حكومة من رحم المجلس

جو 24 : يرى بعض النواب أن الظروف مواتية لتشكيل حكومة من رحم مجلس النواب على اعتبار انهم منتخبون وأنهم يحظون بثقة الشارع وبالتالي هم الأقدر على التصدي لتحديات المرحلة القادمة. طبعا هناك من بين من يطرح هذه الفكرة لا يفرق بين التوزير- وهو المطلوب بالنسبة لهم- والحكومة البرلمانية بالمعنى الحقيقي للكلمة. فالدستور الاردني لا ينص على حكومة برلمانية بدليل أن المواد 34، 35، و36 تمنح الملك صلاحية تكليف رئيس حكومة كيفما شاء ولرئيس الحكومة التنسيب بالوزراء كيفما شاء. والحكومة البرلمانية بحاجة لتعديلات دستورية لا نعتقد ان المجلس الحالي قادر على مجرد التفكير بها. أما اذا كان المطلوب توزير عدد من النواب على قاعدة أن الاردني مفتون بالمنصب الوزاري وامتيازاته فهذا أمر مختلف يدفعنا للقول أنها محاولة لاستثمار واستغلال الموقف لتحقيق مكتسبات شخصية ، فالشعب الاردني لم ينتخبهم ليصبحوا وزراء بل ليمثلوهم في مراقبة اداء الحكومات التي تغولت عليهم.

البعض يطرح كيف يمكن لمجلس نواب يشكل حكومة ويراقبها في الوقت ذاته! التجربة السابقة في التسعينيات تفيد بأن توزير النواب كان خطأ شنيعا، فقد ضعف الاداء الحكومة والمجلس معا وتراجعت قيمة المنصب الوزاري اجتماعيا مع التوزير بالجملة لكل نائب قادر على التاثير على زملائه. كما ان هناك حقيقة يجب التوقف عندها وهي أن المجلس منتخب فقط من قبل 35% ممن يحق لهم التصويت، فمن ثلاثة ملايين وسبعمائة اردني يحق لهم التصويت لم يصوت اكثر من مليون ومئتي الف مع كل الملاحظات الحقيقية والنقدية على مجمل عمليتي التسجيل والانتخاب. فلا يمكن لنائب انتخب من قبل اقل من الفين صوت أن يفرض على الاردنيين شكل الحكومة دون ان يكون قادرا على فرض برنامج توافقي مستقل عن مراكز القرار التي ما زالت تتحكم بخيوط اللعبة العابرة للحكومات والعابرة للمجالس.