jo24_banner
jo24_banner

غياب ثقافة الاعتراف والاعتــذار والتنحـــي

خالد الزبيدي
جو 24 :

ثقافة الاعتراف بالخطأ والاعتذار والتنحي عن المسؤولية غير موجودة في الدول العربية والاردن كذلك، وخلال العقود والسنوات الماضية تم تسجيل سيل من المخالفات والتجاوزات على الاموال العامة والخاصة، الا اننا لم يسجل حالات باستقالة طوعية اعترافا بتحمل المسؤولية يعتد بها والتنحي و/او الاستقالة، فهذه الثقافة غير موجودة وتعني بشكل مباشر غياب الضمير، واعتبار المسؤولية تشريفا لا تكليفا.
وخلال الثلاثين عاما الماضية كثيرة حالات التجاوز التي احيل بعضها الى القضاء وبالرغم من ذلك لم نجد وزيرا يعترف بالتقصير والاعتذار وتقديم الاستقالة، قضايا مالية كبرى بالملايين هي مجموع اموال مواطنين، وبدل الاعتراف الخطأ بادر مسؤولون الى تقديم تبريرات غير مقنعة، منها على سبيل المثال قضية البورصات الوهمية في النصف الثاني من العقد الماضي، وقبلها قضايا كثيرة، ومع الايام تنطوي ملفات تلك القضايا وتأتي قضايا جديدة وهكذا دوليك.
غرق عمان في أمطار غزيرة قبل قرابة عامين حيث خسر التجار ومواطنون قسما مهما من اموالهم، ولم نجد من يتحمل المسؤولية، وكان اسهل تبرير تحميل الاحوال الجوية المسؤولية، ومشروع الباص السريع في المرحلة الاولى وتحمل المال العام تكلفة كبيرة ولم نجد من يتحمل المسؤولية من تلقاء نفسه.
شركات مساهمة عامة و/ او حكومية عانت من ضياع اموال ووثائق حول عملياتها، ولم يقم اي من مدراء ومسؤولي هذه الشركات بالاستقالة من موقعه، وهذا السلوك المشين ..يعكس التمترس بكرسي المسؤولية مما ادى الى ضعف الثقة في المجتمع، وزاد الامور ترديا غياب المساءلة والمحاسبة، وليس من باب الصدفة ان خلال العقود القليلة الماضية لم يسجل إدانة وزير او مسؤول عام جراء تقصيره او تجاوز إدارته خلال تسيير الاعمال.
ان الاصلاح السياسي والاقتصادي يجب ان ينطلق من إشاعة الديمقراطية واحترام الراي والراي الآخر والنهوض بالتنمية السياسية، وبلوغ مرحلة من النضج تصبح معها المساءلة والمحاسبة أساس بناء ثقافة الاعتراف بالأخطاء والاعتذار والتنحي لاتاحة الفرص لتصويب المسار والتراجع عن الاخطاء والاخفاقات التي تضرب بقوة في المجتمع والاقتصاد الوطني.
ادبيات مكافحة الفساد والمساءلة متاحة في القوانين الاردنية الا ان التطبيقات تذوب مع الاجراءات والوقت كما يذوب الثلج تحت اشعة الشمس، وان سياسة عفا الله عما سلف من اصعب التطبيقات في ممارسة السلطة في القطاعين العام والخاص، فالحاجة تستدعي تطبيقات فعالة للقوانين وإعادة الاعتبار للدولة بكافة قطاعاتها وحياتها وفي ذلك مصلحة عليا.

الدستور

 
تابعو الأردن 24 على google news