ترمب يعيد خلط الأوراق ..
انسحاب ترمب من الاتفاق النووي الايراني يأتي تنفيذا لوعود انتخابية في سباق الوصول الى البيت الابيض، وهذا الانسحاب يحرج الاوروبيين من جهة والدول الاسيوية التي تعتمد على النفط الايراني في مقدمتها كوريا الجنوبية والصين من جهة اخرى، وقامت سول مباشرة بطلب الاستمرار في الحصول على النفط الايراني باستثنائها من العقوبات المتوقعة من قبل واشنطن على طهران، اما في المشهد الخليجي فقد يتحمل تكاليف تسخين المنطقة في ظل ظروف شديدة الصعوبة، فالقرار يرفع درجة التوتر، ويحرج جميع الاطراف.
القرار له دلالات مهمة، فهو رد امريكي على خسارة واشنطن وحلفائها في سورية المدعومة من روسيا وحلفائها، الى جانب تعقيدات تواجه الوجود العسكري الامريكي في العراق، لذلك سيقود القرار الى تسخين مناطق دول منابع النفط وسط تحفز وتحد ايراني، لذلك استجابت اسواق النفط الدولية مباشرة وارتفع سعر خام القياس العالمي «مزيج برنت» متجاوزا حاجز 77 دولارا، وسط توقعات بإرتفاعات اخرى خلال الايام والاسابيع القادمة، برغم الفائض النفطي في الاسواق الدولية وزيادة معروض الغاز المسال في اكثر من 22 منصة تصدير للغاز المسال في العالم.
استمرار الامدادات النفطية لم تنقطع منذ العام 1973، وكانت انعكاسات التطورات الجيوسياسية الاقليمية والعالمية وقتية ترتفع ثم تعاود الى التوازن نظرا لصعوبة تخزين النفط الخام ومنتجاته بكميات كبيرة، الا ان ارتفاع النفط في الاسواق الدولية سيؤدي الى تباطؤ الاقتصاد العالمي الذي يناضل من اجل التحسن، لذلك يأتي قرار الرئيس الامريكي كمن يسبح عكس التيار، وان الارتفاع سيلحق بالاقتصاد الامريكي اضرارا بالغة لاسيما وان هذا الارتفاع يتبع سلسلة من قرارات حمائية وجمركية فرضها ترمب على مستوردات واشنطن من مود اولية ونصف مصنعة من الالمنيوم والصلب وعشرات السلع المنتجة والمصدرة من الصين، وقد لوحت بكين بإتخاذ إجراءات تجارية ضد واشنطن وسط تذمر اوروبي.
مجموعة من الاجراءات قامت بها الادارة الامريكية، منها زيادة وجودها في المناطق الحدودية بين سوريا والعراق، وزادت عمليات القصف المستمر للطائرات الامريكية في المنطقة بهدف تهيئة وجود امريكي طويل الامد لزعزعة الاستقرار في سوريا والعراق، وكبح توسع الايرانيين، والتأثير على الوجود الروسي ورفع كلفة وجوده في المنطقة، فالاهداف الامريكية بإعادة خلط الاوراق، استعادت حصتها المباشرة وغير المباشرة بدءا من ايرادات النفط، ومستقبلا وغير مباشر حصة واشنطن من الغاز العربي في شرق البحر الابيض المتوسط القريب من المياه الاقليمية السورية..لكن ما تقدم هو في اليد الاميركية وحلفائها، لكن هناك يدا اخرى مؤثرة وقوية حققت الكثير من التقدم على الارض خلال السنوات القليلة الماضية..فالاشهر القادمة قد تفصح عن تطورات نوعية في المنطقة.
الدستور