الأمّ الفلسطينية ليست ككل الأمهات...؟؟
من حق الأمّ الفلسطينية أن تفرح وتحتفل بعيدها ككل الأمهات في الكون، ولكن هناك من يصر على أن يسرق من الأمّ الفلسطينية لحظات فرحتها،.... خبروني كيف ستعرف أمّ الأسير المناضل سامر العيساوي والذي يخوض إضراباً مفتوحاً عن الطعام منذ اكثر من ثمانية شهور طعم الفرحة أو شكلها، بالأمس الثلاثاء دعوناها في هيئة العمل الوطني والأهلي لكي توجه رسالتها الى الرئيس الأمريكي أوباما عبر مؤتمر صحفي عقدناه في البلدة القديمة، تناشده فيها التدخل من أجل إنقاذ حياة إبنها؟؟،ولكن أوباما الذي لا يرى الأمور سوى بعيون اسرائيلية رفض تسلم رسالة أمّ سامر أو حتى مقابلتها، كما رفض زيارة قبر الشهيد أبو عمار،.....خبروني أيضاً كيف ستفرح أمّ الشهيد الأسير عرفات جردات، الذي استشهد ابنها في سجن مجدو قبل أكثر من الشهر قليلاً، تاركاً خلفه زوجة شابة وطفلين بأعمار الورود؟ .....خبروني كيف ستحتفل أمّ الأسير البطل أيمن الشروانة الذي تحرر من الأسر بعد إضراب إسطوري عن الطعام، وأصر الإحتلال على إبعاده قسراً الى قطاع غزة؟،...خبروني كيف ستفرح وتحتفل أمهاتنا في مخيمات اللجوء في سوريا،التي تمارس فيها عصابات القتل والإجرام ساديتها وعربدتها على أبناء شعبنا الأعزل هناك، حيث دمروا ممتلكاتهم وقتلوا العديد من أبنائهم،وشردوا الكثير من العائلات في رحلة لجوء جديدة ومجهولة؟، ...خبروني كيف ستحتفل حرائر وماجدات الشام بعيد الأم، وهناك من أقاموا لهن مخيمات لجوء وأستغلوا ظروفهن وأوضاعهن لكي يحولوا العديد منهن الى داعرات، وأن يباع العديد منهن أيضاً بأسواق النخاسة لـ "قوادي" مشيخات الخليج، الذين يبذرون اموال الشعب من أجل تخريب الشام قلب العروبة النابض.
خبروني كيف ستفرح أمّهات الألاف من أسرى شعبنا في سجون الإحتلال، وهم الذين مضى على وجود العشرات منهم ما يزيد عن عشرين عاماً في سجون الإحتلال الإسرائيلي، ويموتون في اليوم ألف مرة جراء ما ترتكبه إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية ومخابراتها من قمع ممنهج ومنظم بحقهم؟،....ألم تغادر والدة عميد الأسرى الفلسطينيين كريم يونس،الذي دخل عامة الاعتقالي الحادي والثلاثين دون أن تكحل عينيها برؤية وحضن ابنها،الذي طالما إنتظرته،وكانت كل عام تؤجل فرحتها وتعيش على أمل أن يتحرر إبنها من السجن؟،...خبروني كيف ستفرح أمّ فلسطينية الإحتلال يفرق بينها وبين زوجها وأطفالها بسبب تقسيماته لجغرافيا الوطن ضفة وقطاع وقدس و 1948، واختلاف البطاقة الشخصية"الهوية" يعني عدم الحق للزوجة والأمّ بالعيش مع أطفالها وزوجها تحت سقف واحد، وهذا في عرف الإحتلال ممنوع وشكل من أشكال"الإرهاب"؟،...خبروني كيف ستفرح أمّ فلسطينية عليها أن تخرج في رحلة ذلّ وبحراسة جنود الإحتلال من ساعات الفجر الأولى، ولتعود في ساعات ما بعد المساء لزيارة إبنها المعتقل، وما يرافق تلك الرحلة من تفتيش عار ومذلّ وإنتظار قد يمتد لساعات تحت أشعة الشمس الحارقة أو زمهرير البرد.؟
