جداً وبالتالي أهمية تفصيل الوضع الداخلي في سوريا على مقاس الأهداف الروسية ، في حين أن أساس الموقف الأمريكي هو مصالح أمريكا الاقليمية والتي تُعتَبر سوريا جزأً منها وليس اللاعب الوحيد فيها .

سادساً: مستقبل الوجود العسكري الايراني في سوريا وكذلك حزب الله مؤقت ولن يُسمح لهما بلعب دور في تحديد المستقبل النهائي لسوريا وذلك باتفاق روسي – أمريكي صامت .

سابعاًً: ان كيفية حسم الصراع في سوريا وطبيعة الحل النهائي سوف تراعي بالنتيجة المصالح الاسرائيلية خصوصاً و أن روسيا و أمريكا تتمتعان بعلاقات استثنائية مع اسرائيل تحت إدارة نتنياهو .

ثامناً: بغض النظر عن الأدوار السيئة و السلبية التي لعبتها بعض الدول العربية في بداية الصراع ، فإن أي دور عربي في سوريا قد أصبح الآن هامشياً جدا ً وغير موجود وغير مؤثر كونه استنفذ أغراضه في إعطاء الأخرين العذر والفرصة للتدخل العسكري المباشر في سوريا و تدويل الصراع الداخلي فيها .
هذه هي المؤشرات الرئيسية حتى الآن وهي حقائق و وقائع يجب الإنتباه إليها بغض النظر عن أي رأي أو موقفٍ سياسي . وفي كل الأحوال ، من الضروري الانتباه إلى أن بقاء النظام السوري لا يعني انتصار سوريا . إن وحدة الأراضي السورية والشعب السوري وإستقلال إرادته هي النصر الحقيقي المنشود و المطلوب بغض النظر عن بقاء النظام من عَدَمِه .
تابعو الأردن 24 على google news