مراهقين سياسة وشخير طويل !!
في علم النفس، هناك اصطلاح يوصف به الإنسان الذي يركب موج المراهقة متأخرا، ويسمى بأزمة منتصف العمر او المراهقة الثانية (مراهقة) ما بعد الاربعين وما الى ذلك من مسميات ، فتجد عمره 50 عاما مثلا ، وهو يتشبشب -كحيلة دفاعية بعيدا عن الواقع او الهجوم الذي يحرز اهداف حقيقية او على الاقل يصنعها.. فيمارس دور الشاب المراهق في لبس الثياب، أو قصة الشعر أو في الحركات او العرط في فرد العضلات وعلى راي (الاربع قطط) برات البيت عاملي عنتر مع انه (يلهم كمشتين دواء كل يوم) !! وهنا لن اطيل الكلام عن هذا النوع فهو ليس الموضوع لهذا المقال..
أقول وجد في الاونة الاخيرة و حصريا في الاردن نوع اخر من المراهقة وهي المراهقة السياسية.. فقد تسللت المراهقة والطيش الى السياسيين أيضا فوجد ما يسمى بالمراهقين العتاقى رغم قدمهم في الحياة وتشبثهم بها، فتجد انسانا في عمر الـ 80، لكنه يمارس دور المراهق في تعاطيه للسياسة!! وكانه (كي جي ون سياسة)، وتجد اخرا مخضرما كما يقال لا يعرف متى استقلت الاردن، وتجد احدهم كاتم على انفاسنا منذ 30 عاما (ومتحندر لكلشي ومفتي بكل الامور بغير وضوء ولا طهارة فكرية ) يدلي بتصريح يخرب بيت الي خلف خلف الخلفونا !!! وتجد احدهم بلغ من الكبر عتيا ومترشح أو ممثل للشباب ويتكلم باسم الشباب ....الخ .
اقول بالنسبة الى المراهق الاول و في السلوك العملي، أجد نفسي لا أعتبرها مراهقة لكبير السن هذا ، فإن حافظ على مظهره واعتنى بلباسه وصبغ شعرة وتفنن بمشيته.. فهذا شانه ولن يوثر كثيرا على غيره او يسبب لهم الالم والمصائب والافلاس وخراب البيوت.. فمثلا لو ان احدهم جلس ساعتين يقنعك ان الخير بالعتاقى وان شباب اليوم ( فصدق فاضي ) وشطح ونطح وعلى راي المثل (ما اكذب من شابٍ تغرَّب.. الاّ ختيار ماتت جياله): فلا ضير في ذلك، فكلام الليل يمحوه النهار، وكلها قعدة (عصير تفاح ) بتروح الشربة وبترجع الفكرة.
اقول أن المراهقة هي مرحلة حاسمة في حياة الانسان و فيها تتم عملية اكتمال النضج لديه.. و تعتبر المراهقة وفقاً لهذه المفاهيم فترة زمنية تتميز بالتمرد الهدام أو الانتقال المزعج بين الطفولة و الرشد..
وبناء على ماسبق فإن علامات الوعي و الإدراك والتقدير والحكمة في التعاطي مع المشكلات والأزمات والصراعات والإحباط والقلق غائبة لدى المراهق السياسيين في بلدنا.. فهم يلعبون بمستقبل البلد دون وعي وتقدير لما قد يسببونه من مشكلات.
نعم نشأت فئة تمثل عددا من السياسيين وخصوصا في العشر سنوات الماضية، نشأة سياسية مترهلة في ظل مناخ سياسي يشوبه السطحية وعدم الإدراك الكامل بالركائز السياسية التي ينبغي أن تقوم عليها الأوضاع في البلاد، ولم يكونوا في أي وقت من الأوقات في وضع يمكنهم من حضور سياسي أو حضور فكري عصري.. فلا احزاب حقيقية ولا رجالات قيادية قوية تشد من العزم السياسي متوفرة في بلدنا الان وهذا واقع وان تجاهلناه.
أنا لست متشائما كثيرا بالقادم ، مع ان هناك تحالفات ومراهقات سياسية وايديولوجية لابقاء الناس في عالم التخلف وجلد الوطن والمواطن والضحك على الذقون.. لان الوعي والعلم وحب الوطن سوف يهدم كل سياج المقزمين.. نعم قد تكون في بعض الامور استحالة تغير عاداتنا السياسية التي شوهت ثقافتنا في هذا البلد الجميل، كاستحالة تحول لون الجلد الاسود الى لون أشقر والقرد الى غزال حتى وان قالت امة (اي القرد) انه بعينها غزال.
« خلاصة الأمر، إننا نعاني أزمات منها سياسية والاخرى اقتصادية وكذلك عصابية وشللية ومحسوبية واقليمية وعنصرية وتكفيرية كذلك.. وما يجري اليوم من سياسات مرتجلة، مثالية، حالمة، رومانسية لابعد الحدود لدليل واضح على اننا مازلنا نعيش أحلاما رومانسية بعيدا عن الواقع والواقعية ، واننا لانستفيد من التجارب الاخرين.
في علم النفس، يعبر عن مثل هذا العصر بعصر القلق: يميل غالبية الناس في عصر القلق الذي نعيش الى أن يعهدوا للحزب او الحركة او الجماعة بالتفكير لهم فيمتثلوا قيمها أو ماتدعو اليه قولا لا فعلا . وهذا ما يحدث اليوم في الساحة السياسية الاردنية من مراهقات ومهاترات سياسية، كل مجموعة تضع عقلها في ثلاجة زعيمها او ممولها او مرشدها ، وتنام، وهناك من يريد الحفاظ على الشخير العام ولا يصحح المسار وحماك الله يا اردن.