هذا حال أمّهاتنا الفلسطينيات في عيد الأمّ،...فهن يستحقين لقب النساء المناضلات عن جدارة وإستحقاق، فالأمّ التي اعتقل زوجها وطال غيابه في سجون الإحتلال، تجبرها ظروفها وأوضاعها أن تتحول الى أمّ وأب لأطفالها، ولربما تضاف الى معاناتها معاناة أخرى، إذا ما كانت ظروف واقعها ومحيطها الإجتماعي مجافية،...والأمّ التي لها أكثر من إبن شهيد وأسير،لا اعتقد بأن أيّ فرحة ستعوضها عن ذلك، وخصوصاً عندما ترى بأن هناك من يتاجرون بدم الشهيد أو أن قضية الأسرى ليست في سلم الأولويات ، ولا تحظى بالإهتمام الكافي لا رسمياً ولا فصائلياً ولا شعبياً، وبالأمس بعد الإعتصام الذي بادر اليه حملة "كلنا سامر" ونادي الأسير في القدس أمام القنصلية الأمريكية بالقدس،لحق بي الى شارع صلاح الدين مناضل قضى من عمره في سجون الإحتلال أكثر من عشر سنوات، أنا ورفيقين من هيئة العمل الوطني والأهلي،مخاطباً" لا نريد للبعض أن يتاجر بدم سامر، ولا نريد أن يتسلق البعض على بطولات ونضالات وتضحيات سامر، وعلينا أن نفكر بطريقة ننقذ فيها سامر، لا نريد سامر شهيداً، بل نريده حياً بيننا" ولكي لا يستشهد سامر علينا أن نعمل بكل طاقاتنا وبمختلف أشكال النضال لكي ننقذ حياة سامر، فسامر قال كلمته "إمّا شهيداً أو حراً طليقاً في مدينة القدس"،وبعد هذه الكلمة على قيادة السلطة الفلسطينية والقوى والأحزاب أن ترتقي الى مستوى المسؤولية، عليها أن تنقذ سامر قبل فوات الآوأن...، وأنا أتكلم بحرقة المناضل الحريص على رفيق مناضل..،أما إذا لم ننجح -لا سمح الله - بإنقاذ سامر،...فلا يحق للكثيرين من تجار الدم والنضال،ان يتحولوا الى أبطال على حساب نضالات وتضحيات سامر، ألم يحن الوقت يا سلطتنا وفصائلنا أن ترى الفرحة طريقها الى أمهات أسرانا وتحديداً القدماء منهم؟ وأذكركم بعبارة قالها لي الأسير رشدي صالح أبو مخ في معتقل شطة في 2002،وهو المعتقل منذ عام 1985 ،وهدّته الأمراض ورطوبة الزنازين،وتحديداً مرض السكري، فقال يا أبا شادي، ألم يحن الوقت لنا أن نتحرر من المعتقل، فأنا مستعد أن يقطع "...." مقابل أن أتحرر من الأسر، كم مؤلم هذا القول،وأبو مخ ليس من الأسرى المحبطين أو فاقدي الإرادة، فهو واحد من الأسرى الذين وقفوا أمام إدارة مصلحة السجون وأجهزة ، وعدد من الأسرى المنهارين،عندما حاولوا فك العلاقة ما بين أسرى الداخل وتنظيماتهم مقابل مزعومة وشكلية لهم.، ولكن ما قاله أبو مخ يعبر عن وجهة نظر الكثيرين أسرى الحركة الأسيرة،الذين فعل فيهم أوسلو الشيء الكثير،لجهة التخلي عنهم،وحتى التنازل عن تمثيلهم طواعية.
نعم في يوم عيد الأمّ نطيّر تحياتنا ومحبتنا الى كل أمهات شعبنا المناضلات الصابرات اللواتي يسجلن أروع أشكال التضحيات والنضال،وهن لسنا ككل الأمّهات،بل تيجان ونياشين على رؤوس وصدور كل نساء العالم أجمع، لهن منا التحية والمحبة والوفاء.