بورصة عمان تكشف هشاشة الاقتصاد..
تعتبر البورصة في أي دولة مرآة صادقة لاداء الاقتصاد والاستقرار العام والمزاج النفسي العام، وهذا يصدق بشكل لافت لعامل الارتباط بين اداء الاقتصاد والمزاج العام بمجريات التداول والاداء العام للاسهم في بورصة عمان، حيث تعاني البورصة تراجعا شبه مستمر منذ 12 عاما لاسباب عديدة الا ان النتيجة واحدة مفادها ان مدخرات الاردنيين وموجوداتهم تبخرت، وتدنت قدرة سوق الاسهم الاردني على استقطاب الاستثمارات المحلية والعربية والاجنبية، ولم تعد مكانا لنقل الاموال من قنوات الادخار الى قنوات الاستثمار بعد ان ذبل سوق الاصدارات الاولية، وتعثرت السوق الثانوية وسط تجاهل الحكومات المتعاقبة للسوق وإخفاق ادارة البورصة وسوق رأس المال بشكل عام.
بالامس اغلقت «بورصة عمان على تداول 4.8 مليون سهم موزعة على 1184 صفقة، بقيمة تداولات إجمالية بلغت 4ر22 مليون دينار، وهذه الارقام تشير الى تحسن وهمي لاحجام التداول، الا ان حجم التداول الحقيقي يبلغ 2.9 مليون دينار والباقي تحويله على اسهم البنك العربي من مجموعة المناصير الى الاقتصادي صبيح المصري البالغة 3 ملايين بسعر 6.5 دينار للسهم اي بقيمة 19.5 مليون دينار، ولم يتضمن التقرير اليومي الصادر عن بورصة عمان لهذه التحويلة وقيمتها، وفضلت تضخيم الصورة بأن السوق تتعافى.
فالمؤشرات السعرية تظهر انخفاض مؤشر الاسعار بنسبة محدودة وبلغ 2018 نقطة بالمقارنة مع اغلاق الجلسة الماضية بنسبة تغير سالبة بلغت 0.01%، ولدى مقارنة أسعار الإغلاق للشركات المتداولة اسهمها البالغ 90 شركة مع إغلاقاتها السابقة، تبين ان 22 شركة أظهرت ارتفاعا في أسعار أسهمها، وانخفضت اسعار اسهم 30 شركة، واستقرت اسعار اسهم 38 شركة اخرى.
قد تكون مطالبة الاهتمام بالبورصة شكلا من اشكال الترف ونحن نرى تباطؤ الاقتصاد وانخفاض الحركة التجارية التي تظهر يوما بعد آخر زيادة معدلات التعثر في الاسواق من إغلاق المحال التجارية وتوقف شركات عن العمل في ظل سياسة مالية تعسفية تلحق أضرارا بالغة بالمستثمرين والمستهلكين وترهق الاقتصاد الذي بلغ مرحلة لايمكنه التعافي بدون خطة تحفيز شاملة للخروج من الظروف التي بلغناها.
الاقتصاد والاستثمار علم من العلوم الحديثة والمتطورة، والاستهلاك محرك مهم من محركات النمو لاسيما اذا اعتمدنا على المنتجات السلعية والخدمية المحلية، فالسياسة المالية وكذلك النقدية يفترض ان يخدما الاقتصاد الكلي، الا ان دورهما في الاقتصاد الوطني معرقل للنمو ولا يساهمان في التعافي الاقتصادي ولا تقدم له متطلبات النمو المنشود.. فالقول شيء والفعل شيء آخر..وبورصة عمان مثال حي على ذلك.