2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الجهل والتعصب في قضية "التحرش"

ياسر ابو هلاله
جو 24 : كنت أتمنى لو أن الاعتصام أمام السفارة المصرية للدفاع عن المتحرش بهن والمغتصبات في ميدان التحرير سبقته اعتصامات أخرى للدفاع عن المرأة السورية والطفلة السورية والطفل السوري والرجل السوري. وكنت أتمنى لو أن اللغة المستخدمة كانت أكثر عمقا وصدقا، وليس مجرد افتراءات ظالمة لتيار سياسي عريض يمثل جزءا أساسيا من الشارع المصري والعربي.
ولست هنا بوارد الدفاع عن موقف الإخوان أو الإسلاميين عموما من المرأة، فهو موقف متواطئ مع نظرة اجتماعية متخلفة؛ ولكنه دفاع عن المرأة التي تظلم قضيتها عندما تتعرض لاستخدام سياسي ساذج، وهو ما يعطي قوة سياسية للإخوان من حيث يريد خصومهم إضعافهم، ويسهم في تغييب قضية المرأة بدلاً من تطوير أوضاعها.
الموقف المحافظ للإخوان تجاه المرأة يظل أكثر تقدمية من المجتمعات العربية. ولا يعني أن الأخوات لم يكنّ ضحايا لعسف بلطجية مبارك وتحرشهم. وفي سورية، تحول الثقافة المجتمعية المحافظة دون توثيق حالات الاغتصاب المروعة التي تعرضت لها الأخوات والفتيات من العائلات الإخوانية في أحداث الثمانينيات. وفي الثورة الأخيرة تكررت المأساة بصورة أوسع وأكثر بشاعة.
ومن باب العلم بالشيء، قدمت التنظيمات الإخوانية نماذج رائعة لريادة المرأة في تجارب نضالية نادرة، وهذه أرقى درجات التحرر. ونذكر هنا باستشهاديات "حماس" وأسيراتها، ومنهن المتزوجات اللاتي لديهن أبناء، وهو ما لم يحل دون انخراطهن في النضال من أجل تحرير أنفسهن وأوطانهن. وهو لا ينفصل عن نضال من سبقهن من اللواتي وقفن في وجه الاستبداد، كحميدة قطب التي حوكمت عسكريا مع شقيقها سيد، وبنان طنطاوي زوجة عصام العطار التي اغتالتها المخابرات السورية في مدينة آخن بألمانيا.
من الضروري قبل اتهام الرئيس محمد مرسي وتياره بالوقوف وراء ظاهرة التحرش معرفة شيء عن هذا التاريخ. فهذه الظاهرة ارتبطت بعصر مبارك، وأنهتها الثورة التي كان الإخوان، رجالا ونساء، في مقدمتها. والظاهرة عادت إلى ميدان التحرير بعد عودة البلطجية وفلول الحزب الوطني. والأهم من ذلك أنها ليست ظاهرة سياسية سطحية، بمعنى أن ثمة ضابطا أصدر إيعازا فنُفذ، بقدر ما أنها تضرب في العمق انحطاطا وانحلالا وتجبرا على الفئات الأضعف.
في البداية، كان خصوم الإخوان ينكرون وقائع التحرش والاغتصاب في الميدان الذي كتبوا عليه ممنوع دخول الإخوان. وعندما وُثقت الوقائع ونشرت في وسائل الإعلام اتهموا الإخوان بالتقصير، ثم بالوقوف وراء الظاهرة.
وبحسب هشام شرابي في كتابه "البنية البطركية"، الذي نشره بعد هزيمة 67، فإن المرأة لن تتحرر قبل أن تصبح قضيتها رجالية. ويضاف إلى ذلك: قبل أن تكون إنسانية. بمعنى أن تصبح قضية للرجل قبل أن تكون قضية للمرأة، وأن تكون إنسانية عابرة للحدود السياسية والثقافية والاجتماعية.
خيبة جديدة تضاف إلى الأداء السياسي البائس في بلادنا، ولتظل قضية المرأة محصورة في استثمار مؤسسات التمويل الأجنبي والاستغلال السياسي؛ وهي خاسرة في الحالين!الغد
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير