هل الشراكة مع القطاع العام غير ممكنة؟
أكثر من عشرين عاما من الحوار بين القطاع الخاص والعام لم تؤدِّ الى زيادة الانتاج (السلعية والخدمية)، فقد عقد ممثلو القطاع الخاص بهيئاته المختلفة مع مؤسسات القطاع العام مئات الاجتماعات بدءا من تطبيقات ضريبة المبيعات منتصف تسعينات القرن الماضي وصولا الى اللقاءات الاخيرة حول قانون ضريبة الدخل الجاري عملية طبخه على نار مستعرة وما بينهما، فقد كانت الجهات الحكومية تقر بصوابية ما يطرحه ممثلو القطاع الخاص، ومع ذلك تأخذ الحكومات المتعاقبة القرار المعدّ سلفا ويناسبها وما يطلبه صندوق النقد الدولي.
رجل اعمال تمتد تجربته 60 عاما تاجر يشهد له بالنزاهة وعضو في غرفة تجارة عمان هو ..سليم خرفان يؤكد ان تجاهل الحكومات لما يطرحه القطاع الخاص ادى الى ضعف الاستثمارات المحلية وهجرة الاستثمارات العربية والاجنبية علما بأن الاقتصاد الاردني كان الاكثر ملاءمة لاستقطاب الاستثمارات خلال السنوات العشر الماضية خصوصا مع انفجار ما سمي زورا بـ « الربيع العربي، وقبله الازمة المالية العالمية وتداعياتها الاقليمية والعالمية، وفي هذا السياق فإن دولا عربية نفطية وغير نفطية زادت ايرادات الخزينة من ايرادات الاستثمار والسياحة بنسبة تقارب الايرادات المتأتية من النفط، الا ان حكوماتنا ركزت على زيادة متتوالية للنفقات العامة بخاصة الجارية منها، ولم تهتم بالاستثمارات.
وزاد الامور صعوبة تخلي الحكومات عن موجوداتها الجيدة والمولدة للدخل ضمن سياسة الخصخصة، وتحولت بعد بضع سنوات للاقتراض المثير للجدل وارتفع الدين العام الى مستويات قاربت الناتج المحلي الاجمالي، ومع تنامي ميل الحكومات لزيادة الايرادات بمعزل عن متطلبات النمو على شكل ضرائب ورسوم بالعشرات تم اضعاف قواعد الاقتصاد الاردني في وقت يزداد فيه ثقل النفقات العامة ( الموازنة العامة للدولة)، كل ذلك ادى الى إضعاف الاعمال في غالبية القطاعات الاقتصادية والاستثمارية، وانخفض معها قدرة القطاع الخاص توليد المزيد من فرص عمل امام الداخلين الجدد لسوق العمل، وكذلك القطاع الخاص الذي تضخم دون المساهمة في تسريع وتائر النمو، مما ادى الى ظهور الفساد الصغير في معظم مؤسسات الدولة.
ومؤخرا واجه الاقتصاد الاردني فسادا مؤسسيا متعدد الاطراف بالرغم من إطلاق منظومة النزاهة ومكافحة الفساد، مما ادى الى ابتعاد الاستثمارات الاجنبية لاسيما المؤسسية منها صناديق التقاعد الكبرى، وهذه مجتمعة وضعت الاقتصاد الوطني بين فكي الفساد وتسلط السياسات المالية المتشددة، وأدى الى الركود وتباطؤ مستحكم امتد لسنوات ماضية دون بارقة أمل للافلات مما نحن فيه.. لسنا بحاجة لشراكة نظرية، نحن بحاجة لتطبيق القوانين ومعاقبة الفاسدين بدون رحمة ولا تسويف فالقضاء الاردني قادر على لجم هذا الفساد.