خريطة الملك الإصلاحية
نضال منصور
جو 24 : الورقة النقاشية الثالثة لجلالة الملك عبدالله الثاني، تمثل محاولة للإجابة على الأسئلة المعلقة والمقلقة للأردنيين بعد محطة الانتخابات النيابية الأخيرة، وبعد تعالي الأصوات التي تتحدث عن تراجع مسيرة الإصلاح في الأردن. والورقة لا تتوقف عند اللحظة الحاضرة، بل تسعى إلى استشراف مسار المستقبل الأردني بعد عواصف الربيع العربي.
الشيء البين في كلام الملك هو أن الأردن في مرحلة مخاض، ويجب أن يمر بانتقال مرحلي لتحقيق أهدافه في التحول الديمقراطي الحقيقي؛ فحرق المراحل غير ممكن، إذ إن العملية الديمقراطية تراكمية ومستمرة، وأساسها بناء الثقافة الديمقراطية عند الناس.
حين تقرأ ورقة الملك تستوقفك؛ فهي تتوافق مع ما أتطلع إليه. وما يقلقني ليس خريطة الطريق التي رسمها الملك للمستقبل، بل خوفي من أن لا تمضي الممارسات والتطبيق، لإنضاج المراحل والأسس التي يراها الملك لبناء الديمقراطية الأردنية، والتي تحرسها الملكية الأردنية الهاشمية.
شخصياً، أوافق بأن بناء الحكومات البرلمانية عملية تراكمية مفتوحة، وأن الوصول إليها يتطلب وجود أحزاب ذات قواعد ممتدة على مستوى الوطن. وهنا علينا أن نسأل بشكل لا يحتمل اللبس: هل ما فعلته الحكومات يصب في دفع ذلك إلى الأمام، أم كنا نحاصر الأحزاب حتى لا تنهض؟
المحطة الثانية في ورقة الملك هي شكل الدولة التي نريدها وسماتها؛ فهي تدافع عن التعددية، وتكرس التسامح، وتعلي سيادة القانون، وتفصل بين السلطات وتحافظ على التوازن بينها، وتحمي الحقوق الراسخة لجميع المواطنين والمواطنات.
ولا أشك في أن أحداً في الأردن يعارض هذه المبادئ أو يقلل من أهميتها كنقطة ارتكاز للانطلاق. وأعتقد أن ربطها بشكل مقصود في ورقة النقاش مباشرة بضرورة تطوير النظام الانتخابي، أمر لم يكن صدفة، بل للتأكيد على أن قانون الانتخاب بصورته الحالية لا يقدم الضمانات الكافية لكل ذلك.
خمسة أدوار أساسية توقف عندها الملك يجب أن تتحقق لنعبر إلى بر الأمان نحو الإصلاح؛ أولها يتعلق بالأحزاب، وضرورة أن تحول ما ينادي به الأفراد إلى خطط عمل مشتركة، وتطوير برامج تستجيب لتطلعات الناس. أما الثاني، فيتصل بمجلس النواب، وهو يمارس التشريع والرقابة على الحكومة، وعليه أن يوازن بين مسؤولية التعاون مع الحكومة، ومسؤولية المعارضة البناءة وإخضاع الحكومة للمساءلة. والنقطة التي لم يفوتها الملك هنا هي ضرورة تطوير النظام الداخلي لمجلس النواب.
الحكومة هي الثالثة في لعبة الأدوار، وعليها أن تحافظ على الثقة النيابية، وأن تضع معايير للعمل الحكومي المميز، وأن تلتزم الشفافية والحاكمية الرشيدة.
وفي الحديث عن الأدوار، سعى الملك إلى بناء مقاربة تحدد المتغيرات التي يجب أن التعامل معها. فالملكية الدستورية عليها استشراف المستقبل، وحماية منظومة النزاهة والعدالة، وصون الوحدة الوطنية والتعددية والتسامح. والملك قائد يحمي المجتمع من الانزلاق نحو أي حالة استقطاب.
الركيزة الأخيرة والأساسية كانت للمواطن؛ فانخراطه في بناء الديمقراطية، والمشاركة في تطوير العمل الحزبي، يشكل اللبنة الأولى. وحتى يتحقق ذلك، لا بد أن يتحلى المواطن بالوعي، ويبحث عن الحقيقة بدلاً من الإنصات للإشاعات.
