الحكومة فشلت بتحصيل الـ450 مليون في 2017 فكيف ستحصّل 900 مليون في 2018؟!
النائب معتز أبو رمان
جو 24 :
الحكومة فشلت بتحقيق 450 مليون ايرادات الضريبيه العام السابق فكيف ستحقق 900 مليون العام القادم ؟!"
مخالفتي للموازنه ليست عدميه بل ايجابيه لأعلق الجرس و أقدم الحلول ، و رغم تمريرها بسرعة تاريخيه الا انها الموازنه الاخطر في حياة الدوله و بقرار الأغلبيه العظمى ! الا أن ذلك لن يقلل من واجبي اتجاه مراقبة أداء الحكومه على تحقيق وعودها ، لأن الأصل بالموازنات أن تكون مقيمه بنتائج الأداء .
و أرى هنا أن التحدي الأصعب سيكون في بند الايرادات العامه حيث توقعت الحكومه تحقيق 920 مليون دينار عن اعادة التقدير للعام 2017 بين نمو اقتصادي محتمل و متواضع جدا لن يتجاوز 2% و عوائد ضريبيه اضافيه ترتكز على القيمه المضافه ، وعليها هنا لادراك ذلك توسيع شريحة الوعاء الضريبي و تفعيل الرقابيه الحسيه على نظام الفوتره المتلاحق لجميع المؤسسات و تحفيز القطاع الخاص باستثمارات واعده و بالاخص بالقطاع الخدمي ، و لكن في ظل تراجع القدره الشرائيه للمواطن و الذي أدى الى تقنين نمطه الاستهلاكي لمزيد من الحرص و الاكتفاء بالضروريات فقط فان ذلك سيعكس مزيد من الانكماش الاقتصادي ، و عليه اجد من الصعوبه تحقيق هذه الأمال حيث فشلت الحكومه بالعام السابق بتحقيق بند الضرائب الأخرى و البالغ 450 مليون و كانت الايرادات الضريبيه مخيبه لأمالها و استعاضت عنها بالايرادات الغير ضريبيه و بتخفيض الانفاق الاستثماري بمقدار مائتين مليون دينار و ارتفاع العجز عن المقدر بأكثر من 300 مليون دينار ؟!!
طالبت الحكومه سابقا" بتطبيق مفهوم " العداله الضريبيه" ، و لكن كرست هذه الموازنه مفهوم معاكس لها ! فقد ازدادت الاعتماديه على الضرائب الغير مباشره ، و التي تنهك الإقتصاد و تحمل الطبقه المتوسطه و الفقيره مزيدا من الأعباء في حين تنعم الطبقه المقتدره و الغنيه بمزيد من الاعفاءات و السخاء الحكومي ، و هنا فإن على الحكومه الاستعجال بجلب تعديلات لقانون ضريبة الدخل يعتمد مبدأ التصاعديه بنسب عادله و معاقبة المتهربين و ترسيخ مفهوم اعادة توزيع الثروه و عليها أيضا " منح مكتسبات التنميه للمحافظات من أجل تحفيز بيئه العمل من خلال المناطق التنمويه و لكن مع تشديد الرقابه حتى لا تصبح بؤرا للتهرب الضريبي .
أما المنح الخارجيه و المقدره ب 700 مليون دينار فلا زالت ركيزة اساسيه لدعم العجز الذي كان سيتخطى حاجز مليار و ثلاثمائة مليون دينار بدون احتاسابها ، و في ظل التحديات السياسيه الراهنه فان علينا السعي الى ايجاد شركاء اقليميين جدد و و تنويع مصادر الدعم .
اما التحدي الأخر فهو في انضباط السياسه النقديه و التي لا زالت مرتهنه بقرار الدولار الأمريكي من أجل الحفاظ على رصيد وافر من احتياطي الأدخار ، حيث ارتفعت فوائد الاقتراض بمقدار 1.5% لتجاري رفع الفائده على الدولار مسببة مزيد من الأعباء الاقتصاديه الطارده للإستثمار .
اما التحدي المستمر فهو خدمة الدين العام و التي تناهز الف و مائه و عشرون مليون دينار في السنه القادمه ، مع تراجع التصنيف الائتماني للإردن الى B- فقد ارتفعت تكلفة مجمل فوائد الدين بمقدار 15% في عام واحد و هي مرشحه للإرتفاع بنسب متفاوته نتيجه اطفاء الديون القديمه باستدانه جديده بتكاليف أعلى ، و ان على الحكومه هنا العمل على ايجاد بدائل اقتراض متوازنه حتى لا تحمل الدينار اعباء سداد بالعمله الصعبه تشكل خطوره كبيره جدا على استقرار صرف عملتنا .
أما تحدي البطاله و الفقر فهما وجهان لعمله واحده ، و ان على الحكومه أن تقدم حلول بديله و نشطه و واقعيه لأن هذه الموازنه بما اتسمت به من ملامح جبائيه و البعد عن تحفيز الإنتاجيه مما جعلها أشبه ما تكون بالرجل الكهل صعب الحركه فقد أرتفع فيها الإنفاق الجاري 440 مليون دينار و تواضع الإنفاق الاستثماري رغم تفعيل قانون اللامركزيه و إنشاء مجالس المحافظات التي ولدت مبتوره ! و بقي المعول عليه الوحيد هو في تفعيل قانون الشراكه و تبسيط قواعده مع القطاع الخاص بشكل ملموس و ليس وعود براقه ..
أما الدين العام و رغم أن موازنة التمويل لم تدركه ضمن التحديات الصعبه فقد تعدى حاجز 27 مليار دينار لأول مره و بنسبة 95% من الناتج المحلي و كان افتتاح البيان الوزاري لدولة الملقي تعهد ب تخفيض النسبه لحدود آمنه دون 77% ضمن خطة خمسيه الا ان الأرقام الفعليه لا زالت تثبت عكس ذلك.!
اما صندوق التقاعد فهو يزداد دون حدود أمنه أو احتياطيات مرصوده و ان شبح تضخم القطاع العام سنويا" هو ما يحملنا تبعيه غياب التخطيط و لا أرى أن الحكومه قد قدمت دراسه مستفضيه لتضخم هذا الجانب الانفاقي الذي ناهز المليار دينار تقريبا" !
أما ملف الإعفاءات الطبيه وحده الذي يحملنا سنويا ما يفوق 130 مليون دينار فقد كشفت موازنة عام ٢٠١٧ وجود تراكمات تفوق 600 مليون دينار على بند التزامات سابقه سيتم تحميلها للأعوام القادمه و هي إرث لا يمكن إغفال ثقله على الموازنه ، و هنا كنت قد تقدمت باقتراح إنشاء شركة تأمين صحي وطني بالشراكه مع مؤسسة الضمان الاجتماعي للخروج من أزمة فوضى الإعفاءات التي تدار في رئاسة الوزراء و هي جهة تنفيذية لا تستطيع تحمل العبء الإداري و نقص الخبره الفنيه إضافة إلى الوفر الاقتصادي الكبير الذي سيحققه المقترح على الموازنة و تقديم الخدمه الأفضل للمواطن ..
أما ملف الأمان الاجتماعي و البالغ 171 مليون دينار فأشدد ان الدعم يجب أن يوجه لمستحقيه فقط و ليس من العدل أن يمنح دون ركائز تفنده ، فهل يعقل أن نمنح أصحاب العقارات و المقتدرين نفس الدعم الذي يستحقه من دخولهم دون 500 دينار ؟؟
أما الفساد فلا زلنا لم نرى جدية في محاربته ، بل انه مرشح للإزدياد نتيجة تراجع أداء ديوان المحاسبه في تنازله عن دوره في الرقابه السابقه ليكتفي بالرقابه اللاحقه على 46 وزاره و مؤسسه عامه و تقلص نتائج اداءه و ملاحظاته لا يعني اننا نشهد تحسنا بل أنه دليل صارخ على تراجع الرقابه ..
اما تطبيقات الحكومه الذكيه فانا أرى أنها تواكب الطريق الصحيح ، لكن ذلك أيضا بحاجه ان يتزامن مع أمرين هامين الأول هو أن يشعر المواطن بالاثر الايجابي من خلال تخفيض تكلفة المال و الجهد و الأمر الثاني أن ينعكس أثر الوفر المالي على تقليص كوادر القطاع العام و توجيه طاقاتهم نحو مزيد من الإنتاجيه و ليس مزيد من الإتكاليه.
ختاما ،، ان اختلافي مع نهج الحكومه الاقتصادي ، ليس الا سعيا في تحقيق الدور الدستوري للنائب المناط به الرقابة و التشريع و المحاسبه ، و التحديات الاقتصاديه القادمه جمه و تحتاج حلول ابداعيه و انتاجيه و مستدامه و ليس حلول جبائيه و أنيه و تكرار اخطاء الماضي الذي أوصلنا الى ما نحن عليه الان لن يساهم في حل المشكله بل أنه سيفاقمها .