jo24_banner
jo24_banner

الاستثناء لايمکن أن يصبح القاعدة

سعاد عزيز
جو 24 :
لکل قاعدة إستثناء، قول معروف و شائع ومأخوذ به کقضية بديهية ولکن، لايمکن أبدا للإستثناء أن يصبح قاعدة، فذلك يعني المساس بقواعد و أصول و أسس صارت بمثابة نواميس للحياة الانسانية، وهذا هو المحال بعينه، إذ على سبيل المثال لا الحصر، من غير الممکن أن يتم جعل المحتل أو الدخيل أو المستعمر بديلا عن الحکم الوطني للبلدان وإن هناك عدد کبير جدا من الامثلة الحية بهذا الصدد ليس من الممکن إيرادها في هذا المقال القصير.
التدخلات الايرانية في بلدان المنطقة، والتي صارت الشغل الشاغل لهذه البلدان بحکم التأثيرات و التداعيات السلبية لها، صارت قضية حساسة و عبرت و تجاوزت حدود المنطقة للتخذ سياقا عالميا لأنها"أي التدخلات الايرانية" باتت تٶثر سلبا على السلام و الامن و الاستقرار، ولذلك فقد جاءت المطالب الاوربية المتکررة و المخاطبة إيران بإنهاء هذه التدخلات، لکن و ازاء ذلك فإن طهران وعلى الرغم من المواقف العربية و الاسلامية الرافضة بشدة لهذه التدخلات والتي تجري اليوم على قدم و ساق عن طريق الاحزاب و الميليشيات التابعة لها في بلدان المنطقة، فإنها تتمادى أکثر في تدخلاتها و تتصرف و کأن الامر لايعنيها البتة.
دولة داخل دولة، هذا هو الوصف الذي يمکن إطلاقه على الاحزاب و الميليشيات التابعة لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية في بلدان المنطقة، وهذا الوصف يکون دقيقا و مفهوما بصورة کاملة عندما نضع أمامنا حزب الله اللبناني في لبنان و الحوثيين في اليمن و الميليشيات الشيعية المسلحة في العراق، إذ إنها جميعها تعتبر نفسها فوق القانون و تتصرف بمنطق دولة داخل دولة بل وإنها تتصرف وکأنها الدولة العميقة.
عندما يکشف رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، عن محاولات تهديد تعرض لها من قادة في ميليشيات الحشد الشعبي، محذرا هؤلاء القادة من مغبة الاستمرار في هذه التهديدات، فإنه بذلك يٶکد مرة أخرى الدور"المشبوه" لهذه الميليشيات و کونها تتصرف بصورة و اسلوب يتجاوز حجمها بکثير، خصوصا إذا ماعلمنا بأن تهديدات هذه الميليشيات للعبادي قد جاءت بعد إغتيال رئيس الدائرة المالية في الحشد الشعبي الاسبوع الماضي و التي کانت و بحسب الکثير من الاوساط و المصادر السياسية، عملية إغتيال سياسي لأن الاخير قد أراد و طبقا لمصادر عراقية مطلعة، الکشف عن عمليات فساد مالي تجري داخل الحشد الشعبي، وتتهم المصادر نفسها ميليشيات مقربة من طهران بتنفيذ الاغتيال.
هذه الميليشيات و قبلها حزب الله اللبناني و جماعة الحوثي، تصرفت و تتصرف کأنها هي الآمر الناهي، بل وإن الحوثيين قد ذهبوا أبعد من ذلك عندما شارکوا بإنقلاب ضد الشرعية بالاشتراك مع طرف آخر ثم إنقلبوا على الطرف الآخر ليعتبروا أنفسهم القوة الاعلى في اليمن، ولو نظرنا فإن الحشد الشعبي العراقي ومن خلال قائمة الفتح التي يتزعمها هادي العامري المقرب جدا من إيران، يريد أن يمسك بزمام الامور في العراق عن طريق الانتخابات، أما حزب الله اللبناني فإنه ولأسباب و ظروف لبنانية و دولية متداخلة فإنه يجد الافضل له ممارسة دور"دولة داخل دولة"، لکن السٶال هو هل بإمکان هذا السياق أن يصبح أمرا واقعا؟
منذ عدة أعوام تطالب المقاومة الايرانية و بإصرار بقطع الاذرع التابعة للنظام الايراني في بلدان المنطقة و ترى بإستحالة إستتباب السلام و الامن و الاستقرار مع بقاء هذه الاذرع، وإن الايام قد أثبتت مصداقية ذلك، لکن مع ذلك لابد من أن يکون هناك موقف وطني في المستوى المطلوب في العراق و اليمن و لبنان لتجاوز هذه الحالة الشاذة و عدم السماح بأن تصبح القاعدة رغم إن الاستثناء لايمکن أبدا أن يصبح قاعدة.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير