جمعة ترميم الكوكب!
حلمي الأسمر
جو 24 :
-1-
جمعة الكوشوك، كانت حدثا استثنائيا، في المحيط العربي لا شيء يدعو للتفاؤل، هرولة مخلصة نحو التسليم بقوة الكيان الغاصب، والتعامل معه كولد صالح وذكي في الحارة، مع أن الكل يعلم أنه أزعر وشرس وصاحب سوابق لا يمكن أن تنسى، والأخطر من كل هذا، شيطنة غير مسبوقة لكل ما يدل على خير في أمة منهكة، فالمطلوب حمل البشاكير والانتظار على أبواب طالبي المتعة، إنها محاولة غير مسبوقة لاستئصال الشرف وقتل المروءة وإراقة الرجولة على أعتاب القاتل!
ووسط هذا المشهد، يطل علينا وجه غزي غريب، وجه غطاه سواد حرق الإطارات، وفي الخلفية دخان ونيران، في البعد المرئي فإن الوجه «أسود» لكن النظرة الماورائية تقول أنه وجه مضيء وسط ليل شديد الحلكة!
-2-
المشهد اختصرته كلمات قليلة وصورة: الصورة ساق صناعية مصابة برصاصة، والكلمات في وصف الحالة: شاب من غزة أصيب في قصف صهيوني غاشم فقطعت قدمه، فقام بتركيب قدم صناعية فقام جنود الصهاينة بإطلاق النار عليها وإصابتها..!!
هي غزة باختصار، أو هكذا تبدو في بعدها الرمزي، ساق من معدن، تنزف دما، وتأبى أن تنكسر..
-3-
مغردو تويتر على وسم #جمعة_الكوشوك أجادوا بكلام قليل جدا تكثيف المشهد:
« المذيع يسأل: كيف يبدو الوضع في غزة ؟
المراسل : إنه لا يبدو!»
«شعب الجبارين يتحدى الصعاب، من وجد في نفسه انهزاما فليرتشف من معين عزة، هذا الشعب الذي لا ينضب، ومن ظن أن بإمكانه عقد الصفقات على حسابهم فليراجع عقله، فمبدأ القول ومنتهاه عندهم ما بقي فيهم قلب ينبض».
«السادة سكان الكرة الأرضية نعتذر لوجود طبقة سوداء في سمائكم اليوم، وذلك لأعمال صيانة للكوكب شكرًا لتفهمكم»
«أين الذين قالوا الفلسطيني يبيع أرضه؟ آه! اليوم تحوّلوا إلى مدافعين عن البيئة، وكأن الصواريخ الصهيونية والقنابل المسيلة للدموع تُخلّف عطر الورد»
«إلى أنصار البيئة الرحماء: لا توجد جريمة أكبر من استعباد إنسان، ثم إنه «طز» بطبقة الأوزون والسلام»!
-4-
جمعة الكوشوك، ومظاهرات الزحف إلى الضوء، كما الفراش المتجمع حول المصباح، لن تحرر الأرض بالتأكيد، ولكنها تحيل نوم العدو الهانىء إلى كوابيس وصداع، وتغير بيئة الاستسلام لمشيئته، فثمة من يقول «لا» كبيرة جدا بحجم غمامة سوداء، أشغلت نصف جيشه، وأشعلت «الوساطات العربية» للانتصار للعدو انتقاما من الشقيق وخذلانا له، فالمطلوب أن لا نقلق راحة المحتل، بل أن نبارك له احتلاله، ونمنحه المزيد من أحكام البراءة عن كل ما اقترفه من آثام!
الكوكب يموج بالظلم، والقهر، والاستبداد، وهو بحاجة فعلا لترميم، وهذا هو الواجب المقدس لجوعى غزة ومعذبيها المحاصرين برا وبحرا وسماء!