معان عاصمة الاردن الاقتصادية ... مشروع إنقاذ الأردن
محمد الفناطسة
جو 24 :
في كل مرة يتم الحديث فيه عن الازمة الاقتصادية في الأردن، يراودني حلم تحويل معان من محافظة في وسط الصحراء تهب عليها بين حين واخر رياح محملة بالغبار والفقر والبطالة والتهميش والنسيان الى عاصمة اقتصادية للاردن ، لتكون المنقذة لوطننا من براثن الديون وإملاءات صندوق النقد الدولي ،العدو الأول للدول النامية، وارث برنامج التحول الاقتصادي الذي لم يجلب لنا سوى المزيد من الفقر والعوز.
الأردن اليوم بحاجة لتبني هكذا مشروع -للخروج من عنق الزجاجة - ويكون جاذبا للمستثمرين المحللين و الأجانب على حد سواء ، وعدد من الذين هربوا خلال السنوات الماضية نتيجة السياسيات الحكومية التي لا يمكن وصفها الا بالجبائية ، اذ وجدوا في تركيا ومصر حاضنة جيدة لاعمالهم دون ان يتم مشاركتهم في استثماراتهم بحجة الضرائب.
لعل السؤال الأبرز هنا لماذا معان ؟؟؟؟؟
محافظة معان تمتلك جميع المقومات التي تؤهلها لتكون عاصمة الأردن الاقتصادية ،حيث تحتوي على مخزون كبير من المعادن و تمتاز بعدة خصائص جغرافية وديموغرافية قد لا تمتاز أي محافظة اردنية أخرى بها ، كالموقع الجغرافي والكثافة السكانية ونوعية الأراضي وحجم المخزون من المعادن.
تبلغ مساحة المحافظة الكلية نحو 33 الف كيلو متر مربع أي اكثر من ثلث مساحة المملكة وعدد سكانها القليل نسبيا البالغ نحو 140 الف نسمة يجعل الكثافة السكانية 4.24 نسمة لكل كيلومتر مربع ، أي بمعنى اخر اكثر من 3 ارباع مساحة المحافظة غير مأهولة بالسكان إضافة الى ذلك فان ثلثي مساحة المحافظة صحاري ، وبالتالي فان التوسع العمراني والصناعي ليس له أي معوقات تذكر وتعتبر ناجحة في هذه المنطقة ولا تؤثر باي شكل من الاشكال على الزراعة وغيرها.
اما موقع معان فيعد استراتيجيا نوعا ما ، لقربه من موانئ العقبة (110 كم) وليس بالبعيد عن عمان (210كم) إضافة الى قربه الحدود السعودية من الجنوبية والشرقية التي تشكل بوابة التصدير البري لدول الخليج العربي .
اما بالنسبة للمعادن واستثمار تعدينها وتصنعيها، فهنالك عدة مشاريع لو نفذت ستكون رافدا لخزينة المملكة بمئات الملايين سنويا ولها انعكاسها الايجابي على الناتج المحلي الإجمالي وتخفيض قيمة العجز في الميزان التجاري من خلال رفع قيمة الصادرات الأردنية ، وجلب العملات الأجنبية والتقليل من نسبة البطالة في الأردن مما يخفف الضغط على الحكومة بضرورة استحداث وظائف جديدة للمواطنين الأردنيين خلال الأعوام المقبلة.
فعلى سبيل المثال لا الحصر يتواجد في باطن ارض معان اكثر من 12 مليار طن من معدن السيلكا عالي النقاء – المكتشفة لغاية عام 1998 م- ، قادرة على جذب المستثمرين المهتمين بصناعة الشرائح او الرقاقات السيليكونية ، الزجاج ،الالياف الضوئية والالواح الشمسية والسيراميك الحديث.
وبالتالي فنحن امام فرصة لجلب استثمارات تكنولوجية عالمية من خلال مشروع #معان_سيليكون الذي يتطلب توفير منطقة جغرافية محددة في المحافظة يتم فيها تصنيع الشرائح او الرقاقات السيليكونية التي تستخدم في معظم الاجهزة الالكترونية، على غرار سيليكون فالي الامريكي .
هذا المشروع سيضع الأردن على الخارطة العالمية لصناعة التكنولوجيا ، وسيؤدي الى انتعاش الصادرات التكنولوجية الأردنية .
كما ان كمية السيليكا الموجودة في معان تفتح الباب على مصراعيه لايجاد مصانع للزجاج تكون تنافسيتها في السوق المحلية والعالمية كبيرة جدا ، نتيجة نقاء الرمال الزجاجية المكون الرئيس للصناعة ، وهنا يجدر الإشارة الى ان قيمة مستوردات الأردن من الزجاج ومصنوعاته خلال الخمسة شهور الأولى من العام الجاري بلغت نحو 21 مليون دينار.
اما الاستثمار في الطاقة المتجددة ، فله نصيب أيضا في معان ومن السيلكا بالتوازي ، اذ ان إيجاد مصنع لانتاج الالواح الشمسية سيؤدي الى انخفاض تكلفة هذه الالواح على المواطنين في الأردن وبالتالي ازدياد الاعتماد عليها لتوليد الطاقة الكهربائية ، مما سيقلل من استهلاك الكهرباء المولدة من الغاز الطبيعي والوقود الثقيل وبالتالي تخفيف الضغط على خزينة المملكة وتخفيض مديونية شركة الكهرباء الوطنية.
واتوقع ان هذا المصنع سيكون طرفا في معادلة جذب المستثمرين في الطاقة الشمسية ، كونه يتواجد في ذات المنطقة التي تصنف عالميا بانها من افضل المناطق لتوليد الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية.
كما يتواجد في باطن ارض معان كميات أخرى من المعادن التي لو روج لتعدينها وصناعتها لجلبت لخزينة الدولة أموالا تجعلها تبتعد كليا عن جيب المواطن ، الفوسفات بكمياته الهائلة ، ١٢ مليار طن كاولين ،٨٠ مليون طن متري من الدولومايت ،٩٦ الف طن زركون.
وهنا استطيع ان القول بان الاستثمار في معان وتحويلها الى عاصمة اقتصادية للاردن سينتج عنه الكثير من الخير للاردن ابتداءً من رفد الخزينة بمئات الملايين من عائدات التعدين والضرائب المنخفضة في معان ، زيادة الناتج المحلي الإجمالي ، رفع قيمة الصادرات الأردنية وتخفيض العجز في الميزان التجاري ، وليس انتهاء بالتخفيف من نسب البطالة والفقر.
أتمنى من دولة الرئيس عمر الرزاز ان يتبنى هكذا مشروع ، لنخرج الأردن من عنق الزجاجة والابتعاد عن صندوق النقد والبنك الدوليين وقروضهما .