أنثى..
"ان شاء الله تكحليها بالصبي".. جملة كانت تتردد كلما انجبت أمي احدانا، كبرنا ولم "نتكحل" بالصبي، واصبحنا سندا لامي وابي و"كحلنا" حياتنا بلمسات انثوية تزيد شدتها كلما حاصرت عائلتنا الصغيرة هموم الدنيا وتفاصيل الحياة المرهقة، وزاد جمال لمساتنا حينما رزقنا بحفيدتنا الأولى "جنى".
"ما شاء الله عليها ما مالها شي حلوة ومؤدبة ومتعلمة ليه ما تزوجت لهلأ".. جملة تطاردها كلما حضرت حفل زفاف أو دخلت الى "صالون" لتصفيف شعرها، أو تحدثت مع زملائها في العمل، الفتاة ان وصلت الـ30 عاما وهي عزباء، وتزداد حدتها كلما تقدم بها العمر "طبعا ما هي عانس"، "حرام ما تزوجت لهلأ"، "اكيد بكون بنفسها تكون أم"، "هاي سنة الحياة ما تحكوا انها ما بدها" !
"صحيح من حقك تشاركي في الحياة السياسية والعمل العام بس ديري بالك انت بنت مش حلوة ضلك بالشوارع واذا لا سمح الله صار شي مش حلو تراجعي مغافر ومحاكم"، "بتقدري تتأخري بالليل"، "البوست اللي بتحطي على فيسبوك بجيب لايكات لانك انثى"، وكثير كثير كثير من الجمل والافعال التي تواجهها الأنثى ان ما فكرت أت تغرد خارج السرب !
"ادرسي شي تصيري معلمة … المعلمة بتاخد اجازة طويلة بالصيف وبترجع ع البكير، أحسنلك بكرا لما تتزوجي وبجيكي عرسان اكثر".. جملة تتكرر أول ما تنجح وتتقدم للجامعة.
"ابصر كيف وصلت لهون"، "زوجها مسكين"، "أهلها مش سائلين"، "ماشاء الله كتير هاممها عادات المجتمع!"، جمل تواجه المرأة الناجحة سواء بوظيفتها أو لوصولها مناصب ادارية !
"شو تطلقي"، “"يا حرام مطلقة"، "مين بده ياخدك وانت مطلقة وعندك ولد"، "يمكن كان معصب لما ضربك أو سب عليك لا تكبري الموضوع"، "لا تتأخري شو بدك الناس تحكي عنا وانت مطلقة وراجعة متأخرة"… جمل تسمعها من أرادت الانفصال عن زوجها وحياة تزيد الـ"لاءات" فيها ان استطاعت فعلا الطلاق.
زمان كنت أتمنى أن أنجب 5 صبيان، حتى لا تجبرني مرجعيتنا الثقافية على أن أقول "لا" لأحدهم، اليوم أريد أن تتزين حياتي في المستقبل بضفائر طويلة لاناث عصيات على الكسر، برموش سوداء شامخات يحملن انتصار بنات جنسهن ، أريدهن عنيدات كالقدس ساحرات كجبال عمان .
أمي شكرا لوجودك ، شكرا لكل تمردك وان بدى منكسرا أحيانا…. شكرا لأنك أنجبت 3 اناث ناجحات، كحلت حياتنا تربيتك العصية على الخدش رغم عوامل الحت والتعرية التي نواجهها… شكرا لكل هذا العطاء والأنوثة !