عهد التميمي
ايمان نمر عودة -
"مين مفكر حالك؟ ازا لابس درع وماسك سلاح بتخوف الفلسطينية؟ ما فشرت امك تخوفني!"
عبثا كنت احاول كتابة مقدمة لمقالي هذا عن شقراء الشعر زرقاء العيون ذات العنفوان عهد التميمي الى ان تذكرت كلماتها هذه وعدت لاسمعها مرة اخرى، وهنا يستحضرني بيت شعر لابي تمام يقول فيه:
من عهد اسكندر او قبل ذلك قد شابت
نواصي الليالي وهي لم تشب
عذرا ابا تمام دعني استبدل بعض الكلمات ليصبح كالتالي:
من عهد فلسطين او قبل ذلك قد شابت
نواصي اسرائيل وفلسطين لم تشب
تقف الحروف عاجزة عن وصف هذه الشجاعة الشقراء وريشة قلمي ترفض التحرك امام جبروت شخصيتها والسطور لا اجد فيها متسعا يكفي لوصف ذات العيون الزرق بلهجتها الفلسطينية الاصيلة وهي تقول "انكلع من هان".. لكن لا بد ان اكتب حتى ولو لم يقرأ احد، لابد ان افرغ شحنات طاقتي تجاه هذه العهد..
عهد من مواليد قرية النبي صالح قرب رام الله عام 2001 ، يعني انها تبلغ من العمر فقط 17 عاما فقط ووقفت في وجه جنود الاحتلال تارة لانقاذ اخيها وتارة ثانية لانقاذ والدتها وثالثة لطرده من امام منزلها وحيها وحارتها لتوصل رسالة مضمونها واحد فقط "انكلع من هان" مما يعني انها ليست ارضكم اخرجوا منها غير امنيين وغير سالمين هي ليست لكم لماذا انتم هنا؟!!
عهد التميمي التي قالت يوما "احنا بدنا نظل نستنى صلاح دين ثاني ييجي يحررها ، ليش ما نصنع من انفسنا صلاح الدين ونحررها" هذا العهد الذي يجب ان يكون عهدا علينا، ولكن من هي عهد التميمي؟؟؟
عهد التميمي ولدت وترعرت في كنف عائلة تعرف حقا معنى الوطن ، حيث اعتقل والدها في الاعوام 1988و 1993، ووالدتها كذلك تعرضت للاعتقال اكثر من خمس مرات لقيامها بتوثيق جرائم الاحتلال بالكاميرا.
الهذا العهد جاء الجبناء بعشرين دورية عسكرية مدججين بالخوذ والسلاح ؟ ولاعتقالها في ساعة متأخرة من ليلة 18-12-2017 ؟ بأي جرم؟ لانها فلسطينية شامخة تدافع عن ارضها!!!
الهذا العهد تم مصادرة كافة اجهزة الحواسيب والكاميرات والهواتف من منزل زرقاء العيون؟!!
الهذا العهد تم اعتقال والدتها عندما ذهبت للاطمئنان على عهدها؟!!
الهذا العهد تم اعتقال والدها داخل قاعة المحكمة؟!!
الهذا العهد تم اصابتها اكثر من ثلاث مرات برصاص الاحتلال المطاطي وتعرضها للكسر عدة مرات ولكنها بقيت شامخة كزيتون فلسطين؟!!
هي قطعت عهدا على نفسها ان لا تستسلم لأي من هذه الضغوطات وان لا تركع تحت اي ظرف لأي جندي يهددها او يرفع السلاح في وجهها.
تأملت كثيرا صورها واكثر الصور التي وقفت عندها صورتها داخل المحكمة بشعرها الاشقر الذي يشبه سنابل قمح فلسطين وبعيونها الزرقاء التي تشبه مياه البحر في عكا، قامتها تأبى الركوع وابتسامتها على محياها دوما رغم احاطتها بمجندتين وتكبيلها بالسلاسل إلا انها لا زالت تقول "انا الحمدلله كويسة" ، صدر قرار المحكمة بحبسها سنتين مع غرامة 6000 شيكل ومع ذلك تقول الحمدلله. عهد فلسطين امامك انحني واياك احترم وبك لا زال الامل موجودا.
من جديد ستدخلين السجن محكومة لا موقوفة ليس هناك فرق الا بالمدة فقط، هأنت تدخلين السجن البارد جدرانا والدافىء عنفوانا وعزة وكبرياء، عهد التميمي لم يهزمها قيد السجانين ولم يكسرها جوع الزنازين ولم تبهت ابتسامتها وعيونها الزرقاء وشعرها الاشقر وهامتها العالية امام ظلم الظالمين.
لا بأس يا عهدنا سوف تمضي ايام السجن وفي كل دقيقة داخل سجنهم يزداد الحقد والكره لهم اكثر.
هم يعتقدون انهم سجونك خلف قضبانهم ولا يعلمون انك حرة النفس والتنفس والرأي والعقل والقلم والرسم، انسجي من ايامك يا عهدنا قلادة صبر واصبري فلابد للقيد يوما ان ينكسر ولابد للسجن يوما ان ينتهي.
يظنون انهم كسروك او انهم قد هزموك لا والف لا ، ما زادتك الزنزانة الا قوة وثقة من خلال ابتسامتك ، وجبروت من خلال نظراتك، وعنفوان من خلال كلماتك.
عهد التميمي انت من يمثلني كلي فخر بك
ترهات ولها بقية
تابعو الأردن 24 على 
