2024-04-23 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

نظرة إلى الوراء، من أجل المستقبل!

حلمي الأسمر
جو 24 :

كانت تجربة الانتخابات النيابية العام 2007 بمنتهى المرارة بالنسبة للحركة الإسلامية في الأردن، وكذا هو الأمر بالنسبة لتجربة مقاطعة الحركة للانتخابات العام 1997 حيث كانت بالمرارة ذاتها أو أكثر شدة، فقد كان ثمن المقاطعة باهظا على الصعيد الداخلي، حيث تفجرت الخلافات الداخلية على نحو غير مسبوق، وأدت إلى خروج كوكبة من القيادات الإخوانية خارج الصف، كما نأت بالجماعة عن جمهورها والتواصل معه، وأكمل الحصار الرسمي الممنهج للجماعة الدائرة فيما بعد، حيث قطعت أذرع الجماعة التي كانت تتواصل فيها مع جمهورها(جمعية المرز، المساجد وغيرها) ولم يبق عمليا غير المنبر البرلماني للتواصل بشكل فاعل، لتأتي أجواء انتخابات 2007 للقضاء على هذا الذراع، حيث تم تحجيم الجماعة إلى الحد الأدنى بتفويز ستة من إعضاء الجماعة، بعد أن كانت حصلت على سبعة عشر عضوا في انتخابات 2003، ويبدو أن نتائج انتخابات 2007 استمرت بالتفاعل والتفاقم، إلى ان أوصلت الجمهور الإخواني (وربما غير الإخواني أيضا) إلى قناعة بعبثية المشاركة، ما دفع قيادات الإخوان إلى التصويت في مجلس شورى الجماعة حينذاك بشكل ساحق لصالح المقاطعة، وعلى ما يبدو لم تجد المشاركة غير ثلاثة أشخاص لتأيديها، وكان حريا بدوائر صنع القرار أن تقف حيالها مليا، فأنت حينما تحرم خصمك من كل أدوات اللعبة ثم تقول له تعال والعب معي، فسيكون من الغباء بمكان إن يشاركك في اللعبة، لأنه سيخسرها على نحو مؤكد، والأدهى أنك ستقول له حينما يخسر انه غير جدير بالنجاح، ثم تحمله نتيجة فشله باللعبة، وستعيره بأنه لم يعد له جمهور ولا شعبية، لذا سيختار أن لا يدخل في اللعبة أصلا، في انتظار (أو أملا في) تغيير شروط اللعب!!

شروط اللعبة تغيرت كثيرا جدا، ولم تكن دوائر صنع القرار في الأردن حريصة على وجود الإخوان إلا كطرف متآكل خاسر، ويبدو أن هذه الدوائر تحصد نتيجة ما صنعت، وربما يكون هناك من سعى فعلا إلى إخراج الإخوان من المشهد المحلي بالكامل، وربما لا يدرك هؤلاء أن الفراغ الذي يتركه الإخوان في المشهد سيمتلئ بمن لا يسرهم رؤيته، وسأغامر هنا بالقول إن الوريث الأقرب للإخوان هم السلفيون الجهاديون والراديكاليون على حد سواء، وهم وريث مكلف على غير صعيد، ذلك أنه ليس بوسعك أن تخذل معتدلي الإخوان ثم تلومهم على فشلهم في إشاعة روح الاعتدال، ونبذ ما يسمونه «التطرف» والنأي عن مؤسسات وهياكل الدولة لممارسة قناعاتهم ونشاطاتهم، وأذكر هنا ما قاله الوزير الصهيوني السلابق يوسي ساريد في زمن غابر لقيادته: لا تريدون ياسر عرفات، خذوا أحمد ياسين!

المقاطعة بهذا المعنى، خطأ استراتيجي، ليس للإخوان فحسب، بل للدولة أيضا وبقدر أكبر، فهي التي أوصلت الإخوان إلى هذا المصير، وهي بهذا المعنى تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه النتيجة، بل سأقول إن قرار المقاطعة الإخواني الأخير بعد اشتعال ثورات الربيع العربي ربما كان الرد الأقل حدة وشدة على ما تم فعله بالتيار الإسلامي العريض، من تغييب وملاحقة وتضييق!

يستحسن أن تعيد الدولة حساباتها من جديد، حتى ولو اضطرت لحل البرلمان من جديد، وأجرت انتخابات وفق قانون الصوتين لا الصوت الواحد، الذي اثبت أنه يسهم بتفتيت المجتمع، لإعادة الألق لمجلس النواب، وبقية مؤسسات الدولة بعدما لحق بها ما لحق من تآكل!
(الدستور)

تابعو الأردن 24 على google news