«حفرة» جرش!
لو حدثني أحد ما بأن منطقة سياحية كجرش، يمكن أن يقع فيها هذا الأمر لما صدقت!
فجرش ليست مقصدا سياحيا فقط، ولا حاضنة للمهرجانات التي طبقت سمعتها الأفاق، بل هي أيضا مكان لسكن أكثر من خمسمائة الف مواطن، إضافة لما يزيد عن مائتي ألف يسكنون قراها، ومع ذلك، تستقبلك فور أن تدخلها رائحة لا يرغب أحد بأن يشمها، حتى ولو كان في عمق الصحراء، فكيف بمنطقة مأهولة بالبشر والسياح والمحتفلين؟
ومثلما تستقبلك تلك الرائحة، تودعك، بل تعلق بسيارتك تلك البقايا غير المستحبة، وربما ترافقك رائحتها حتى تصل عمان، كأنها «تحمّلك» ذكرى غير عطرة بالتأكيد، كي لا تنسى تلك الأقدار التي ساقتك إلى بقعة جميلة من هذا الوطن العزيز!
وكي لا يكون كلامنا جزافا، دعونا نقرأ ما كتبه لي المهندس ثامر القادري، أحد أقرب جيران «المَعْلم» المكرهة، حيث يقع مشتله الزراعي الأشهر، مقابلها تماما، حتى أن زبائنه الذين يقصدونه لشراء الزهور والورود والأشجار المثمرة، عليهم أن «يتعطروا» برائحة مياه الصرف الصحي التي «تسبح» في الشارع، وربما يسارعون للهرب منه، إذ قد يعتقدون أن الرائحة الكريهة، هي رائحة وروده وزهوره! كتب يقول: الموضوع هو الحُفرة الامتصاصية القريبة من إشارة باب عمان في جرش مقابل مشاتل القادري.
ما تزال مشكلة هذه الحفرة الامتصاصية مصدر خطر وإزعاج لجميع المحلات والمنازل القريبة منها وجميع المركبات القادمة إلى جرش والخارجة منها حيث تملأ المياه العادمة الشارع الرئيس بأكمله، ورائحة القذارة تعلق بالسيارات حتى تصل إلى عمان، والعجيب ان هذه الحفرة الصغيرة والقديمة لا تتجاوز 4 أمتار طولا ومثلها عرضا، والأعجب انها تخدم اكثر من 50 محلا ومنزلا من ضمنهم مدرسة أساسية، ودائماً ما تكون قد طفحت بالمياه العادمة، ما يُشكّل خطراً على المركبات القادمة من إشارة (باب عمان) باتجاه عمان.
أمّا من ناحية الإزعاج، فحدّث ولا حرج، فجميع المحلات القريبة وجميع من يدخل ويخرج من جرش قد تأذى وتضرر بشكل كبير من هذه الرائحة المقرفة والسيئة، علماً أنّنا راجعنا سلطة المياه فأنكرت علاقتها وراجعنا الصحة والبلدية وشرطة البيئة وراجعنا العديد من المعنيين ولكن لا حلول بل مجرد إنكار للمسؤولية وتحويل الشكوى على عاتق جهة أخرى، والجميع يُخلي مسؤوليته من الموضوع، علماً بأنّنا تقدمنا باقتراح مد خط ناقل للمياه العادمة من الحفرة الى محطة التنقية التي يتم تطويرها حالياً والتي تبعد أقل من 900م، والكلفة لن تتعدى 30 الف دينار، أي اقل من كلفة التفريغ التي تكلفتها بلدية جرش، (علمت أنه يتم نضح الحفرة أربع مرات في اليوم، ولا فائدة!) تقدمنا بهذه الفكرة الى سلطة المياه التي لطالما تواصلنا معها ولكن لا جدوى ولا حياة لمن تنادي، علماً ان الموضوع من اختصاصهم وضمن صلاحياتهم، حتى الصهريج الذي يقوم بتفريغ الحفرة أكثر من مرة في اليوم تُرسله بلدية جرش مشكورة، وهي من تتحمل كلفته.
إن حجم الضرر والإزعاج الذي نتعرض له يومياً لا يُحتمل، إذ إن هذه الحفرة تقع في واجهة محافظة جرش التي يُقال أنها محافظة سياحية والمفروض أن تحظى بقليل من الاهتمام من المسؤولين؛ ولكن للأسف حجم الإهمال واللامبالاة لا يُحتمل.
كالعادة نوجه هذه الشكوى لجريدتكم التي لطالما بثّت همومنا ومشكلاتنا من خلالها، فشكرا لكم وتحية لجهودكم..
انتهت رسالة المهندس ثامر، التي «زينها» ببعض الصور، ولم أكتف بالطبع بالرسالة، فقد قادتني قدماي إلى المكان، وعاينته بنفسي، ورأيت بأم عيني الشارع المقصود وقد غطته المياه العادمة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فتلك مشكلة صغيرة جدا في حجمها لجهة كلفة معالجتها التي لا تزيد على خمسين ألفا هي كلفة زيارة وفد لبلد ما، أو مؤتمر حول «جودة البيئة» أو إعلان لتسويق الأردن سياحيا(!).