jo24_banner
jo24_banner

هل يفكرون في انقلاب على مرسي؟!

ياسر الزعاترة
جو 24 : فشلت محاولات الحشد في القاهرة، وانحسرت المليونيات إلى بضع مئات من الناس، وتعرض العنف الذي مارسه البلطجية لإدانة واسعة النطاق، وتبين أن جبهة الإنقاذ التي كانت تمنح غطاء لذلك العنف قد خسرت الكثير من حضورها الشعبي، وقد حدث ذلك بسبب تبعات ذلك كله على حياة الناس، فضلا عن عبثيته بمختلف المقاييس.

لكن ذلك لم يغير في طبيعة المخطط الذي يدور في خلد بعض رموز المعارضة، في ظل وجود من يمنحهم فرصة التفاؤل بإمكانية نجاحه، أعني تصعيد الموقف من أجل استجلاب انقلاب عسكري (يدعو بعضهم لتدخل الجيش علانية ودون خجل).

من هنا، انتقل التصعيد إلى مدن أخرى كي لا يقال: إن الاحتجاج محصور في نخب معينة في القاهرة فقط. من بورسعيد إلى المنصورة وسواهما، وقد ينتقل إلى مناطق أخرى، وفي كل مرة يجري الاشتباك مع رجال الأمن، ثم يسقط ضحايا (قتلى وجرحى)، ثم يتولى رموز الإنقاذ والناطقون باسمهم إقامة سرادقات العزاء على الضحايا وإدانة مرسي الذي لا يعدو أن يكون بحسب دعايتهم نسخة من حسني مبارك!!

ما ينبغي قوله بكل صراحة ووضوح، ويبدو أن بعض الإسلاميين، لا يدركونه تماما، هو أن العلاقة بين مرسي وبين الجيش والأجهزة الأمنية (بخاصة الأخيرة) لا تبدو على ما يرام، ويبدو أن هناك بين صفوف قيادتها من يفكر حقا في الانقلاب، وهو الذي يعطي الإشارة للمعارضة بأن تواصل التجييش ضد مرسي.

في المقابل لا يكفّ الرئيس مرسي ورموز الإخوان عن مساعي إرضاء المؤسسة إياها، ويبدو أن الكثير من خطواتهم السياسية إنما تتحرك تحت وطأة هذا الهاجس (إرضاء الجيش والأمن) كي لا يندفعوا نحو خيار الانقلاب، ما يتسبب في أخطاء سياسية، وارتباك في الأداء.

والحال أن لو توفرت إرادة حقيقية في المؤسسة الأمنية لوقف أعمال البلطجة في الشارع (ومعه التجييش الإعلامي المبتذل) لما كان ذلك صعبا، لأننا لا نتحدث عن مظاهرات مليونية تصعب مواجهتها، ولا عن ثورة شعبية، بل نتحدث عن أعمال مخلة بالقانون ليس من الصعب التعامل معها إذا توفرت النية. كما أننا لا نتحدث عن إعلاميين من صنف الأبطال، وإنما عن قوم كانت لكثير منهم ارتباطات سابقة مع تلك الأجهزة (مذيع تلفزيوني مشهور وزوجته المذيعة المشهورة أدوا فريضة الحج آخر مرة على “كوتا” جهاز المخابرات!!).

من يعتقد أن كل هذا الحشد الإعلامي ضد مرسي، ومن ورائه البلطجة وإثارة العنف والفوضى يتم خارج سياق إرادة المؤسسة الأمنية، ومن ورائها العسكرية، فهو لا يعرف مصر التي يعشش فيها جهاز أمني رهيب يتحكم بمفاصل المجتمع وأكثر مؤسساته.

أسوأ ما في هذه اللعبة هو حديث الأخونة الذي يتورط فيه حتى بعض الإسلاميين مع الأسف، ولا نعرف أين هي الأخونة في وزارة فيها 7 وزراء من الإخوان (أكثرهم بلا أهمية) من بين 34 وزيرا، فيما لا وجود لهم في الوزارات السيادية؟ وأين هي الأخونة في بلد يعرف الجميع أن المؤسسة العسكرية والأمنية هي الأقوى فيه والأكثر نفوذا وسيطرة، بينما لا يحظى الإخوان فيها بأي حضور على الإطلاق؟!

الإخوان يدركون ذلك كله، بل ربما أدركوه لاحقا، وإذا كان مرسي قد تمكن في لحظة فارقة وبسبب خطأ من قيادة الجيش في إقصاء بعض رموزه، فإن ذلك لم يغير في الواقع الكثير، لأن من أكثر من جاؤوا بعدهم هم من ذات العلبة التي كان مبارك قد أعاد تشكيلها عبر سيطرته على السلطة لثلاثة عقود. وحتى لو كانت لقائد الجيش وجهة نظر أخرى، فإن قدرته على منع ذلك تبقى محدودة في ظل تعرض الآخرين، كما المجتمع، لحملة التجييش الإعلامي المضللة، فضلا عن خوف بعضهم على مكاسبه الشخصية.

دعك هنا من مؤسسة القضاء التي تخضع بدورها للمؤسسة الأمنية، وتتلقى الإيحاءات منها، وبعضها متورط في الفساد أصلا، وإلا فما معنى تلك الحملة على الأنفاق على حدود غزة، وما معنى أن تقضي محكمة بإلزام مرسي بإغلاق تلك الأنفاق؛ الأمر الذي لم يحدث أيام مبارك وعمر سليمان؟!

فوق ذلك كله، نتابع تلك التصريحات التي لا تتوقف من قبل بعض رموز المؤسسة العسكرية، بعضها يقول إنها على مسافة واحدة من الجميع، مع أنها تتبع الرئيس والسلطة المنتخبة كما تقول الأعراف في العالم أجمع، أو تلك التي تهدد بأن الصبر على الإخوان سينفذ مستعيدة كلاما لرمز إخواني (كان خطأ دون شك) واتهم فيه الجيش بالوقوف وراء الهجوم الذي أودى بحياة 16 جنديا وضابطا قرب رفح، أو تلك التي تؤكد إمكانية التدخل في حال تهديد “الأمن القومي”.

لا نشك بالطبع في أن أصابع الخارج (العربي تحديدا) لها يد في ذلك كله، لاسيما أنها الأكثر حرصا على إنهاء تجربة مرسي، والأكثر سخاءً في الدفع من أجل إنجاز الهدف.

سيناريو الانقلاب ليس قدرا، حتى لو أرادته جهات عديدة، فهناك من دون شك، قيادات عاقلة في المؤسسة الأمنية، وبدرجة أكبر العسكرية لا يمكن أن تقبل بإدخال البلد في أتون المجهول، لاسيما أن ما يَعد به مرسي هو تعددية حقيقة لا هيمنة فيها لحزب واحد، وحين يدعو الناس لانتخابات حرة ونزيهة بإشراف داخلي وخارجي، فهو يؤكد على هذا المسار الذي يعبر عن روح الثورة، في ذات الوقت الذي يلبي تطلعات الشعب المصري في بداية جديدة ستكون صعبة دون شك، لكنها تبشر بالكثير.


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير