عندما تصبح حرية الرأي والتعبير جريمة!
جو 24 :
تامر خرمه - حكومة الرزاز، التي يتم التسويق لها على أنها حكومة إصلاحية، أمام اختبار صعب، يتمثل بموقفها من قانون الجرائم الالكترونية، وخاصة المادة 11 منه، والتي تعتبر حق حرية الرأي والتعبير جريمة!
في عصر الانترنت، وانفجار الثورة المعلوماتية، التي أتاحت البيانات من كل حدب وصوب، لكافة سكان هذا الكوكب، تحاول السلطة التنفيذية في الأردن العودة إلى عهد القرون الوسطى، ومحاكم التفتيش، لصلب الآراء المخالفة لما تبثه هذه السلطة من بروباغاندا ساذجة، تزعم احترامها لحقوق الإنسان.
أين هي تلك الحقوق يا دولة الرئيس.. الكلام بات جريمة، والرأي قد يكون كفرا -معاذ الله- من وجهة نظر حكومة الظل، التي تصادر حقكم بالولاية العامة، وتعمد إلى إخراس كل صوت جريء، تحت شعار: لا صوت يعلو فوق صوت المتنفذين.
أتخيل لو عاد الزمن بنا قليلا إلى الوراء، وجيء بالكاتب جورج أورويل ليعيد كتابة روايته (1948) في عمان.. تخيل معي يا دولة الرئيس.. ستكون الرواية عندها أكثر واقعية.. حيث أن "الأخ الأكبر" سيكون أكثر هيبة وهو يتحكم بألسنة الناس وآرائهم!
كتابة منشور على "الفيسبوك" بات جريمة! ترى هل هبط نيزك على الأردن وأعادنا للعصر الجليدي، أم أننا دخلنا ثقبا أسودا فأصبحنا في مواجهة ديناصورات حجرية الفكر والأدمغة!!
الصحافة أيها الدوار الرابع سلطة أيضا.. وهي رقيبة واعية على أدائكم.. أنتم محض موظفين لدى الشعب الأردني.. وليس من حق أي كان تجريم قلم يواجه فاسد، أو يكشف حقيقة، وليس من حق جلاوزة الظلام مصادرة أبسط حقوق الناس، والمتمثل بحق حرية الرأي والتعبير.
الحريات الصحفية تعد أحد أهم معايير تقدم الدول وتحضرها، فإذا كانت حكومة الرزاز حقا "إصلاحية" فعليها إثبات ذلك عبر رفض مصادرة الآراء تحت عباءة الكهنوت.
كما أن تعريف خطاب الكراهية في هذا القانون الرجعي يتضمن مصطلحات فضفاضة، قد تجعل من أية جملة أو عبارة، أو حتى كلمة، جريمة يعاقب عليها كاتبها.. ما هكذا ينبغي تسييس الأمور يا عسس ما قبل عصر النهضة.. البشرية وصلت إلى القمر وإلى المريخ، بل وأبعد من ذلك.. وأنتم مازلتم تراقبون حركات وسكنات الآراء على "الفيسبوك"!