هذه خريطة الطريق التي يقدمها الملك لمستقبل الإصلاح والديمقراطية في الأردن. وإن كنت أتفق مع الأفكار والإطار النظري، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بعد مضي أكثر من شهر على عودة العمل البرلماني: هل يمكن أن يؤسس هذا البرلمان ويشارك في بناء هذه التحولات، أم أن المؤشرات تقول بأن هذا المجلس محطة مؤقتة لتأمين قانون انتخاب جديد بمواصفات تتفق مع ما يطرحه الملك؟الغد
الشيء البين في كلام الملك هو أن الأردن في مرحلة مخاض، ويجب أن يمر بانتقال مرحلي لتحقيق أهدافه في التحول الديمقراطي الحقيقي؛ فحرق المراحل غير ممكن، إذ إن العملية الديمقراطية تراكمية ومستمرة، وأساسها بناء الثقافة الديمقراطية عند الناس.
حين تقرأ ورقة الملك تستوقفك؛ فهي تتوافق مع ما أتطلع إليه. وما يقلقني ليس خريطة الطريق التي رسمها الملك للمستقبل، بل خوفي من أن لا تمضي الممارسات والتطبيق، لإنضاج المراحل والأسس التي يراها الملك لبناء الديمقراطية الأردنية، والتي تحرسها الملكية الأردنية الهاشمية.
شخصياً، أوافق بأن بناء الحكومات البرلمانية عملية تراكمية مفتوحة، وأن الوصول إليها يتطلب وجود أحزاب ذات قواعد ممتدة على مستوى الوطن. وهنا علينا أن نسأل بشكل لا يحتمل اللبس: هل ما فعلته الحكومات يصب في دفع ذلك إلى الأمام، أم كنا نحاصر الأحزاب حتى لا تنهض؟
المحطة الثانية في ورقة الملك هي شكل الدولة التي نريدها وسماتها؛ فهي تدافع عن التعددية، وتكرس التسامح، وتعلي سيادة القانون، وتفصل بين السلطات وتحافظ على التوازن بينها، وتحمي الحقوق الراسخة لجميع المواطنين والمواطنات.
ولا أشك في أن أحداً في الأردن يعارض هذه المبادئ أو يقلل من أهميتها كنقطة ارتكاز للانطلاق. وأعتقد أن ربطها بشكل مقصود في ورقة النقاش مباشرة بضرورة تطوير النظام الانتخابي، أمر لم يكن صدفة، بل للتأكيد على أن قانون الانتخاب بصورته الحالية لا يقدم الضمانات الكافية لكل ذلك.
خمسة أدوار أساسية توقف عندها الملك يجب أن تتحقق لنعبر إلى بر الأمان نحو الإصلاح؛ أولها يتعلق بالأحزاب، وضرورة أن تحول ما ينادي به الأفراد إلى خطط عمل مشتركة، وتطوير برامج تستجيب لتطلعات الناس. أما الثاني، فيتصل بمجلس النواب، وهو يمارس التشريع والرقابة على الحكومة، وعليه أن يوازن بين مسؤولية التعاون مع الحكومة، ومسؤولية المعارضة البناءة وإخضاع الحكومة للمساءلة. والنقطة التي لم يفوتها الملك هنا هي ضرورة تطوير النظام الداخلي لمجلس النواب.
الحكومة هي الثالثة في لعبة الأدوار، وعليها أن تحافظ على الثقة النيابية، وأن تضع معايير للعمل الحكومي المميز، وأن تلتزم الشفافية والحاكمية الرشيدة.
وفي الحديث عن الأدوار، سعى الملك إلى بناء مقاربة تحدد المتغيرات التي يجب أن التعامل معها. فالملكية الدستورية عليها استشراف المستقبل، وحماية منظومة النزاهة والعدالة، وصون الوحدة الوطنية والتعددية والتسامح. والملك قائد يحمي المجتمع من الانزلاق نحو أي حالة استقطاب.
الركيزة الأخيرة والأساسية كانت للمواطن؛ فانخراطه في بناء الديمقراطية، والمشاركة في تطوير العمل الحزبي، يشكل اللبنة الأولى. وحتى يتحقق ذلك، لا بد أن يتحلى المواطن بالوعي، ويبحث عن الحقيقة بدلاً من الإنصات للإشاعات.
هذه خريطة الطريق التي يقدمها الملك لمستقبل الإصلاح والديمقراطية في الأردن. وإن كنت أتفق مع الأفكار والإطار النظري، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بعد مضي أكثر من شهر على عودة العمل البرلماني: هل يمكن أن يؤسس هذا البرلمان ويشارك في بناء هذه التحولات، أم أن المؤشرات تقول بأن هذا المجلس محطة مؤقتة لتأمين قانون انتخاب جديد بمواصفات تتفق مع ما يطرحه الملك؟الغد