قرارات لضبط هروب النقد الأجنبي تهوي بـ "واردات" السودان
شهد الاقتصاد السوداني مؤخرا، حزمة إجراءات حكومية في محاولة لإنقاذ تردي الوضع الاقتصادي؛ في حين ألقت هذه الإجراءات بآثار معاكسة سواء على العملة المحلية أو الواردات الأساسية.
ورافق إقرار موازنة السودان للعام الجاري، زيادة سعر الدولار الجمركي إلى ثلاثة أضعاف قيمته السابقة من 6.6 جنيهات إلى 18 جنيها.
الحكومة السودانية أرجعت خطوة زيادة الدولار الجمركي، إلى سعيها لتقليل الواردات، مقابل الاهتمام بالصادرات، وتقليل عجز الميزان التجاري.
كانت مصر وتونس والجزائر، أعلنت خلال العامين الماضيين، عن إجراءات تهدف إلى تقليل طلب الدولار من جانب المستوردين، عبر فرض ضوابط للاستيراد من الخارج.
والعام الماضي، تراجعت قيمة الواردات السودانية إلى 6.4 مليارات دولار مقابل 7.3 مليارات في 2016، بحسب إحصاءات حكومية.
ضبط السوق
وزارة المالية السودانية، ولدى عرضها موازنة العام الجاري، قالت إنها تستهدف خفض عجز الميزان التجاري خلال هذا العام إلى 2.2 مليار دولار، مقابل 4.2 مليارات دولار العام الماضي.
وأصدر بنك السودان المركزي خلال وقت سابق من الشهر الجاري، ضوابط جديدة للاستيراد، اشترط فيها عدم السماح بالاستيراد قبل الحصول على موافقة الجهات المختصة، وإلغاء الاستيراد دون تحويل قيمتها، ويستثنى من ذلك استيراد القمح والوقود.
كذلك، حظر بنك السودان تنفيذ أية عمليات استيراد من الموارد الذاتية للمستوردين بالنقد الأجنبي، على أن تقوم المصارف بتمويل تلك العمليات المسموح بها، من مواردها الناجمة، عن عائدات الصادرات السودانية.
ويهدف المركزي السوداني من قراراته الأخيرة، إلى تحجيم حركة الاستيراد وتقليل المضاربة على النقد الأجنبي بالأسواق الموازية، بعد هبوط كبير لقيمة الجنيه السوداني أمام الدولار.
وتدهورت قيمة الجنيه السوداني بداية شباط/ فبراير الجاري بصورة كبيرة، وبلغ سعره بالأسواق الموازية أو السوداء 45 جنيها أمام الدولار الواحد.
وشهدت أسواق العملات الموازية انفلاتا في أسعار الصرف خلال الفترة الماضية، ما جعل الحكومة السودانية تستنفر جهودها من أجل كبح جماح أسعار الصرف المتزايدة.
أراء متباينة
تباينت أراء مستوردين أمام قرارات المركزي الأخيرة، الهادفة إلى التقليل من عمل القطاع خلال الفترة الماضية عبر السيطرة على الواردات بشكل كامل.
وقلل عضو أمانة السياسات بالغرفة القومية للمستوردين، الصادق جلال الدين، من جدوى منشورات المركزي السوداني الخاصة بتقليل حجم الواردات عبر السيطرة عليها.
وقال إنه "لا يمكن أن تتم عمليات الاستيراد، عبر غرفة مركزية داخل بنك السودان، لارتفاع حجم الواردات إلى البلاد".
وحذر من استمرار سياسة خفض الواردات، لجهة أنها ستعمل على انخفاض إيرادات الدولة الجمركية، بنسبة تزيد عن 77 بالمئة، كانت تأتي من القطاع الخاص إلى الجمارك.
وسجل حجم التضخم لشهر كانون ثاني/ يناير الماضي 52.37 بالمئة على أساس سنوي، فيما بلغ المعدل السنوي في الشهر السابق له 25.15 بالمئة.
وعزا جلال ارتفاع قيمة الجنيه السوداني أمام الدولار خلال الاسبوع الماضي، لإجراءات البنك المركزي بتحجيم السيولة في أيدي العملاء.
وكان سعر صرف الجنيه السوداني أمام الدولار، سجل تراجعاً الأسبوع الماضي، في الأسواق الموازية، حيث بلغ سعر شراء الدولار 35 جنيها.
تقليل السيولة
وأقرت الحكومة قبل نحو أسبوعين، قرارا بامتصاص السيولة لتحجيم الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي، ويتم توظيفها في المشروعات الإنتاجية.
وشملت الإجراءات، تحديد سقوفات سحب الودائع المصرفية بالمصارف التجارية وتجفيف الصرافات الآلية.
أمين صندوق الغرفة القومية للمستوردين، هاشم الفاضل، أكد على صحة الإجراءات التي يتخذها البنك المركزي بشأن تقليل الواردات، وتحجيمها بما سيعمل على تقليل المضاربة في أسواق النقد الأجنبي.
ونوه الفاضل إلى أهمية أن تنحصر الواردات في عائدات الإنتاج، حتى تستطيع الدولة النهوض بالقطاعات الإنتاجية والاستفادة من موارد السودان.
وتوقع حدوث ضرر على شريحة كبيرة من المستوردين، جراء الإجراءات الأخيرة لبنك السودان، إلا أنه شدد على أهمية المرحلة الآنية في جذب إيرادات النقد الأجنبي إلى داخل القطاع المصرفي السوداني.
بينما رئيس تحرير صحيفة إيلاف الاقتصادية، خالد التيجاني، قال إن تقييد المركزي السوداني لحركة الصادرات والواردات، أمر سلبي.
وأكد أن استمرار تقييد الواردات والصادرات على المدى الطويل، سيتسبب في إصابة الاقتصاد السوداني بالشلل التام.
وأشار إلى أن ما تقوم به الحكومة السودانية من إجراءات اقتصادية لكبح جماح سعر الصرف، ما هي إلا مسكنات لن تخفف من أمراض الاقتصاد السوداني المزمنة.