بعد مرور 25 عامًا على توقيعها محللان:أوسلو أكبر صفعة للقضية الفلسطينية
اعتبر محللان أن اتفاق أوسلو الذي وقعته منظمة التحرير الفلسطينية معالاحتلال الإسرائيلي في مدينة واشنطن في 13 سبتمبر 1993، بحضور الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، هو أكبر صفعة وجهت للقضية الفلسطينية.
وقال المحللان الفلسطينيان في حديثين منفصلين مع وكالة "صفا"، إن أوسلو اتفاق مجحف وظالم وغير عادل، لانتقاصه للحقوق الفلسطينية وتنكر الاحتلال الإسرائيلي له".
ورأى المحللان أن هذا الاتفاق حوّل الاحتلال الإسرائيلي لأرخص احتلال على مستوى العالم، لعدم تكفله بالشعب الواقع تحت الاحتلال واستكفائه فقط بأن يكون "أوسلو" مصدرا لشرعيته على الأرض الفلسطينية".
وسمي اتفاق "أوسلو" بهذا الاسم نسبة إلى مدينة أوسلو النرويجية التي تمت فيها المحادثات السرّية في عام 1991 بين منظمة التحرير والاحتلال.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي عدنان أبو عامر، إن "أوسلو" قفز عن القضايا الأساسية للشعب الفلسطيني (اللاجئين، القدس، الحدود، المستوطنات، والمياه) وأبقاها مرهونة بالتطورات السياسية".
ويشير أبو عامر في حديثه لوكالة صفا إلى أن "أوسلو لم يتبق منها إلا هيكلها، ولم تعد السلطة الفلسطينية تملك من أمرها شيء بعد تملص الاحتلال الإسرائيلي منها.
ويوضح أن "تمسك السلطة الفلسطينية بأوسلو نابع من خوفها على مصالحها الشخصية، والسلطة تعلم أن أي خروج عن هذا الإطار يعني طي صفحتها وللأبد".
ويقول أبو عامر إن "هذه الاتفاقية قضت على ما تبقى من القضية الفلسطينية، وتمسك السلطة بها هو تمسك ظالم، وتمسك بالمعنى الإداري والمالي".
ويشير إلى أن بقاء السلطة الفلسطينية متمسكة بـ "أوسلو" لا يقيم دولة فلسطينية، وإنما يبقي على بعض الامتيازات الشخصية لقيادات السلطة وتكسبهم من خلال التمسك بها.
وكيل للاحتلال
ويتفق الكاتب والمحلل السياسي عبد الستار قاسم مع سابقه، في أن "أوسلو" مهدت للاحتلال الإسرائيلي تنفيذ كل ما يتطلع إليه دون حساب.
ويقول قاسم في حديثه لوكالة "صفا"، إن "إسرائيل لم تتخذ اتفاقية أوسلو كغطاء، بل كانت هي الغطاء بحد ذاته لتمارس إجراءاتها ضد الشعب الفلسطيني، بتوقيع فلسطيني خالص".
ويشير قاسم إلى أن "أوسلو" حولت الشعب الفلسطيني لوكيل للاحتلال الإسرائيلي، "من خلال التنسيق الأمني".
ويتابع "حتى دخول المدن في منطقة "أ" ذكر بالاتفاق تحت بند "إجمالي الأمن بيد إسرائيل".
وتنص اتفاقية أوسلو أن المنطقة المعروفة بـ "أ" "تكون تحت سيطرة مدنية وأمنية كاملة من قبل السلطة الفلسطينية، وهو ما إجماله 3% من الضفة الغربية، ويُعد الدخول إلى هذه المنطقة محظورًا على جميع الإسرائيليين، لكن يحق للجيش شن غارات في بعض الأحيان لاعتقال نشطاء مشتبه بهم".
ويكمل الكاتب الفلسطيني عبد الستار قاسم بقوله إن "المجرم الحقيقي بعد الاحتلال في هذا الواقع الكارثي الذي خلفته أوسلو هي الأيادي الفلسطينية الموقعة عليه".
