حين يبلغ التصعيد الصهيوني الأمريكي ذروته.. أين الرد؟
هستيريا غير مسبوقة تصيب الصهاينة، ومن ورائهم ترامب وصهره وسفيره في تل أبيب، تعكسها سلسلة القرارات والإجراءات التي اتخذت منذ اعتراف ترامب بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني.
وفي حين كان المنطق يقول إن الصهاينة وترامب سيميلون إلى التهدئة لامتصاص الغضب الذي أحدثه قرار القدس، لم يحدث شيء من ذلك، بل توالت القرارات، من تصويت حزب الليكود على ضمّ الضفة الغربية، إلى ما يعرف بقانون القدس الموحّدة الذي يشترط موافقة 80 نائبا قي الكنيست من أصل 120 على أي قرار يتعلق بالقدس في التسوية المستقبلية، وصولا إلى التصويت الأولي على قرار إعدام منفذي العمليات.
لا تسأل أيضا عن غطرسة ترامب وفريقه، بخاصة المتصهينة نيكي هيلي التي هددت بقطع المساعدات عن "الأنروا” إذا لم تعد السلطة للمفاوضات (يبدو أنهم سينفذون بالفعل)، وبعدها تهديد ترامب نفسه في ذات السياق، وبجانب ذلك كله الضغوط الكبيرة التي يمارسها الأخير على عدد من الدول العربية كي تدفع قيادة السلطة للعودة إلى المفاوضات.
بين ذلك كله، تستمر لعبة الاستيطان والتهويد، ونسمع كل بضعة أيام عن مشاريع استيطانية جديدة، ومنها ما يمسّ القدس بشكل مباشر، فضلا عن عمليات القمع اليومية التي تطال الفلسطينيين، والتي تتجلى في وجبة اعتقالات يومية، يوفّرها "الاحتلال الديلوكس”، حيث يدخل جنود الاحتلال ويعتقلون ويخرجون من دون أن يزعجهم أحد
في السياق العام لهذه الأحداث، يمكن القول إن هذا المستوى غير المسبوق من الغطرسة الذي تتلبس الصهاينة، وحبيبهم ترامب، هو من حسن الطالع بكل تأكيد، ذلك أن بيع الأوهام ليس خيارا أفضل، وحيث يعلم الجميع أنه لا أمل بحل يحقق الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية، الأمر الذي تأكد عبر مسيرة طويلة منذ أوسلو، بل ما قبله ولغاية الآن.
هذا المستوى غير المسبوق من الغطرسة يضع قيادة السلطة أمام واقع لم تكن تتمناه، فهي كانت تستمع في واقع الحال بواقع السلطة الراهن، والذي كان يتحسن بشكل تدريجي منذ 2004، مع استمرار بيع الأوهام، مشفوعا بحديث متكرر عن التمسك بالثوابت.
اليوم، تقف تلك القيادة أمام حقيقة الواقع المر، وعليها أن تحدد أي خيار تريده في الرد عليه، فماذا فعلت إلى الآن؟
في سياق التصريحات والتهديدات سمعنا الكثير، سواء عن رفض استمرار السلطة بلا سلطة والاحتلال بلا كلفة، أو عن دفن عملية السلام، أو تصريحات أخرى حول بعض القرارات التي ذكرت آنفا بأنها "إعلان حرب”، أو تقديم مقترح للمجلس المركزي بسحب الاعتراف بالكيان الصهيوني، كما قال عريقات، إلى غير ذلك من الكلام.
على الأرض، لا شيء يتغير؛ لا في التعاون الأمني، ولا في خيارات السلطة، وحين وصل الحال الذروة سمعنا عن اجتماع للمجلس المركزي سيعقد منتصف الشهر الجاري، مع العلم أن أنه مجلس مغيّب يجرى استدعاؤه عند الحاجة، وحين يتخذ بعض القرارات القوية، لا تلتزم بها القيادة، ولذلك كان من العبث أن تقبل حماس والجهاد الدعوة إليه.
"ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة”، وما يجري ليس مبشرا، فالرد على غطرسة الاحتلال، لا يحتاج لاجتماع لمجلس مغيّب، بل لاجتماع مع قادة القوى لوضع استراتيجية حقيقة للمواجهة. هذا ما ينتظره الشعب، وندعو الله أن لا يطول انتظاره.