هوية يدعو الى تجميد قرارات الملقي واقالة الحكومة وحلّ مجلس النواب
جو 24 :
دعا مركز هوية إلى تجميد كافة القرارات ذات الطابع الاقتصادي والتي صدرت عن حكومة الدكتور هاني الملقي مؤخرا حتى اشعار اخر، واعلان واضح عن كافة المشاكل والتحديات الاقتصادية التي تواجه الأردن واسبابها -الداخلية والخارجية- والاعلان عن كافة الالتزامات المترتبة على الأردن نتيجة برنامج التصحيح الاقتصادي الذي يفرضه صندوق النقد الدولي.
كما اقترح المركز في ورقة موقف حول الاحتجاجات الحالية في الأردن تحت عنوان "الاحتجاجات اقتصادية والحل سياسي"، استقالة حكومة الملقي وتكليف حكومة مصغرة من شخصيات تحظى بثقة المجتمع الأردني، على ان تكون مهمة هذه الحكومة الشروع في حوار وطني حقيقي وعملي حول الملفات الرئيسية ذات العلاقة بعملية الإصلاح السياسي بهدف الوصول الى خطة عمل قابلة للتطبيق تشمل اجراء تعديلات دستورية وتشريعية، واجراء حوار معمق حول قانون الانتخابات يجمع كلا من الحكومة المصغرة ومجلس السياسات والأحزاب السياسية والنقابات المهنية والعمالية ومؤسسات المجتمع المدني المتخصصة وخبراء في الشأن الانتخابي بهدف الوصول الى قانون انتخابات يضمن عدالة التمثيل ويؤدي الى انتاج مجلس نواب قادر على أداء مهامه التشريعية والرقابية بكفاءة.
كما اقترح المركز حلّ مجلس النواب والدعوة الى انتخابات مبكرة ومن ثم تشكيل حكومة برلمانية ذات برامج سياسية واقتصادية واضحة على أساس الكتلة الأكبر داخل مجلس النواب.
وتاليا نص ورقة الموقف :
ما يجري اليوم في مناطق مختلفة من األردن ليس بالجديد، وهي ليست المرة األولى التي يخرج فيها األردنيون الى
الشوارع تعبيرا عن غضبهم على قرارات اقتصادية حكومية يرون أنها تمس معيشتهم بشكل مباشر وتزيد من
الضغوط المالية عليهم، خاصة وأن األردن يمر أصال في ظروف اقتصادية صعبة ترتفع فيها معدالت الفقر والبطالة
وتعاني فيها األسواق من حالة ركود غير مسبوقة نتيجة عوامل وأزمات منها ما هو مرتبط بالوضع اإلقليمي ومنها
ما هو مرتبط بالسياسات الحكومية االقتصادية التي لم تتمكن من احداث اثر إيجابي ملموس لدى المواطن، بل على
العكس تماما حيث يرى األردنيون ان هذه السياسات كانت احد األسباب المباشرة في زيادة المديونية وعجز الموازنة
واضعاف القوة الشرائية للمواطنين.
حتى تاريخ نشر هذه الورقة فأن االعتصامات والمظاهرات قد عمت كافة محافظة المملكة تقريبا، وتفاوتت سقوف
المطالب بين مجموعات تطالب بسحب مسودة قانون ضريبة الدخل الجديد وأخرى تطالب بإسقاط الحكومة وحل
مجلس النواب، بل وتعدت بعض الهتافات الخطوط الحمراء المتفق عليها أردنيا في حاالت محدودة. ويرى بعض
المراقبين ان األجواء الحالية تشبه الى حد كبير التفاعالت التي سبقت ما يعرف لدى األردنيين بهبة نيسان في العام
1989 والتي بدأت نتيجة قرارات اقتصادية مرتبطة بأسعار الوقود وانتهت بعودة الحياة البرلمانية رسميا الى البالد
وتنظيم أول انتخابات بعد فترة طويلة من االحكام العرفية.
ثلاثة نقاط تميز الاحتجاجات
بنظرة سريعة على الاحتجاجات الجارية حاليا فانه يمكن القول ان هناك ثلاثة نقاط ملفتة للنظر، الأولى تتمثل في عودة النقابات المهنية الى ممارسة دور سياسي قيادي في البلاد، حيث كانت دعوة مجلس النقباء الى الاضراب الشرارة التي فجرت الغضب الشعبي تجاه القرارات الاقتصادية الحكومية ودفعت الناس للخروج 2018/5/30بتاريخ الى الشارع، ومن المعروف ان النقابات المهنية قد لعبت عبر تاريخ الأردن دورا سياسيا محوريا وخاصة في فترة الأحكام العرفية حيث شكلت بديلا للأحزاب الممنوعة في ذلك الوقت، واختفى النشاط السياسي للنقابات خلال العقد الأخير، ولكنه يعود الان ليكون دورا مؤثرا وقياديا وقادرا على التأثير في مجموعات غير قليلة من الأردنيين.
النقطة الثانية هي الشكل الجديد لمظاهر الاحتجاج، حيث من الواضح عدم وجود اطر محددة للمشاركين في هذه الاحتجاجات وكذلك غياب القيادات التقليدية لمثل هذا النوع من التظاهرات، وبروز دور الشباب كقادة ميدانيين عفويين للتحركات على الأرض، علما بأن المجاميع المشاركة تضم بين صفوفها نشطاء حزبيين ونقابيين الا انهم لم يقوموا بأي محاولة للسيطرة على الحراك او محاولة الاستفادة من الموقف بل اندمجوا مع بقية المواطنين في اطار جامع، مع ملاحظة مهمة تتمثل في غياب واضح لرموز وناشطي اكبر الأحزاب وأكثرها تنظيما وهو حزب جبهة العمل الإسلامي عن المشاركة الفعالة في الاحتجاجات.
أما النقطة الثالثة فتتمثل في أن المشاركة في هذه الاحتجاجات شملت كافة مكونات المجتمع الأردني، وعلى عكس ما ساد في فترة الربيع العربي حيث كان المتظاهرون في معظمهم من أبناء العشائر في المحافظات في ذلك الوقت، فأن الاحتجاجات الحالية شهدت مشاركة ملحوظة لسكان المدن الكبرى وبالأخص العاصمة عمان ، مع التأكيد أن هذه المشاركة قد لاقت ترحيبا وقبولا كبيرين من باقي المشاركين في الاحتجاجات من أبناء المحافظات .
الاحتجاجات الحالية هي احتجاجات تقودها الطبقة الوسطى التي غابت فعليا عن المشاركة في أي عمل سياسي منذ عقود، وهو ما يفسر الزخم الذي تتميز به هذه الاحتجاجات إضافة الى كونها عقلانية الى حد كبير وبعيدة عن الصدام مع أجهزة الدولة الأمنية، ويحسب لهذه الأجهزة انها حتى اللحظة تفادت أي تصادم كبير مع المتظاهرين واكتفت بمنع وصولهم الى مبنى رئاسة الوزراء، ولم يتم تسجيل حالات عنف بحق المتظاهرين باستثناء حالات محدودة جدا، كما لم يتم تسجيل حالات اعتقال، أول لنقل ان حالات العنف والاعتقال كانت محدودة للغاية بحيث انها لم تكن ملحوظة.
وسائل التواصل الاجتماعي
لا شك أن وسائل التواصل الاجتماعي قد لعبت دورا مؤثرا في الاحتجاجات الحالية، فمن ناحية شكلت هذه الوسائل أداة فعالة للتواصل بين الأردنيين لغايات التحشيد والتحفيز على المشاركة في الإضرابات والمظاهرات، سواء من خلال الرسائل المباشرة التي تدعوا الناس للمشاركة او من خلال البث المباشر للاحتجاجات مما كان له دور في تشجيع الناس على النزول للشارع.
إضافة الى ذلك شكلت وسائل التواصل الاجتماعي منبرا إعلاميا تفوق بشكل واضح على وسائل الاعلام التقليدية، وخاصة وسائل الاعلام الرسمية التي غابت عن المشهد تماما، حيث يمكن لأي شخص متابعة ما يجري في كافة المحافظات بشكل مباشر ومن أكثر من مصدر.
كما وفرت وسائل التواصل الاجتماعي مساحة ممتازة للتعبير عن الرأي حول الاحتجاجات وكذلك حول القضايا المرتبطة بها، حيث دارت الاف النقاشات والحوارات على صفحات التواصل الاجتماعي حول أداء الحكومة ومجلس النواب وقانون الضريبة الجديد، وكان لهذه الحوارات دور مهم في بلورة بعض المواقف العامة ومنها على سبيل المثال شبه الاجماع على أن المطلوب شعبيا يتجاوز الغاء او تعديل قانون الضريبة الجديد الى الحديث عن ضرورة تغيير النهج الاقتصادي والسياسي السائد.
