بشر الخصاونة يكتب عن: ما يسمى "صفقة القرن” والتعامل الاردني معها
الوزير السابق بشر الخصاونة
جو 24 :
يتركز انتباه الناس هذه الأيام وتضج المجالس والمناسبات العامة بالحديث عن الطروحات والمقاربات الامريكية بخصوص القضية الفلسطينية ، والتي اصبح يشار اليها بمسمى "صفقة القرن" وتعامل الاردن مع هذا الامر، رغبت بالاستئذان بالمشاركة بهذه الملاحظات حول هذا الموضوع ألخصها بما يلي؛
- هناك أفكار تطبخ و تجري محاولات لتسويقها من قبل الولايات المتحدة الامريكية وتحديدا الادارة الامريكية الحالية، وهذه الأفكار مما يرشح حولها وبخصوصها في وسائل الاعلام ، لا تلبي الحد الأدنى من العدالة ولا تستجيب لمنظومة الحقوق الفلسطينية الثابتة وغير القابلة للتصرف والمعترف بها دوليا.
- هذه الأفكار يجري، على ما يشاع، الحديث حولها مع أطراف عربية ودولية ويتم ضغط يستهدف تأمين القبول العلني بها والموافقة عليها حال إعلانها بشكل رسمي للعامة كمبادرة رسمية تمثل رؤية الادارة الامريكية الحالية للحل
- استشعر تسرعا من قبل العديد من المتابعين والمهتمين في الاردن وخارجه ، بالاستنتاج بأن الاردن سيوافق على هذه الأفكار حال طرحها رسميا وعلنيا من قبل الادارة الامريكية الحالية، وارى في هذا الصدد ان مثل هذا التوقع والتسرع في الحكم نظريا ومسبقا على موقف الاردن الرسمي حال اعلان هذه الأفكار علنيا ورسميا، والتنبؤ بان الاردن سيوافق عليها بقدها وقديدها يعوزه الانصاف ويفتقر الى الاسناد العلمي المبني على سوابق تاريخية، فالاردن لم يوافق على خطط مثل (ألون+ ولا حتى الشق الخاص بالقضية الفلسطينية في اتفاقات كامب دايفيد المصرية- الإسرائيلية، والدولة الموقتة ورسائل بوش الابن لإسرائيل عام ٢٠٠٤ وغيرها)، بل ذهب الاردن باتجاه تنفيس بعض هذه الطروحات او الدفع باتجاه عكسها او خنقها بالمراهنة على الوقت وتركها لتضمر وتموت).
- وتأسيسا على هذا وعلى إدراك القيادة السياسية في الاردن ممثلة بجلالة الملك ومعاونة المؤسسات السيادة الوازنة وهي القوات المسلحة الباسلة والمنظومة الأمنية ووزارة الخارجية الاردنية وكوادرها الخبيرة، وفهمها العميق والدقيق لمعنى ومبنى ومفهوم الأمن الوطني الاردني، والأمن القومي العربي الاوسع وإجادتها للمناورة الدبلوماسية والسياسية، فإنني اكاد اجزم بان المقاربة الاردنية حيال هذه الأفكار والطروحات ترتكز (على ما اعتقد) الى التشبيك السياسي والفكري والنظري معها بهدف تحسينها وإنضاجها، وربما إشباعها بحثا وتمحيصا، وربما مماطلة ومراهنة على تفويت الوقت وأماته إمكانية التاطير الرسمي لهذه الأفكار في شكل سياسي مرجعي قد يمثل، بالنسبة لاصحابه، أساسا مرجعيا للحل لنتفادى وضعا نكون معه امام خيار الرفض الرسمي او القبول الرسمي لطرح رسمي يهدف الى عملية احلال واستبدال مرجعي خطير لاسس الحل السلمي النهائي ان صح التعبير.
- ومن باب الانصاف وتسمية الأشياء بأسمائها، يتعين ان نشير هنا بعجالة الى ان جلالة الملك، وفِي كل ما نسب لجلالته. من قول خلال زيارته الاخيرة للعاصمة الامريكية واشنطن، لم يحد قيد انملة عن، لا بل أعاد التاكيد وبوضوح وثبات يحسب له على الموقف الرسمي المعلن والقوي والواضح الذي يشدد على ان حل الدولتين الذي تقوم بمقتضاه الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة على خطوط ٤ حزيران ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، وتتحقق فيه متطلبات تسوية القضايا الجوهرية وهي للتذكير قضايا القدس واللاجئين والأمن والحدود والمياه والمستوطنات وفقا للمرجعيات الدولية ومبادرة السلام العربية هو الحل الوحيد للصراع
- لذلك أجدني مطمئنا الى مبدئية وصلابة منطلقاتنا ، وارى ان مهارة وفن التشبيك مع الأفكار، التي نتقن تاريخيا، وهي قيد الإنضاج قد تكون اكثر حصافة وحكمة ، سيما في ضوء حاله التشرذم العربي القائمة، والتباس الاولويات، من حالة التمترس والتخندق والرفض المسبق لشيء لم يعلن عنه رسميا، والمراهنة على تقطيع الوقت والتعطيل او التحسين او التغيير عبر التشبيك تصبح برأيي ضرورة ودرءا لمفسدة. وارى ان القفز الى استنتاج ان الاردن سيوافق على الأفكار والصفقة حال إعلانها رسميا كأساس مرجعي رسمي للتسوية والحل، فيه عدم أنصاف كبير للأردن وسجل الاردن الذي فيه الكثير من التشبيك السياسي الحصيف والذي فرضته وقد تفرضه الواقعية السياسية والموائمات احيانا، ولا يوجد فيه اَي تفريط بحمد الله لا في الفروع ولا في الأصول ولا في المفاصل ولا في التفاصيل.
- بقي ان استأذن بان اختتم بالتشديد على ضرورة تعزيز ثقافة ومنهجية الاعتماد على الذات ، لأنها تعزز عناصر المنعة ومنظومة المناعة الوطنية لان الحاجة الى الغير قد تفرض تنازلات غير حميدة، والامر الاخر هو التشديد على ان ما نحتاجه في ظل الظروف والمناخات الدولية والإقليمية الراهنة، والمصاعب الاقتصادية هو اعادة انتاج تكاتفنا الجمعي تحت مظلة الهوية الوطنية الاردنية الجامعة التي يثريها تنوعها وعبر بوابة الحوار الوطني والاجتماعي الذي يركز على ،ويبرز الكثير الذي يجمعنا بالفعل ويعظمه ويبتعد عن ما يفرقنا ويوترنا ويقلصه.
واستميحكم العذر على الاطالة