الحكومة وضبط النفقات و"ذاكرة السمكة"
د. فاخر دعاس
جو 24 :
قرر مجلس الوزراء برئاسة رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز الموافقة على مجموعة من الاجراءات لترشيد الانفاق الحكومي وضبطه، من ضمنها عدم شراء السيارات الا في الحالات الضرورية وبعد الحصول على موافقة مسبقة من رئيس الوزراء، وعدم استخدام السيارات الحكومية الا للاعمال الرسمية وتخصيص سيارة واحدة لكل وزير، وعدم تغيير الاثاث او شراء اثاث جديد الا للضرورة القصوى وبعد الحصول على موافقة رئيس الوزراء المسبقة، والحد من سفر الوفود واللجان الرسمية للخارج الا للضرورة القصوى.
ما إن قامت الحكومة بنشر هذا القرار، حتى ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالمديح والثناء على "النهج الجديد"، والخطوات "الجبارة" لضبط النفقات، والإنجازات "التاريخية وغير المسبوقة" لحكومة الدكتور عمر الرزاز، والتي تؤكد جدية هذه الحكومة بالتعاطي مع مطالب الحراك.
وللتذكير، ولإنعاش "ذاكرة السمكة" لدى بعض المواطنين، فإن هذه القرارات ليست جديدة، وقد اتخذتها كافة الحكومات السابقة، ابتداءً من حكومة علي أبو الراغب منذ عام 2003، مروراً بحكومة نادر الذهبي في عام 2005، وجددت التأكيد عليها حكومة سمير الرفاعي في عام 2011، وعبدالله النسور في عام 2012 ، وأخيراً الرئيس السابق هاني الملقي في عام 2017.
إذن، لا يمكن فهم هذه الضجة الإعلامية التي صاحبت قرارات حكومة الدكتور الرزاز بترشيد النفقات، إلا في إطار "الشو" الإعلامي الذي يبدو أن هذه الحكومة تتقنه جيداً. كما أن قيام هذه الحكومة بتكرار الحديث عن قرارات سابقة وإظهار أنها من إنجازاتها، يكشف حجم عجز هذه الحكومة عن القيام بخطوات جادة لتغيير النهج الاقتصادي الذي طالب به الحراك.
ال"شو" الإعلامي الذي صاحب قرار ترشيد النفقات، وقرار وقف تعهدات الصيانة الذي ثبت أن حكومة الملقي هي من قامت باتخاذه في نيسان من هذا العام، إضافة إلى ملف تأمين مرضى السرطان، الذي سنفرد له مقالاً خاصاً لأهميته. هذا ال"شو" الإعلامي يدلل على أن هذه الحكومة إما أنها أعجز من أن تتصدى للمهمات الموكلة لها، أو أنها ليست سوى نسخة "سيئة" من الحكومات السابقة التي كانت تتحفنا بقرارات "شعبوية"، لتمرر بعدها قرارات وإملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين. وللحديث بقية.