الطراونة منفردا وافق على طلب سحب مشروع قانون التقاعد المدني..هل بات التشريع مرتهنا باهواء الحكومات؟!!
جو 24 :
كتب أحمد العكور - فجر النائب مصطفى ياغي مفاجأة من العيار الثقيل، عندما اعلن عن نية الحكومة تقديم مشروع جديد لقانون التقاعد المدني ،الذي يفترض انه ما زال بعهدة مجلس الامة بعد ان رده الملك مسببا بتاريخ ٢٥ أيلول ٢٠١٤، ويتطلب حكما منذ ذلك التاريخ جلسة مشتركة للبت فيه ،فاما ان يقرر مجلس الامة رده ايضا ،او ان يوافق عليه باغلبية ثلثي الاعضاء (النواب والاعيان) ، وبذلك يصبح مشروع القانون واجب الاصدار ويعتبر نافذ المفعول وبحكم المصدق ، دون الحاجة الى موافقة ملكية، وذلك استنادا الى الفقرة ٤ من نص المادة ٩٣ من الدستور الاردني .
المفاجأة كانت، باعلان الحكومة انها قامت بسحب القانون من مجلس الامة بتاريخ ١٦ نيسان ٢٠١٧ -في عهد حكومة هاني الملقي - ، بموافقة رئيس مجلس النواب عاطف الطروانة، على نحو اعتبره قانونيون، بانه يصادر حق مجلسي النواب والاعيان في مناقشة اسباب ومبررات الرد، وطرح مشروع القانون على التصويت مرة اخرى، وينطلي السحب بشكل مباشر على تعطيل نص دستوري يجسد الديمقراطية الحقيقية، و يخل بمبدأ الفصل المرن بين السلطات والتوازن بين صلاحيات السلطتين التنفيذية والتشريعية ،ما يشكل تغولا بائنا على السلطة التشريعية دون مسوغ دستوري وشرعي.
اما استناد رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة عند موافقته على سحب القانون ، على قرار المجلس العالي لتفسير الدستور رقم (١) لسنة ٢٠٠١ ، فاعتبره فقهاء دستوريون، على انه محاولة لاسقاط هذا القرار على نص دستوري واضح لا يحتمل الاجتهاد او القياس ، مبينين ان مضمون قرار المجلس العالي لتفسير الدستور لم يشمل الفقرتين (٣، ٤) من المادة ٩٣ من الدستور، وتحدث عن مراحل مختلفة تجيز سحب مشروع القانون من قبل الحكومة ، حيث ان اعادة مشروع القانون بعد توشيحه بالارادة الملكية سواءا بالمصادقة او الرد ،تتم بعد استنفاذ مرحل التشريع الدستورية ، ولو كان المجلس العالي لتفسير الدستور يقصد هذه المرحلة ايضا، لاحدث اختلالا في التطبيق العملي ،ولباتت الحكومة قادرة على سحب القانون بعد مصادقته ايضا من قبل الملك، وبذلك تصبح مشاريع القوانين التي لا تتفق مع اهواء الحكومة بعد تعديلها من قبل مجلسي النواب والاعيان عرضه للسحب ،الامر الذي يعد خرقا لمبدأ ان السلطة تحد السلطة ، وتدخل في باب تغول السلطة التنفيذية وتركز سلطة التشريع في يدها.
فيصل الفايز: لا علاقة لنا بالأمر
وعند سؤال رئيس مجلس الاعيان، فيصل الفايز، عما إذا كان يعلم أو أنه وافق على طلب الحكومة سحب مشروع قانون التقاعد المدني، أجاب الاردن٢٤ قائلا: "إن مخاطبات إحالة مشاريع القوانين وسحبها تتم بين الحكومة ومجلس النواب، نحن في مجلس الأعيان لا علاقة لنا بالأمر.
القيسي: علمنا بسحب القانون من وسائل الاعلام!
رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب، حسين القيسي، أكد من جانبه أن مشروع قانون التقاعد المدني الذي ردّه الملك لم يُعرض على مجلس النواب، مشيرا إلى أنه "يسمع حديثا وأنباء عن كون الحكومة طلبت سحبه من مجلس النواب، وأن رئيس المجلس أعاد القانون للحكومة، لكن لم يتحقق من دقة المعلومة".
وقال القيسي لـ الاردن24: "من خلال رئاستي للجنة طيلة الدورة العادية، اؤكد أن هذا القانون لم يكن مدرجا على جدول أعمال اللجنة، وقد عرفت من وسائل الاعلام أن الحكومة قامت بسحبه، ولا أعرف إذا كان بعهدة المجلس أم لا".
وأضاف القيسي: "النصّ الدستوري واضح ولا حاجة لكلّ هذا الجدل، مجلس الأمة ملزم دستوريا بمناقشة مشروع القانون الذي ردّه الملك سابقا، وليس الوارد من الحكومة مؤخرا، فإذا كانت العملية تشريعيا وليست شعبوية فالأصل أن نبحث القانون الذي ردّه الملك".
وتابع القيسي: "جلالة الملك رد القانون للأسباب المدرجة في قرار الرد، والدستور يقول بوجوب عرض القانون الذي يردّه الملك على مجلسي النواب والاعيان، وأن يتم اقراره بأغلبية الثلثين، وهذا ما لم يحدث".
وشدد القيسي على أنه وبناء على النصّ الدستوري الواضح، فإن سحب مشروع القانون في هذه المرحلة ليس باطلا، بل منعدم من الأصل، فإذا تم اقراره بأغلبية الثلثين يعتبر نافذا.
ياغي: ربما تكون الحكومة قد أقنعت رئيس المجلس
عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب، النائب مصطفى ياغي، قال: "حتى لو كان رئيس مجلس النواب وافق على سحب القانون بناء على طلب الحكومة، فاجراء السحب "منعدم" قانونيا ودستوريا"، مبيّنا أن "البطلان يكون بنصّ قانوني، ولكنه هنا منعدم ولا أثر له على حقّ المجلس في مناقشته".
وأضاف ياغي: "ربما تكون الحكومة قد أقنعت رئيس المجلس بكون سحب القانون من صلاحياتها استنادا إلى قرارا المجلس العالي لتفسير الدستور سنة 2001، وقد يكون الرئيس وافق على أساس ذلك القرار ودون أن يستشير أحد، مع أن الأصل هو استشارة رئيس اللجنة القانونية واعضاءها، وهذا لا يعني أن رئيس المجلس قد اخطأ".
وتابع ياغي: "إن كلّ فقهاء الدستور والقانون يقرّون أن المادة 93 واضحة، حقّ الحكومة بناء على القرار التفسيري -الذي لا أقتنع به- أن تسحب القانون في أي مرحلة، لكن هذا الحق يكون قبل المرحلة الثالثة وهي مصادقة الملك، فالدستور حسم هذه المسألة".
العدوان: صلاحية الحكومة
ومن جانبه، قال أمين عام مجلس النواب، فراس العدوان، إن حكومة الدكتور هاني الملقي سحبت القانون الذي ردّه الملك بتاريخ 16 نيسان 2017 ، وذلك استنادا إلى قرار المجلس العالي لتفسير الدستور رقم (1) لسنة 2001.
وأوضح العدوان إن قرار المجلس العالي لتفسير الدستور يجيز للحكومة سحب القانون في أي مرحلة من مراحل التشريع.
عاطف الطراونة لا يُجيب
إلى ذلك، حاولت الاردن24 الاتصال برئيس مجلس النواب، المهندس عاطف الطراونة، إلا أنه لم يُجب على جميع الاتصالات والرسائل النصية التي قمنا بارسالها..