ارحموا الشعب
نضال منصور
جو 24 : حين قرر رئيس الحكومة الدكتور عبدالله النسور رفع أسعار المشتقات النفطية لم يلتفت كثيراً إلى أنه المرشح الأقوى لرئاسة الحكومة، بعد جولات ماراثونية من المشاورات مع البرلمان يجريها رئيس الديوان الملكي فايز الطراونة، وكأنه مضطر لتجرّع "سم" زيادة الأسعار على الرغم من تأثيرها السلبي على شعبيته.
لا أعتقد أن الرئيس النسور سعيد بهذا القرار، ولا أرى أنه يريد أن يقدم نفسه للبرلمان الجديد باعتباره "رجل التحديات" وصاحب القرارات التي ترحّلها الحكومات دائماً لعدم شعبيتها، فهذا ليس أوانه وليس وقته، فهو يطمح بالتأكيد ليعود إلى رئاسة الحكومة ليسجل بتاريخه أنه أول رئيس حكومة برلمانية في عهد الملك عبدالله.
الشيء المؤكد أن النسور كان مضطرا لهذا القرار، والمعلومات ترجّح أن هذا القرار مرتبط باستحقاق قرض صندوق النقد الدولي، أكثر منه استحقاقا داخليا أردنيا، ولو كان لدى النسور الخيار للتأجيل لما بعد اختيار رئيس الحكومة الجديد وعودته للدوار الرابع لفعل ذلك!.
لست ممن يقللون من واقع الأزمة الاقتصادية التي نمر بها، فمن جهة، فإن الربيع العربي والاحتجاجات الشعبية في الأردن أعطيا للناس القدرة لرفع صوتهم للمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية، وإذا لم تستجب الحكومات فإنهم باتوا يملكون وسائل متعددة للضغط وفرض أجندتهم، ولا تستطيع كل الحكومات مهما كانت أن تقمع الذين يحتجون ويعتصمون ليل نهار لتحقيق مطالبهم.
ومن جهة أخرى، فإن المجتمع الدولي، وعلى الأخص الأشقاء الخليجيين لم يساندوا الأردن بما يكفي ليتجاوز عنق الزجاجة، وظلت المساعدات شحيحة وبطيئة جداً، ولا تتناسب مع الكلام الذي قيل في بداية الربيع العربي عن انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي، وكل ما انتهى إليه هذا المخاض هو منحة بقيمة خمسة مليارات ولمدة خمس سنوات من كل دول الخليج، في الوقت الذي تحقق موازنات هذه الدول فوائض بعشرات المليارات كل شهر.
مختصر الكلام نحن في مأزق، والأمر لا يقتصر على المساعدات، فالسياحة بسبب الوضع في المنطقة تتراجع، والسياح بصفة عامة وخاصة الأوروبيين يتجنبون زيارة المناطق الساخنة وغير المستقرة، والأردن جزء من هذا الإقليم الملتهب رضينا بالأمر أم رفضنا، وحتماً ما ينطبق على السياحة ينطبق على الاستثمارات، والقدرة على استقطابها.
مشكلة الناس في الأردن أنها لا تثق بالحكومة، فحتى الآن لم تقدم وزارة الطاقة تفاصيل آلية تسعير المشتقات النفطية، وحتى الخبراء الاقتصاديون، وهم بالمناسبة ليسوا من المعارضة بل من المقربين من الحكومة، يستغربون هذا السعر المرتفع، مع أن الأسعار العالمية للنفط لم تصل إلى ما وصل إليه برميل البترول في العام 2008.
ليت رئيس الوزراء يكشف "السر النووي" لتسعير المشتقات النفطية، فقد وعدت الحكومة أكثر من مرة ولم تف بوعودها.
الأمر الأكثر كارثية للأردنيين أن رفع أسعار المشتقات يعني غلاء الأسعار في كل شيء، بدءاً من حبة البندورة وانتهاء بكل تفاصيل حياتهم، وكل ما تفعله الحكومة هو تقديم "دعم نقدي" بالتقسيط، لا يعكس إطلاقاً نسبة التضخم بعد رفع أسعار المشتقات النفطية.