وعن نتائج "أوسلو" أجاب قاسم أن "النتائج أصبحت جلية، هناك دمار كبير للشعب الفلسطيني وقضيته، وهلاك للمنظومة الأخلاقية والوطنية، فأصبح الفلسطيني يعتقل الفلسطيني حفاظًا على الأمن الإسرائيلي".
ويضيف أن "اتفاقية أوسلو عملت على انهيار التنمية والتعليم، وجعلت الثقافة المجتمعية غائبة وعملت على تفشي الأمراض المجتمعية من مخدرات وقتل وحالات انتحار وهذا ما تريده أوسلو عندما فرضت على موقعيها".
ويقول قاسم إن "الاتفاقية لم تتضمن البنود الأساسية لإقامة دولة واللاجئين ولا إزالة المستوطنات، لذلك إسرائيل معنية بقيام هذه الاتفاقية لأنها ليست مجبرة وفقها لتنفيذ أي بند".
أكبر ضربة
وعن تمسك السلطة الفلسطينية بالاتفاقية رغم مرور 25 عامًا عليها وجحود "إسرائيل" المستمر يتابع أن "هناك مصالح شخصية للسلطة من خلال استمرار هذه الاتفاقية، فلقيادات السلطة أموال ورفاهية لم يتملكوها قبل الاتفاقية ولن يفرطوا بها".
ويشير قاسم في حديثه إلى أن المعارضين لأوسلو سمحوا للسلطة بالتمادي بتمسكهم بها، من خلال عدم وجود موقف واضح وحاد ضد هذه الاتفاقية، "فكان من المفترض مقاطعة السلطة الفلسطينية منذ توقيع هذه الاتفاقية وعدم الانجرار وراء من وقع على اتفاقية كانت أكبر ضربة وجهت للقضية الفلسطينية".
ومن أهم ما نصت عليه اتفاقية "أوسلو"، نبذ منظمة التحرير الفلسطينية المقاومة المسلحة ضد الاحتلال، مقابل الاعتراف بها على أنها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني.
وتضمنت الاتفاقية اعتراف المنظمة بدولة إسرائيلية على 78% من أراضي فلسطين، (أي كل فلسطين ما عدا الضفة الغربية وقطاع غزة). بالمقابل خلال خمس سنين تنسحب "إسرائيل" من أراض في الضفة الغربية وقطاع غزة على مراحل أولها أريحا وغزة اللتان تشكلان 1.5% من أرض فلسطين.
كما ويقر الاحتلال بحق الفلسطينيين في إقامة حكم ذاتي وهو ما سمي بالسلطة الفلسطينية، على الأراضي التي تنسحب منها في الضفة الغربية وقطاع غزة. ونصت أيضًا على بدء مفاوضات "الوضع الدائم" بعد ثلاثة سنوات، يتم خلالها مفاوضات بين الجانبين بهدف التوصل لتسوية دائمة.
وتشمل هذه المفاوضات القضايا المتبقية، "القدس (من يتحكم بالقدس شرقيها وغربيها والأماكن المقدسة وساكنيها)، اللاجئون (حق العودة وحق التعويض)، والمستوطنات في الضفة الغربية والقطاع، (هل تفكك أم تبقى أو تزيد زيادة طبيعة ومن يحميها السلطة أم الاحتلال)، الترتيبات الأمنية (التعاون والتنسيق بين شرطة السلطة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي)".
ولم تنتزع السلطة الفلسطينية طوال عقود من المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي أي حق للشعب الفلسطيني، حتى أعلنت وقف المفاوضات مع الاحتلال في إبريل عام 2014، بعد رفض الاحتلال وقف الاستيطان والقبول بحل الدولتين والإفراج عن أسرى فلسطينيين في سجونه، إلا أنها مستمرة في التنسيق الأمني مع الكيان الإسرائيلي.