jo24_banner
jo24_banner

حروب غير مبررة

يوسف غيشان
جو 24 : يحدثونك- ربما على سبيل الطرافة- عن أخطاء حصلت في التاريخ، بعضها طريف وبعضها قاتل اودى بالملايين ، الغريب أن اثنين من أخطاء التاريخ المتداولة تخصنا نحن العرب، إذ لا نستطيع أن ننام مرتاحين إذا لم يكن لنا حصة الأسد من عثرات التاريخ.

يتحدثون عن أقل أخطاء التاريخ ضررا، حيث استفاد الملايين منه ، ولم يتضرر سوى فرد واحد ، بالأحرى عائلة واحدة.حصل هذا الخطأ البسيط عندما باع(جورج هاربش)مزرعته في جنوب أفريقيا الى شركة تنقيب، مقابل (10)جنيهات، لأنها لم تكن تصلح للزراعة. وما هي الا سنوات قليلة حتى تبين أن هذه المزرعة هي أكبر منجم للذهب في العالم ، وما تزال حتى الان تنتج 70% من ذهب العالم.

أما الخباز الإنجليزي(جوفينز) فقد نام ذات ليلة من عام 1696 ،وقد نسي إطفاء شعلة صغيرة في فرنه، فاشتعل منزله، ثم اشتعلت نصف لندن، وقتل الالاف من الناس، فيما يسمى في كتب التاريخ ب(الحريق الكبير ). الغريب أن المسخوط(خوفينز) لم يصب بأذى من الحريق الكبير.

وفي يوم آخر من عام 11347،دخلت عدة فئران الى (7) سفن إيطالية كانت ترسو في الصين، وحينما وصلت ميناء فينيسيا الإيطالي ، تسللت الفئران، ونشرت الطاعون في المينا ، ثم في ايطاليا، ثم في أوروبا ..ومات ثلث سكان أوروبا آنذاك خلال عشر سنوات، وكان الطاعون قد قتل نصف سكان الصين قبل أن يصل ميناء فينيسيا.

فلنقفز عن أخطاء التاريخ الأخرى ، ولنهتم بأخطائنا نحن، ليس على سبيل الشماتة (بنا)، بل من أجل أن ندرك ما وقعنا فيه من خطايا، لعلنا(أقول لعلنا) نفكر أكثر من مرة حتى لا نكرر ذات الأخطاء.

فقد اختلف الملك الإنجليزي في القرون الوسطى مع (بابا)الفاتيكان، فأرسل وفدا الى ملوك الطوائف في الأندلس، يطلب منهم ارسال دعاة مسلمين الى إنجلترا حتى يتحول الشعب من الكاثوليكية الى الإسلام، لكن ملوك الطوائف المنهمكين بنسائهم وغلمانهم وخلافاتهم تقاعسوا عن الرد، ولم يرسلوا أحدا، الى أن تم حل الإشكال بين الملك والبابا.

أما في معركة بلاط الشهداء(سان بوايته) التي حصلت على الأراضي الفرنسية التي توغل فيها الجيش العربي الأموي، وهزم قوات شارل مارتن(شارلمان)، لكن مستشاري شارلمان أشاروا عليه أن يرسل من يصرخ بالعربية الفصحى، خلف خطوط العرب، بأن غنائمهم تتعرض للنهب . ولما سمع افراد الجيش العربي بذلك تراجعوا لحماية الغنائم، فانهزموا شر هزيمة ، ولم يجرؤوا بعدها على التوسع في أوروبا.

تخيلوا.... لو أن أحد ملوك الطوائف ارسل عدة دعاة الى انجلترا، مستغلا الوضع،لكان فتح باب الإحتمالات الواسع لإسلام انجلترا، ثم انتشار الإسلام في أوروبا سيما وأن الكثير من المناطق كانت حتى ذلك الوقت ما تزال على وثنيتها، ولما كانت هناك حاجة الى معركة (سان بواتيه) ثانية ،بل كان الإنجليز وبقية الشعوب الأوروبية يستقبلون العرب استقبال المحررين، كما حصل مع هتلر في النمسا.

نرجع الى (سان بوايته) حيث كررنا ذات الخطأ الذي وقع فيه المسلمون في معركة أحد، لكن هذا الخطأ تم تداركه في حينها ، حيث أعلن بطل المعركة المشرك إسلامه فيما بعد(خالد بن الوليد) وقاد العرب المسلمين الى النصر تلو النصر.

لكننا نحن أصحاب(لا يلدغ المؤمن من الجحر الواحد مرتين) وقعنا في ذات الخطأ(خطأ الغنائم) عشرات المرات ، لكن أشهرها كان خطأ معركة بلاط الشهداء ، لأنها كانت الخط الفاصل والحاسم لطموحات الأمبرطورية العربية ، التي توقفت حدودها عن التوسع، ثم بدأت بالتلاشي ، حتى اصبحت الأمبرطورية العربية فريسة لكل شعوب العالم المغلوبة أنذاك.

تخيلوا ما أردتم تخيله ، لكن الخيال لا يغير الواقع، وها نحن نرفل بالهزيمة نتيجة أخطاء كانت تبدو غير جوهرية في وقتها: تقاعس عن أرسال الدعاة، وهزيمة في معركة لسبب سخيف.

لكن لا أحد ينافسنا في الأخطاء المفرطة في الغرابة (وربما الطرافة)، فنحن أحفاد من دخلوا حربا طاحنة من أجل ناقة جرباء(حرب البسوس) ، أو من أجل فرس وحصان (داحس والغبراء)، ولا ننسى الحرب التي اعتدى فيه الأجداد على حرمة الأشهر الحرم وسفكوا دماء بعضهم فيها(حرب الفجار) وغيرها وغيرها من الحروب غير المبررة على الإطلاق.

وما تزال اخطاؤنا قيد التكرار!!



ghishan@gmail.com


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير