السلطة الفلسطينية تواجه أزمة داخلية
تصاعدت في الآونة الأخيرة حدة الخلافات الداخلية بأعلى هرم السلطة الفلسطينية مما عكس أزمة تبدو الأكثر تشعبا في العلاقة بين قيادات السلطة منذ قيامها قبل 18 عاما.
وأكدت مصادر متطابقة فتور العلاقة بين رئيس السلطة محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض على خلفية رفض الأخير نقل رسالة سياسية إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي، وهي مهمة قام بها كبير المفاوضين صائب عريقات ورئيس جهاز المخابرات ماجد فرج.
من جهة ثانية، أفادت مصادر مطلعة بالرئاسة الفلسطينية للجزيرة نت أن عباس أعفى أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه من منصبه كمشرف عام على الإعلام الرسمي.
ووفق المصادر نفسها فإن القرار اتخذ بالـ18 من الشهر الجاري، وجاء عقب منع عبد ربه للتلفزيون والإذاعة الرسميين نشر أي معلومات حول الرسالة التي بعثها الرئيس الفلسطيني إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، والتي رفض عبد ربه المشاركة في نقلها إلى جانب عريقات وفرج.
وأضافت المصادر أن عبد ربه تراجع عن موافقة سابقة للمشاركة في تسليم الرسالة بعد أن علم بامتناع رئيس الوزراء سلام فياض عن المشاركة في تسليمها.
وبينما قال عبد ربه في تصريحات صحفية إنه سمع بشائعة عزله منذ ثلاثة أشهر، تتردد أنباء عن احتمال إعفائه من منصبه كأمين عام للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهو ما يتطلب التصويت داخل اللجنة نفسها، إلا أن دولة عربية تضغط لعدم تنفيذ القرارين.
وبدأ التوتر بين عبد ربه وعباس حين أيّد الأول ضغطا عربيا على عباس لدفعه إلى تأجيل قراره بالتوجه إلى الأمم المتحدة خلال سبتمبر/ أيلول الماضي لطلب عضوية كاملة لدولة فلسطين بدعم من إحدى الدول العربية.
تعديل وزاري
وتتزامن هذه التطورات، مع أنباء عن تعديل وزاري يُعد له الرئيس الفلسطيني وإحالة ملفات عدد من الوزراء إلى محكمة قضايا الفساد التي يرأسها القيادي بحركة فتح رفيق النتشة.
وقد رفض رياض المالكي وزير الخارجية بحكومة فياض المثول أمام لجنة رقابية برلمانية للإجابة عن تساؤلات وتقديم إيضاحات تتعلق بوزارته ومنح جوازات دبلوماسية لمن لا يستحقونها، وفق ما أكده للجزيرة نت منسق لجنة الرقابة على الأداء الحكومي بالمجلس التشريعي النائب ماجد أبو شمالة.
وأكد أبو شمالة إحالة ملفات المخالفات الإدارية والمالية بوزارة الخارجية إلى هيئة مكافحة الفساد، موضحا أن هذا الإجراء جاء بعد أن رفض وزير الخارجية الجلوس مع لجنة الرقابة.
وكانت السلطة اعتقلت قبل أسابيع صحفيا فلسطينيا نشر تحقيقا حول ما قال إنه فساد في سفارة فلسطين بفرنسا وعلاقة وزارة الخارجية بهذا الفساد، إلا أن المالكي ندد بما نشر وهاجم ناشر التقرير.
وسبق أن أحيلت ملفات عدد من وزراء حكومة فياض لهيئة الفساد بينها ملفا وزيري الاقتصاد حسن أبو لبدة والزراعة إسماعيل الدعيق.
خلافات قديمة
ويقول مسؤول البحوث بالمركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الإستراتيجية إن خلافات عباس وعبد ربه تعود لأكثر من عام، وتفاقمت مع التوجه إلى الأمم المتحدة مع رؤية عبد ربه عدم جدوى هذا التوجه.
وأضاف خليل شاهين أن مواقف عبد ربه وإن كانت غير معلنة، كانت متداولة في بعض اللقاءات مع سفراء ودبلوماسيين عرب وأجانب، وفق ما كشفته وثائق ويكيليكس مطلع العام الجاري، مضيفا أن الرسالة إلى نتنياهو فاقمت هذه الخلافات.
وتحدث عن خلافات داخل الحكومة وتحديدا بين رئيس الوزراء وأطراف بالحكومة لا يعتقد رئيس الوزراء أنها باتت تأتمر بتوجيهاته وخاصة وزير الخارجية، معتبرا ظهور الخلافات إلى العلن تعبيرا عن طبيعة الأزمة التي دخلتها السلطة.
وقال شاهين إن أزمة السلطة بدأت بشكل أساسي منذ الانقسام أواسط 2007 وتفاقمت بالضفة مع طرح الحكومة قبل أكثر من عامين ما يسمى برنامج بناء مؤسسات الدولة قبل إنهاء الاحتلال، وأضاف "فسقط المبدأ وتحولت السلطة إلى رهينة لنفسها وباتت تعمل لتمويل بقائها حتى لو كان من جيب المواطن مما جعلها عرضة لشتى الضغوط ولمحاولات الابتزاز وعبئا على الشعب الفلسطيني وكفاحه".الجزيرة