الحل واضح، ولا يحتاج إلى اختراع وعبقرية، نريد أن نعرف كيف تسعَر المشتقات حتى نثق بأن الحكومة لا تربح ربحاً فاحشاً، وتستخدم الفائض لتعويض عجز الموازنة، والخطوة الثانية تقديم تعويض نقدي عادل للناس، حتى لا يشعر الناس بأنهم يستجدون الحكومة، وارحموا الشعب حتى لا يذل!.الغـد
لا أعتقد أن الرئيس النسور سعيد بهذا القرار، ولا أرى أنه يريد أن يقدم نفسه للبرلمان الجديد باعتباره "رجل التحديات" وصاحب القرارات التي ترحّلها الحكومات دائماً لعدم شعبيتها، فهذا ليس أوانه وليس وقته، فهو يطمح بالتأكيد ليعود إلى رئاسة الحكومة ليسجل بتاريخه أنه أول رئيس حكومة برلمانية في عهد الملك عبدالله.
الشيء المؤكد أن النسور كان مضطرا لهذا القرار، والمعلومات ترجّح أن هذا القرار مرتبط باستحقاق قرض صندوق النقد الدولي، أكثر منه استحقاقا داخليا أردنيا، ولو كان لدى النسور الخيار للتأجيل لما بعد اختيار رئيس الحكومة الجديد وعودته للدوار الرابع لفعل ذلك!.
لست ممن يقللون من واقع الأزمة الاقتصادية التي نمر بها، فمن جهة، فإن الربيع العربي والاحتجاجات الشعبية في الأردن أعطيا للناس القدرة لرفع صوتهم للمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية، وإذا لم تستجب الحكومات فإنهم باتوا يملكون وسائل متعددة للضغط وفرض أجندتهم، ولا تستطيع كل الحكومات مهما كانت أن تقمع الذين يحتجون ويعتصمون ليل نهار لتحقيق مطالبهم.
ومن جهة أخرى، فإن المجتمع الدولي، وعلى الأخص الأشقاء الخليجيين لم يساندوا الأردن بما يكفي ليتجاوز عنق الزجاجة، وظلت المساعدات شحيحة وبطيئة جداً، ولا تتناسب مع الكلام الذي قيل في بداية الربيع العربي عن انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي، وكل ما انتهى إليه هذا المخاض هو منحة بقيمة خمسة مليارات ولمدة خمس سنوات من كل دول الخليج، في الوقت الذي تحقق موازنات هذه الدول فوائض بعشرات المليارات كل شهر.
مختصر الكلام نحن في مأزق، والأمر لا يقتصر على المساعدات، فالسياحة بسبب الوضع في المنطقة تتراجع، والسياح بصفة عامة وخاصة الأوروبيين يتجنبون زيارة المناطق الساخنة وغير المستقرة، والأردن جزء من هذا الإقليم الملتهب رضينا بالأمر أم رفضنا، وحتماً ما ينطبق على السياحة ينطبق على الاستثمارات، والقدرة على استقطابها.
مشكلة الناس في الأردن أنها لا تثق بالحكومة، فحتى الآن لم تقدم وزارة الطاقة تفاصيل آلية تسعير المشتقات النفطية، وحتى الخبراء الاقتصاديون، وهم بالمناسبة ليسوا من المعارضة بل من المقربين من الحكومة، يستغربون هذا السعر المرتفع، مع أن الأسعار العالمية للنفط لم تصل إلى ما وصل إليه برميل البترول في العام 2008.
ليت رئيس الوزراء يكشف "السر النووي" لتسعير المشتقات النفطية، فقد وعدت الحكومة أكثر من مرة ولم تف بوعودها.
الأمر الأكثر كارثية للأردنيين أن رفع أسعار المشتقات يعني غلاء الأسعار في كل شيء، بدءاً من حبة البندورة وانتهاء بكل تفاصيل حياتهم، وكل ما تفعله الحكومة هو تقديم "دعم نقدي" بالتقسيط، لا يعكس إطلاقاً نسبة التضخم بعد رفع أسعار المشتقات النفطية.
الحل واضح، ولا يحتاج إلى اختراع وعبقرية، نريد أن نعرف كيف تسعَر المشتقات حتى نثق بأن الحكومة لا تربح ربحاً فاحشاً، وتستخدم الفائض لتعويض عجز الموازنة، والخطوة الثانية تقديم تعويض نقدي عادل للناس، حتى لا يشعر الناس بأنهم يستجدون الحكومة، وارحموا الشعب حتى لا يذل!.الغـد