السوق التجارية تعيد رسم تعاملاتها...
أظهرت بيانات البنك المركزي انخفاض قيمة الشيكات المرتجعة خلال العام الماضي بـ 240 مليون دينار أي ما نسبته 13.1 % بالمقارنة مع العام 2016، وبلغت قيمة الشيكات المرتجعة نحو 1.59 مليار دينار مقارنة مع نحو 1.83 مليار دينار في 2016، وبلغت نسبة قيمة الشيكات المرتجعة إلى الشيكات المتداولة في العام الماضي 3.5 % مقارنة مع 4 % في العام 2016.
هذه الارقام والنسب قد لا تعكس انتعاش الاسواق التجارية والاقتصاد الكلي، فالركود تعمق، وهناك الاف من التجار يعيشون ظروفا قاسية جراء انخفاض حركة البيع والشراء مصحوبة بارتفاع تكاليف العيش.
وخلال عامي 2016/2017 فقد تعثرت اعداد لا يستهان بها من القطاعات التجارية الجزئية، وشهدت ارتفاع إعادة الشيكات بين التجار التي كانت تستخدم أداة تمويل آجل، ومع اتساع نطاق إعادة الشيكات دون رصيد، وتعامل تجار السوق بشكل قسري، فأصبح قبول الشيك المؤجل لشراء السلع يخضع لتدقيق حول مدى ملاءة ومصداقية من يسحب الشيك، وتحولت السوق تدريجيا الى الدفع النقدي بدل الشيكات .
التطورات الاخيرة في الاسواق التجارية ستؤدي حتما الى تقليص اعداد التجار العاملين في الاسواق المحلية، وخروج اعداد كبيرة من المشتغلين والمستثمرين الصغار بعد ان حاصرتهم الخسائر وارتفاع تكاليفهم، وهذا يعني بشكل او بآخر ان الانكماش الاقتصادي مستمر، وقد نجد خلال الشهور المقبلة من العام الحالي تراجع اعداد الشيكات المرتجعة في السوق، ومرة اخرى هذا لا يعني ان تراجع الشيكات المرتجعة سببه تحسن اداء الاسواق و/ او تشدد البنوك المرخصة وتعليمات البنك المركزي.
قد يرى البعض ان هذه التطورات في الاسواق التجارية هي تصويب للتوسع الكبير الذي شهدته خلال السنوات الماضية، وان ما يحدث هو شكل من اشكال (الغربلة) كما يقال، الا ان الثابت ان هذه (الغربلة) ستولد ضغوطا اقتصادية واجتماعية اكبر مع زيادة متوقعة لمزيد من البطالة، وانخفاض مستويات اسعار ايجارات المحلات التجارية، وارتفاع الفائض العقاري لاسيما للاغراض التجارية والاستثمارية..وستفضي الى تعثر اعداد من التسهيلات المصرفية لغايات الاستثمار العقاري الذي يبلغ 20% نسبة الى محافظ التسهيلات الائتمانية لدى البنوك..تشجيع الطلب في الاقتصاد افضل الحلول، اما دفع السوق التجارية لإعادة رسم تعاملاتها يعني التحول النقدي في المعاملات التجارية ويؤدي لخسارة الالاف من الفرص بشكل عام.الدستور