الاستهلاك من محركات النمو الاقتصادي
تواجه الاقتصادات تباطؤ النمو بسياسات وقرارات تشجع الطلب الاستهلاكي خصوصا على المنتجات المحلية بما يسمح بزيادة الانتاج ويوفر المزيد من فرص العمل، ويسرع وتيرة النمو، ويصاحب ذلك وضع قيود جمركية وغير جمركية على المستوردات لاسيما السلع غير الاساسية والكمالية، بما يحسن ايرادات الخزينة، وهذه القرارات تتخذ بالرغم من الاتفاقيات التجارية الثنائية والمتعددة الاطراف، فالمحافظة على مقدرات البلاد اولى من الالتزام بالاتفاقيات، ويمكن.. اما التفاوض بشأنها و/او اللجوء الى فرض قيود غير جمركية ( إدارية ) وهذا النوع من القرارات مفهوم وشائع حيث لجأت اليه دول كبيرة وصغيرة، فالاساس الاهتمام بواقع الدولة الاقتصادي لرسم مستقبل افضل.
هيكل التجارة الخارجية للاردن يعاني اختلالات مزمنة تتمثل بزيادة المستوردات عن الصادرات بحوالي ( 12.9 ) مليار دولار مليار دينار، بزيادة نسبتها 9.9 % لعام 2017 وساهم في تنامي العجز التجاري انخفاض التعرفة الجمركية على المستوردات جراء ابرام عدد كبير من اتفاقية التجارة الثنائية والمتعددة الاطراف في وقت انخفضت القدرة التنافسية للمنتجات الاردنية وصعوبة نفاذها الى اسواق التصدير، وشكلت اتفاقية الشراكة الاردنية الاوروبية اكبر مثال على ذلك، ولم تستطع المنتجات الارنية الاستفادة من حلول عديدة منها تراكم المنشأ، وبرامج تطوير الصناعات الاردنية خلال العقدين الماضيين.
وخلال السنوات الماضية واجهت الصناعات الاردنية ظروفا شديدة الصعوبة جراء ارتفاع تكاليف الانتاج بعد رفع اسعار الطاقة بأشكالها في مقدمتها الطاقة الكهربائية، وصعوبة التمول وارتفاع هياكل اسعار الفائدة المصرفية، وسياسة شبه اغراق خفي بسبب انخفاض تكاليف الانتاج والدعم في دول المنشأ مما ادى الى اجتياح سلع مستوردة للاسواق المحلية، وزاد الطين بلة الظروف الاقليمية وإغلاق الحدود الشرقية والشمالية لسنوات علما بأن سوقي العراق وسوريا تعتبران من اكبر اسواق التصدير امام المنتجات الاردنية.
إن التفاخر بالانفتاح والتحرير التجاري كانت نتائجه ولازالت وخيمة وهي من اكبر التحديات الاقتصادية والمالية حيث يتم الاضرار بالصناعات المحلية وفرض تحديات كبيرة امامها، في مقدمتها الاستمرار والتقدم، وفي نفس السياق يضغط العجز التجاري على الرصيد الجاهز من العملات الاجنبية، ويؤثر سلبيا على الاستقرار المالي والنقدي بشكل عام، وقي حقيقة الامر فإن كثيرا من الحكومات المتعاقبة لن تتخذ قرارات مهمة لدعم الصناعة وتنشيط الاستهلاك المحلي للمنتجات الوطنية، وظهرت أنماط استهلاكية غريبة في ظل غياب قرارات رسمية للحد من انتشارها، وغياب مؤسسات وهيئات الضغط وحماية المستهلك مما ادى الى فقدان الاتجاه..واليوم نواجه تحديات اقتصادية ومالية واجتماعية تتطلب تحركا شاملا لاعادة تصويب ما تضرر خلال السنوات والعقود الماضية.