كثير من الكرامة
ما أشبه اليوم بالبارحة..
وسوى الروم خلف ظهرك رومٌ ... فعلى كل جانب رابينُ
هي الكرامة.. كلما انحدرتَ صوبها غورا.. حلَّقتَ عاليا.. قف.. تمهل.. أصخ السمع.. أنصِت جيدا.. أتسمع صيحات النشامى تتردد في جنبات الوادي؟ صدى صرخة "الله أكبر" على اللاسلكي.. ترجف له حبات تراب الوادي وتهتز له السماء..
يا حسين.. حرِّض الأردنيين على القتال.. كما فعل جدك الرسول الأعظم امتثالا لأمر رب العزة "وحرِّض المؤمنين"..
"اصمدوا.. اصبروا.. صابروا.. رابطوا.. اقتلوهم حيث وجدتموهم.. بأسلحتكم.. بأيديكم.. بأظافركم.. بأسنانكم..".
والنشامى يروّدون: "حِنّا ذعار العدا طلّابة للدين.. والجور ما يقبله إلا الردي خاله"
ولا تنجب الأردنيات رديّ الخال ولا العمّ
الزمان قد يختلف.. المكان قد يختلف بعدا أو قربا.. غير أن النفوس هي هي والمواقف هي هي .. منذ فروة الجذامي.. وإبراهيم المبيضين وذياب العوران وقدر المجالي.. و"يا سامي باشا ما نطيع وما نعد رجالنا.. و"يا بنت يا اللي بالبيت شوفيني ان كنت ذلّيت".. مرورا بعبدالله الأول وهزاع ووصفي وحابس ومشهور حديثة الجازي.. وكواكب الشهداء تترى من كايد العبيدات وصولا إلى معاذ الكساسبة وراشد الزيود.
إنها الكرامة.. يتشربها الأردنيون وهم في حجور أمهاتهم الحرائر.. ويتمثلونها عن آبائهم وأجدادهم.. ويعلمونها لمن في قلوبهم مرض.
السماء تهلل فرحا بالشهداء وهم يرتَقونها.. الملائكة تزفّهم.. يا ربّ.. أولاء عبادك صدقوا ما عاهدوك عليه.. ما بدلوا تبديلا.. فتقبلهم إلهنا في علّيين.
إنها الكرامة..
كل أرض الأردن كرامة.. ولن تجد على أرضه أطهر من الكرامة.. وربع الكرامة.. كما لن تجد على أرض فلسطين أطهر من القدس والمرابطين فيها.
في القدس والكرامة.. ارتوى التراب بدم الشهداء.. واختلط الدم الأردني والفلسطيني ليكتب سفر الكرامة.. والتضحية والفداء.
وهي الكرامة.. قرية بمساحة وطن.. وشعب بحجم أمة.. يعشقون الورد لكن.. يعشقون الأرض أكثر