قرارات لن تحرر حبة رمل!
فقهاء القانون الدولي يقولون أن الفيتو الأمريكي ضد مشروع قرار مجلس الأمن الدولي بشأن القدس كان مجرد خديعة؛ إذ كان بالإمكان منع الفيتو لو ذكر معدو المشروع اسم الولايات المتحدة؛ لأن أمريكا ستصبح حينها طرفا في النزاع وبالتالي لا يحق لها التصويت، لكن المشروع لم يذكر اسم الولايات المتحدة إطلاقًا، وهذا ما سمح لها باستعمال الفيتو، حسب نص المادة السابعة والعشرين من ميثاق الأمم المتحدة، وهي تنص على ما يلي:
1- يكون لكل عضو من أعضاء مجلس الأمن صوت واحد.
2- تصدر قرارات مجلس الأمن في المسائل الإجرائية بموافقة تسعة من أعضائه.
3- تصدر قرارات مجلس الأمن في المسائل الأخرى كافة بموافقة أصوات تسعة من أعضائه يكون من بينها أصوات الأعضاء الدائمين متفقة، بشرط أنه في القرارات المتخذة تطبيقا لأحكام الفصل السادس والفقرة 3 من المادة 52 يمتنع من كان طرفا في النزاع عن التصويت.
ومصداقا لهذا الأمر، يقول فقهاء القانون الدولي، أنه حينما قدمت سوريا ولبنان طلبا لمجلس الأمن بإجلاء القوات الفرنسية، امتنعت فرنسا عن التصويت حتى لا تكون خصما وحكما في الوقت نفسه!
أما أهم ما ورد في مشروع القرار، فهو ما يلي:
يشدد مشروع القرار على أن وضع القدس «يجب أن يتم حلّه عبر التفاوض»، ويعبر عن «الأسف العميق للقرارات الأخيرة المتعلقة بالقدس»، دون الإشارة إلى الولايات المتحدة وقرار الرئيس دونالد ترمب الذي اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده للمدينة المحتلة(!).. ويؤكد النص أن «أي قرار أو عمل يهدف إلى تغيير الطابع أو الوضع أو التكوين الديموغرافي» للقدس «لا يتمتع بأي سلطة قانونية وهو باطل ولاغ ولا بد من سحبه».
ويدعو مشروع القرار كل الدول إلى الامتناع عن فتح سفارات في القدس؛ ما يعكس مخاوف من أن تحذو دول أخرى حذو الولايات المتحدة، كما يطالب كل الدول الأعضاء بعدم الاعتراف بأي إجراءات مخالفة لقرارات الأمم المتحدة حول وضع المدينة المقدسة.
وهنا لنا تعليق على ما جرى..
هل انتبه معدو مشروع القرار العرب لهذه المسألة ابتداء ؟ أم أن الأمر كان مجرد خطأ لم ينتبه له معدو المشروع، ووقعوا في فخ الجهل، فحدث ما حدث؟ والحقيقة أن كلا الاحتمالين يؤديان إلى النتيجة نفسها..فإن كنت تدري فتلك مصيبة، وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم!
وحسبنا الله ونعم الوكيل!!
من «الجميل» هنا استذكار ما قالته السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي بعد تصويتها بالرفض على القرار إنها «لا تشعر بالخجل» من قرار استخدام الفيتو، بل وجهت هجوما حادا ضد أعضاء مجلس الأمن والمجتمع الدولي الرافض لقرار ترمب، وقالت هيلي إن التصويت في المجلس على مشروع القرار هو «إهانة لن ننساها أبدا»، معتبرة أن العملية «مثال جديد على تسبب الأمم المتحدة بالضرر أكثر مما تتسبب بما هو مفيد في التعامل مع النزاع الإسرائيلي الفلسطيني»!!
هذا فصل آخر من فصول مأساة العرب، عرفوا أم لم يعرفوا، قصدوا أم لم يقصدوا، فالنتيجة واحدة، ومن أسف أنهم هرعوا للأمم المتحدة لاستصدار قرار بديل بهذا الشأن، إذ لا تستطيع الولايات المتحدة اتخاذ قرارا بالفيتو، ومهما يكن من أمر، فلو جمعت قرارات الأمم المتحدة المؤيدة للحقوق العربية في فلسطين، وهي بالعشرات بل ربما بالمئات، لما استطاعت أن تحرر حبة رمل!