في الوقت ذاته فإن وسائل التواصل الاجتماعي شكلت مسرحا كبيرا لانطلاق الاشاعات وتداولها، وخاصة فيما يتعلق بقرارات ملكية متوقعة كإقالة الحكومة وحل مجلس النواب وتعيين حكومة جديدة، بل ووصلت الاشاعات الى تسمية بعض الشخصيات كرؤساء لهذه الحكومات، وبقي كل ذلك في إطار الاشاعات مجهولة المصدر، الا انها انتشرت بشكل كبيرة وتم تداولها بشكل واسع بين الناس.
هل المشكلة فقط في قانون الضريبة؟
على الرغم من أن السبب الظاهر لاندلاع الاحتجاجات الحالية هو الرفض الشعبي لمقترح قانون ضريبة الدخل الجديد، الا انه يمكن اعتبار القانون بأنه القشة التي قصمت ظهر البعير، أو الشرارة التي فجرت الموقف المحتقن لدى الأردنيين نتيجة لتراكمات عديدة وخاصة في الجانب الاقتصادي، حيث يرى الكثيرون أن الحكومات المتعاقبة تستهل دائما الاعتماد على المواطن لمعالجة الاختلالات الاقتصادية والمالية، ويتمثل ذلك في سلسلة القرارات التي أدت الى ارتفاع الأسعار وزيادة الضرائب وإضعاف القوة الشرائية للأفراد والأسر، وما زاد من غليان الشارع أن اغلب الأردنيين لا يرون أن هذه القرارات الصعبة قد أدت الى نتائج إيجابية، بل ان اثاراها كانت سلبية على مجمل المنظومة الاقتصادية في البلاد.
وعلى الرغم من أن النقابات المهنية التي بدأت سلسلة الاحتجاجات بدعوتها للإضراب قد حددت طلبين رئيسيين هما سحب مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد وتعديل نظام الخدمة المدنية، الا أن الشارع الأردني سرعان ما تجاوز المطلبين الى إطار أوسع يشمل المطالبة بإعادة النظر في كامل النهج الاقتصادي المتبع في البلاد، وخاصة ما يتعلق بمنظومة الضرائب بما في ذلك الضرائب غير المباشرة وضرائب القيمة المضافة والضرائب الخاصة.
وقد أدى رد فعل حكومة الدكتور هاني الملقي بالإصرار على عدم سحب القانون ومن ثم اعلان رفع أسعار المحروقات والكهرباء في اليوم التالي للاعتصام الى زيادة حدة الغضب في الشارع وارتفاع سقف المطالبات الشعبية لتصل الى المطالبة باستقالة أو إقالة الحكومة وحل مجلس النواب. كذلك ظهرت أصوات كثيرة وخاصة بين النخب السياسية تطالب بضرورة إعادة النظر في النهج السياسي كاملا وليس فقط الاقتصادي.
يرى الكثير من الأردنيين أن الحكومات المتعاقبة تستسهل اتخاذ قرارات مالية تهدف الى زيادة إيرادات الخزينة وتغطية عجز الموازنة على حساب المواطن، بدلا من أن تقوم هذه الحكومات باتخاذ إجراءات عملية فيما يتعلق بمحاربة الفساد واستعادة الأموال من "الفاسدين المفترضين" أو محاربة التهرب الضريبي وتحصيل الأموال التي تم اهدارها نتيجة هذا التهرب. كما يرى البعض أن الحكومات الأردنية تخضع بالكامل لإملاءات صندوق النقد الدولي، وحقيقة ان تصريح رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي قد أكد هذه المخاوف عندما أكد ان ارسال قانون الضريبة الجديد الى مجلس النواب هو أحد شروط الصندوق لتقديم قروض للأردن، وهو التصريح الذي اثار الغضب على المستوى الشعبي وعلى مستوى النخب، كما تعرض رئيس الوزراء للنقد من قبل بعض المحللين باعتبار أن تصريحه 2017 حزيران 7 يفتقر إلى الدقة والواقعية مدللين على ذلك بما ورد في تقرير نشره صندوق النقد الدولي بتاريخ .
يؤكد على أن تخفيض الضريبة على الدخل يشكل عاملا محفزا لتنمية الوظائف والحد من انتشار الاقتصاد غير الرسمي.
يصب الأردنيون غضبهم أيضا على مجلس النواب "المنتخب" ويصفون أعضائه بأنهم تحت السيطرة الكاملة للحكومة وأنهم غير قادرين أو غير راغبين في تمثيل الإرادة الشعبية، ويعتبر كثير من الأردنيين بأن المجلس غير قادر على أداء اداوره التشريعية والرقابية بما يضمن تحقيق مصالح المواطنين، ولهذا فأن جزءا كبيرا من المحتجين رفعوا شعار حل مجلس النواب .
