منصة حقك تعرف ..اقرار بفشل الاعلام الرسمي ، وفهم مقلوب لجوهر المشكلة
جو 24 :
كتب احمد الحراسيس - أطلقت الحكومة، الخميس، منصة #حقك_تعرف الالكترونية والمخصصة للتحقق من المعلومة الدقيقة لمتابعي وسائل الاعلام بشكل عام والاعلام المجتمعي بشكل خاص، وهو هدف سامٍ بكلّ تأكيد، لكن السبيل إلى تحقيقه يؤشر على قصور في فهم صاحب القرار الحكومي للمشكلة.
فالمشكلة ليست في سبل ايصال المعلومة ، بل في عقلية التكتم والسرية التي تتعامل بها الدولة في مختلف الملفات والقضايا، اضافة إلى حالة انعدام الثقة بكل ما يصدر عن الحكومة من معلومات ، والتشكيك بصدقيتها ،الى درجة ان الناس للاسف تصدق كل السيناريوهات الا تلك التي تتبناها حكومتنا الرشيدة.
الحكومة تملك عشرات المنصات التي تضمن وصول المعلومة الحقيقية إلى مختلف وسائل الاعلام والمواطنين، لكن يبدو أنها لم تتعلم من درس "التلفزيون الأردني و تلفزيون المملكة"، حيث ذهبت بدلا من تطوير التلفزيون الرسمي لاطلاق قناة جديدة استنزفت عشرات الملايين من جيوب الأردنيين، ليضيع المتابع بينهما، ولا يعرف ايهما ينطق بلسان الحكومة ويعبر عن وجهة نظرها !
لا نعلم ما هي الفكرة من اطلاق المنصة، خاصة أن الحكومة ، إلى جانب محطتي التلفزة والاذاعة الاردنية ، تملك وكالة الأنباء الأردنية "بترا"، ويمكنها نشر أي خبر عبر الصحف الرسمية اليومية أيضا ، وهي تملك مواقع الكترونية ومنصات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويمكن أيضا للحكومة بثّ أي خبر أو نفي لاي اشاعة عبر وسائل الاعلام الالكتروني ،وذلك من خلال خبر رسمي سريع ودقيق وحرفي.. فما هي الفكرة من المنصة بالضبط؟!
يبدو أن الحكومة تقرأ الامور بالمقلوب ، وتظن ان بإطلاقها للمنصة فقد " احضرت الذيب من ذيله " ، والان ستحل مشكلة تداول الشائعات وانتشار المغالطات ، وهذا اقرار حكومي بان جميع مؤسساتها الاعلامية قد فشلت فشلا ذريعا ، ولم تنجح كلها في ايصال الحقائق(..) للناس ،ولذلك صار لزاما عليها اطلاق منصة من حقك تعرف لملء هذا الفراغ القاتل ..
الواضح ان الحكومة قد فاتها ان المطلوب هو ازالة الفلاتر التي يمرّ بها الخبر قبل بثّه، ان المطلوب هو عقلية منفتحة على الناس ، ان المطلوب هو اعادة بناء الثقة بينها وبين المواطنين ، ان المطلوب هو انسياب للمعلومة و شفافية في التعامل مع اسئلة الاعلام ، ان المطلوب هو تعديل قانون ضمان حق الحصول على المعلومة ، وهو القانون الذي يضمن التستر عليها ومنع تداولها ، القانون الذي ما زالت التعديلات الباهتة المضافة عليه في ادراج مجلس الامة منذ عام ٢٠١٢ ، ان المطلوب روحية مختلفة لا تحتاج الى اكثر من خبر دقيق يصدر عنها ولو على صفحتها على الفيس بوك ليجري تداولها محليا وعالميا دون قيد او شرط ودون الحاجة لاي منصة ..
السؤال الاخر الذي تثيره هذه المنصة متعلق بمدى كفاءة الكوادر التي ستقوم عليه واستعداد كافة الجهات الرسمية للتعاون معهم، فالمنصة تحتاج إلى موظفين ومحررين حرفيين ومبرمجين وفنيين ومصممين جرافيك ، وبذلك فاننا بحاجة الى كادر كبير وموازنات ونفقات ....!
وثم ماذا عن دور الناطقين الرسميين في مختلف المؤسسات الحكومية؟ ما أهمية ودور المكتب الاعلامي في الديوان الملكي أو الأمن العام أو الدفاع المدني أو رئاسة الوزراء أو الجيش ، ما دور هؤلاء جميعا بعد انطلاق المنصة؟ وما دور مركز ادارة الازمات واعلامه عند وقوع حوادث وازمات معينة؟
كما يطرح اطلاق المنصة اسئلة حول مهنية القائمين عليها، فكيف تنشر المنصة صورة للطفلة التي سقطت داخل منهل في منطقة خريبة السوق؟ هل من المعقول أن نتداول صورة طفلة بهذا الشكل؟ أليس هذا مخالفا للمعايير المهنية التي تقول انها ستلتزم بها ؟!!
واضح أن الحكومة مصرّة على مواصلة اطعامنا "فستق فاضي"، وتصوير نفسها على أنها تعمل وتحقق انجازات، لكن مجرّد التفكير بالامر قليلا فانك تصل الى خلاصة واحدة في كل مرة ، وهي ان برامجها واولوياتها ومنصتها لن ت شكّل أي اضافة، وكلّ ما تفعله يندرج تحت باب الـ "show off" ..
والحقيقة أننا غير قادرين على الوصول إلى أي معلومة بالرغم من تكرار عشرات الاسئلة المهمة ، لذلك دعونا هذه المرة نسأل جماعة المنصة : "أين عوني مطيع؟ أين وليد الكردي؟ أين وصلت التحقيقات الحكومية في قضية البحر الميت؟ ما نتائج تحقيقات اللجنة الملكية؟ من يقف وراء يونس قنديل؟ لماذا تبيع الحكومة المواطنين المحروقات والكهرباء بأعلى من سعرها الحقيقي؟ هل اعتمد الرزاز على علاقاته الشخصية لدى توزير بعض الأشخاص؟ هل مشروع النهضة هو اجترار لقرارات وانجازات حكومات سابقة؟! لماذا تتكتم الحكومة على نتائج مسوحات الفقر في الأردن؟!".
لا بدّ للحكومة أن تعلم إن تصريحاتها لا تتمتع بالمصداقية على الاطلاق، وهذا راجع إلى خذلانها المواطنين في معظم الملفات، لذلك فإن الثقة بها تكاد تكون معدومة في الشارع، ولا بدّ من احداث تغيير في نهج ادارتها وسياساتها الاقتصادية قبل كلّ شيء..