jo24_banner
jo24_banner

أمهات صغيرات!

حلمي الأسمر
جو 24 :

اعتادت الطالبة الصغيرة أن تستأذن «المس» بُعيْد الانتهاء من «الفرصة» بدقائق قليلة بحجة الذهاب إلى الحمام، لم يستوقف هذا السلوك الغريب في البداية المعلمة، ولكنه حينما تكرر أثار فضولها كثيرا، كانت تقول للطالبة الصغيرة: لماذا لا تقضين حاجتك أثناء الاستراحة؟ فتجيب بأن الحاجة جاءت بعد الاستراحة، المعلمة من جهتها فوتت القصة مرتين إلى ثلاث، لكنها عمدت في الرابعة إلى إعطاء الإذن للطالبة لكنها تبعتها خلسة كي تعرف ماذا تفعل، وكانت المفاجأة!

كانت البنت الصغيرة تدور على سلال المهملات في ساحة المدرسة فتلتقط منها بقايا الطعام الذي تتركه البنات، بخاصة بقايا البسكويت الذي (كانت) توزعه إدارة المدرسة ضمن برنامج التغذية المدرسية المتوقف!

القصة عمرها سنتان أو أكثر، وكتبت عنها في حينه، وغير بعيد عن هذه القصة «الجميلة قصة أخرى تشبهها إلى حد بعيد: مديرة إحدى المدارس قررت القيام بـ «كبسة» على طالباتها لمعرفة ما تحويه حقائبهن، أغلقت الصف فجأة دون سابق إنذار، وطلبت بحضور المرشدة ومعلمة الصف تفتيش كل الحقائب، وبدأت بهن واحدة واحدة، إلا طالبة تمسكت بعدم فتح حقيبتها، ما أثار الشكوك وأشعل الخيال، بعد إصرار المديرة على فتح الحقيبة، وتحت توسل وبكاء الطالبة، تم الاتفاق على فتحها بحضور المديرة فقط وفي غرفة الإدارة، وهكذا تم، كي تجد المديرة أن ما تحويه الحقيبة لم يكن غير «فضلات الطعام» الذي جمعته الطالبة من مخلفات الطالبات من بقايا السندوتشات والشيبس، في القصة الأولى، سألت المعلمة الطالبة عن سلوك غريب، إذ أنها كانت تأكل جزءا مما تجمع، ثم تدخر البعض الآخر في الحقيبة، قالت الطالبة بعيون دامعة، شاركتها فيها معلمتها: آكل ما تيسر لي، ثم أدخر الباقي لإخوتي في البيت، لأنهم لا يجدون ما يأكلونه!

لا أدري على وجه التحديد لم استدعيت هاتين القصتين في عيد الأم تحديدا، لكنني أعرف تماما أن ثمة أمهات صغيرات وكبيرات لم يزلن يفعلن ما تفعل بطلتا القصتين، لأن الزمن الذي يفصلنا عن وقت حدوثهما حفل بالكثير من الكوارث الاقتصادية، أعتقد أن ذينك الطالبتين لم تعودا تجدان ما تجمعانه من فضلات الطعام!

مسألة أخرى تلح على خاطري، في هذا الوقت بالذات من السنة، كانت أمي تأخذني معها في رحلة «تسوق» من «مول» الطبيعة، لنجمع الحمصيص واللوف والزعتر البري والخبيزة والشومر والهندبة (الهندباء!) وغيرها من حشاش الأرض، كي تحولها فيما بعد إلى وجبات شهية، لأننا كما «نمل» من أكل اللحم والدجاج والكستاليتا والجمبري(!) كنا نهرب إلى الطبيعة طلبا للتنوع الغذائي!

رحم الله امهاتنا جميعا..
تابعو الأردن 24 على google news