ما سبق يؤكد أن الأردنيين ليسوا غاضبين بسبب قانون ضريبة الدخل الجديد فقط، ولكنهم مستاؤون من النهج الكامل الذي تسير عليه الحكومات المتعاقبة وليس فقط حكومة الدكتور هاني الملقي، ويرون أن الحكومات تعيش في عزلة عن الشعب وأن مجلس النواب وعلى الرغم من انه مجلس منتخب الا انه لا يمثل الإرادة الشعبية فعليا وانما يمثل مصالح أعضائه المتقاطعة مع الحكومة، ويؤكد كثير من المحللين وقادة الرأي ان النهج الحكومي بشكل عام يفتقر الى الشفافية في التعامل مع معظم القضايا العامة، كما أن الحوار بين الحكومة ومختلف مؤسسات المجتمع الأردني غير موجود أو موجود بشكل صوري وغير حقيقي، وأن هناك تغييبا متعمدا للأحزاب السياسية والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني عن اليات صناعة واتخاذ القرار والسياسات.
ما هو المطلوب لتجاوز التحديات الراهنة؟
يرى مركز هوية أنه وعلى الرغم من ان الاحتجاجات الجارية حاليا ذات طابع اقتصادي ومعاشي بالدرجة الأولى الا ان الحلول المقترحة لا يجب ان تكون محددة في الجانب الاقتصادي فقط، بل على العكس من ذلك فأن الحل الحقيقي والجذري للمشاكل الاقتصادية يتمثل بالدرجة الأولى في ضرورة التقدم أكثر على طريق الإصلاح السياسي، وذلك لأسباب كثيرة منها ان الإصلاح السياسي يعني بالضرورة تعزيز المشاركة الشعبية في صنع السياسات واتخاذ القرار وبالتالي إحساس المواطنين بأنهم جزء حقيقي وفاعل في إدارة الشؤون العامة للبلاد ويتحملون مع الحكومة ومجلس النواب مسؤولية هذه السياسات والقرارات. كما يعمق الإصلاح السياسي مبدأي الشفافية والمسائلة وهو الأمر الذي من شأنه ان يرفع مستوى الثقة بين المواطنين وصانعي القرار على مختلف المستويات. ويعزز الإصلاح السياسي.
العمل المؤسسي البعيد عن الفردية كما يعزز من الحوار بين مؤسسات المجتمع على اختلاف أنواعها ضمن اطر وقنوات واضحة.
ويقترح مركز هوية مجموعة من الخطوات القابلة للتطبيق والهادفة الى تجاوز التحديات الراهنة والمضي قدما باتجاه اصلاح سياسي حقيقي وجذري، وهي كما يلي:
أولا: إيقاف كافة القرارات ذات الطابع الاقتصادي التي صدرت على الحكومة مؤخرا حتى اشعار اخر .
ثانيا: الإعلان الواضح عن كافة المشاكل والتحديات الاقتصادية التي تواجه الأردن واسبابها سواء كانت هذه الأسباب خارجية أو داخلية. والاعلان عن كافة الالتزامات المترتبة على الأردن نتيجة الالتزام ببرنامج التصحيح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي.
ثالثا: استقالة الحكومة الحالية وتكليف حكومة مصغرة من شخصيات تحظى بثقة المجتمع الأردني، على ان تكون مهمة هذه الحكومة الشروع في حوار وطني حقيقي وعملي حول الملفات الرئيسية ذات العلاقة بعملية الإصلاح السياسي بهدف الوصول الى خطة عمل قابلة للتطبيق تشمل اجراء تعديلات دستورية وتشريعية .
رابعا: اجراء حوار معمق حول قانون الانتخابات يجمع كلا من الحكومة المصغرة ومجلس السياسات والأحزاب السياسية والنقابات المهنية والعمالية ومؤسسات المجتمع المدني المتخصصة وخبراء في الشأن الانتخابي بهدف الوصول الى قانون انتخابات يضمن عدالة التمثيل ويؤدي الى انتاج مجلس نواب قادر على أداء مهامه التشريعية والرقابية بكفاءة.
خامسا: حل مجلس النواب والدعوة الى انتخابات مبكرة ومن ثم تشكيل حكومة برلمانية ذات برامج سياسية واقتصادية واضحة على أساس الكتلة الأكبر داخل مجلس النواب .