jo24_banner
jo24_banner

ثقوب سوداء في ثوب أبيض!

حلمي الأسمر
جو 24 : كان الدم يغلي في عروقي وأنا أقرأ ذلك التقرير الخسيس الذي بثته وكالة أبناء أمريكية، وتلقفته مواقع صحفية بالنشر باعتباره من المسلمات، وبلعت الطعم كما هي العادة، في تبني كل ما يتقيأ به إعلامهم المضلل، الذي لا يصلح في أغلبه «طعاما» للحمير!

كاتب التقرير الخبيث وضع عنوانا مثيرا له يقول: لاجئات سوريات يلجأن للدعارة في الأردن، ويتضمن بعض المعلومات (أو الإدعاءات فهو غير مشفوع باي دليل يثبت صحة ما ينشره) وهي توحي بأن هذه الممارسة «اعتيادية» بسبب التركيز على حالة أو اثنتين، من ضمن مئات الآلاف من اللاجئين الذين يقيمون في مخيم الزعتري، وهو عدد سخيف لا يذكر، وحتى لو ثبتت هذه الحالة، فإنها شاذة، ولا يعتد بها، ولا يمكن أن تنسحب على لاجئات الشام، وهن بين أم شهيد، او ارملة شهيد، او ابنة معتقل أو مفقود، فضلا عن أن من يُقم في المخيم تأتِه وجبته إلى خيمته ولا يحتاج لممارسة تلك الرذيلة إلا إذا كان أصلا عديم الأخلاق والإنسانية والشهامة!

ما استفزني أكثر في التقرير، تلك الصورة التي يحاول كاتبه رسمها لمخيم أحرار وحرائر الشام في الأردن، حين يبدأه بهذه الصورة المريعة: (تمشي وسط الخيام البلاستيكية في أحد أطراف المخيم الصحراوي المترامي الأطراف المكدس باللاجئين السوريين، فتشير إليك شابة ترتدي غطاء رأس أبيض اللون(ذكر الغطاء يؤدي رسالة هنا!) «تعال وستقضي وقتا جميلا» هكذا قالت ندى، البالغة من العمر تسعة عشر عاما، والتي فرت من مدينة درعا جنوب الأردن قبل شهور) ثم يمضي على هذا المنوال، فيدعي أنه التقى أحدى عشرة امرأة من هذا «النوع» ثم يقول: إن هناك «العشرات» من اللاجئات تحولن إلى هذه المهنة، ولا تدري إلى ماذا استند في إحصائيته هذه، ما دام التقى 11 فقط من هذا الصنف، هذا على فرض صحة كلامه، وأنا اشك فيه جملة وتفصيلا، حتى ولو «صادف» حالة من هذه الحالات، ثم يبلغ التقرير قمة الوضاعة حين يدعي أنه شاهد والد ندى «ذا اللحية التي غزاها الشيب (اللحية هنا للإيحاء بشيء ما لا يخفى على أحد!) والذي يرتدى غطاء رأس تقليديا، فيجلس تحت الشمس الحارقة وهو يشاهد الموقف صامتا» وكأنه يمعن في إيذائنا، ووضع الملح على جراحات إخوتنا السوريين، الذين سجلوا في ثورتهم اروع صور البطولة والرجولة مما عز نظيره في بلاد العرب والعجم على حد سواء، ناهيك عن النيل من مدينة الأحرار والبطولة درعا، حيث ولدت الثورة المباركة!

ثم يبلغ التقرير قمة الحقارة حين يمضي في محاولاته الخبيثة لتشويه صورة أحرار وحرائر الشام، حين يقول على طريقة نسج القصص وكتابة الروايات: «وعلى بعد بضع خيام، يقوم هذا الشاب السوري بعرض زوجته لمن يريد، الشاب يقول: إنه كان يعمل حلاقا في مدينة إدلب السورية، ويضيف «يمكنك أن تحصل عليها طوال اليوم مقابل سبعين دولارا» أما اسوأ ما يمكن أن تقرأه على الإطلاق، مما يعطي صورة قبيحة لكل الأمة، فهو ما يدعيه، على لسان أحد حراس المخيم، حين يقول، إنه بجانب الدعارة تأتى النساء لبيع أنفسهن بشكل صريح(!) مضيفا «قام جارى ببيع ابنته مقابل 2000 دولار لرجل سعودي في عمره»!

هكذا يمضي التقرير، في تضخيم ثقوب سوداء، حتى لو كانت صحيحة، فإنها لا تمثل اي دلالة ذات معنى، فماذا تشكل هذه الحالات المعدودة جدا والشاذة وسط ما يقارب المليون لاجىء سوري فروا بأجسادهم هربا من القتل والبطش؟

هي محاولة بائسة للإساءة لأهل الشام، الذين علموا البشرية الأبجدية منذ ما قبل التاريخ، وعلموها الرجولة والعنفوان في أكثر الثورات إعجازا وشرفا وشرعية في التاريخ المعاصر!الدستور
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير