"دموع الشهيد".. "بكى وجعاً وهذه قصة بيت عزرائيل"
جو 24 : هل رأيت شهيداً يبكي من قبل؟ نعم حدث ذلك في أرض المُعجزات، في غزة، حيث انتشرت صورة الشهيد محمد علي إنشاصي (18 عاماً)، والذي ارتقى شهيداً متأثراً بإصابته برصاصة شرقي خانيونس.
تلك الصورة غير العادية، انتشرت بشكل كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ لتُفجر سيلاً من الكلمات، وتلجم الكثير من الألسنة عجزاً عن وصف هذه الدموع، هل كان يبكي ألماً؟ حزناً؟ ندماً؟ أم أنه يرى شيئاً في السماء لا نراه؟ أم أنه تذكر والدته المكلومة، وتمنى احتضانها ولو مرة أخيرة؟ هل هي أحلامه داعبت خياله مرة أخيرة بأن يكون حراً طليقاً في وطن أحكم الظلم حلقاته عليه؟ أم أخبر الله بدموعه عما حدث ويحدث وسيحدث في غزة؟
أسئلة كثيرة دارت في أذهان كل من شاهد هذه الصورة المؤثرة، ولكن من التقطها فقط، قد يستطيع تفسير جزء منها.
ليست كالدموع!
تقول مُلتقطة الصورة الإعلامية دعاء زعرب (24 عاماً) من خانيونس: إن إنشاصي لم يكن مُستشهداً لحظة إصابته بالرصاص الحي، في صدره من جهة اليمين، وكان لحظتها قد أسلم أمره لله وصار يبكي بشدة، وينوح دون صوت"، حتى إن المُسعف صفعه على وجهه ليهدأ إذا كان في حالة صدمة، حتى يتمكن من علاجه، ولكنه شخص إلى السماء وصار يبكي، وكأنه كان يرى شيئاً أمامه بوضوح".
وأضافت زعرب والتي تعمل كصحفية متطوعة في شبكة نور الإخبارية والأقصى مباشر: "ذهبنا إلى المستشفى الميداني، وبقيت مُتابعة لحالته، وحاول الأطباء جاهدين إنقاذه، ولكن بلا جدوى، فأسلم الروح لبارئها، واختاره الله واصطفاه؛ ليكون من الشهداء".
لم يكن مشهداً سهلاً بالنسبة لفتاة، حتى لو كانت إعلامية متمرسة، تقول زعرب في حديثها لـ"دنيا الوطن": "منذ إصابته وحتى لحظات تصويره كنت أبكي معه، لم يكن شيئاً بسيطاً أن أرى مشهداً كهذا أمام عينيي، حاولت السيطرة على نفسي، ولكن بلا فائدة، خاصة حين بدأ الطبيب بعمل فتحة في صدره في محاولة لإنعاشه، كان يقص جسده وكأنه يقص بنطلون، لحظتها لم أتحمل، خاصة أن الشهيد إنشاصي، كان يبكي قبلها بدون صوت".
"كان يهتف فقط وهذه قصتي مع رزان"
وتؤكد زعرب: "لكنها ليست دموع ألم، أنا متأكدة أنها ليست دموع ألم جسدي، كان يُسبل عينييه إلى السماء ويبكي".
وكشفت زعرب كواليس هذه الصورة- دموع الشهيد-: "كان يقف في الميدان وكنت أقف خلفه مُباشرة، وكان يهتف فقط والشباب من ورائه يصفقون ويرددون، ولم يكن يحمل بيده شيئاً، ولا يوجد لدى اليهود شيء اسمه منطقة خطر أو منطقة غير خطرة، هم ينتقون الضحايا انتقاء، من يريدون قتله يرمونه بالرصاص بكل برود".
الشهيد إنشاصي جزء من الحالات المؤثرة التي قامت زعرب بتصويرها، خاصة أنها تغطي مسيرات العودة منذ بدايتها قبل 7 شهور، وكشفت لـ"دنيا الوطن" علاقتها بالشهيدة رزان النجار وقالت: "كانت صديقتي الشهيدة رزان، كنا أصدقاء قبل بدء مسيرات العودة، وكنا معاً خلالها، وكنت معها لحظة إصابتها بالرصاص، ولم أستطع أن أمسك الكاميرا لحظتها أو حتى هاتفي المحمول لأصورها، فهي صديقتي، كانت آخر صورة التقطتها لها وهي تنظر إلي بعدما أًصيبت، وبعدها وقعت من يدي الكاميرا، ولم أستطع أن أُكمل أي شيء".
ربما لا أكون غداً
وتعي زعرب جيداً المخاطر التي تتعرض لها، ومع ذلك رسالتها قوية: "جميعنا في الميدان نعي جيداً أننا موجودون اليوم، لكن الله يعلم هل سنكون المرة القادمة أم لا؟ ولكن رغم ذلك ورغم جميع الضغوطات لن نضعف، فنحن وجه الحقيقة، لننقل للعالم ما يحدث على الحدود في المسيرة السلمية التي ردت عليها إسرائيل بالقتل والغاز السام والرصاص المتفجر، والمطاطي، والحي".
وأضافت: "في بداية مسيرات العودة كنت أشعر بالخوف، ولكن بعد الذي رأيته من مشاهد وقصص وشهداء، بعدما سقط العديد من أصدقائي الذين جمعت بيننا سُفرة واحدة، سأكذب لو قلت أنني لا زلت أخاف، ما هو مكتوب لنا سيتحقق، سواء كنا بالمنزل، أو كنا بمسيرة العودة، فما كتبه الله لنا في أقدارنا سيتحقق بكل الأحوال".
وحول موقف عائلتها قالت زعرب: "عائلتي كانت تعترض في البداية خروجي، خاصة والدتي، ولكنني أخبرتها أن من ينال الشهادة محظوظ، خاصة أنني أخرج لعمل، وأنني مرابطة في وطن، فلو لم أستشهد على الحدود في مسيرة العودة، سأستشهد في مكان آخر ، فهذه رسالتنا، وأينما وُجدنا يجب علينا إيصالها، لو لم أذهب إلى مسيرة العودة، وزملائي الصحفيين كذلك، فمن سينقل الحقيقة؟".
وأضافت: "من سينقل معاناة الشباب على الحدود؟ من سينقل الظلم الذي يتعرض له الأطفال على الحدود، خاصة أن أغلبهم أطفال يتراوح أعمارهم ما بين 7- 10 سنوات، إذا لم أذهب لأنقل ما يتعرضون له، من سيذهب؟ لذا أصبحت عائلتي تدعمني الآن".
بيت عزرائيل
ليست "دموع الشهيد" التي رصدتها زعرب هي الشيء الوحيد غير العادي الذي صادفته أثناء تغطيتها لمسيرات العودة، بل أيضاً "بيت عزرائيل"، تقول زعرب: "نُطلق أنا وزملائي على النقطة التي نقف فيها في الميدان "شرق خزاعة" على الحدود الشرقية لغزة لقب "بيت عزرائيل"، خاصة أن الجمعة الماضي، كانت صعبة، كنت أقف مذهولة وأنا أرى الكثير ممن حولي وهم يتساقطون بعد إصابتهم بالرصاص، بمعدل كل ثلاث دقائق يسقط مُصاب أو شهيد، وهي النقطة التي استشهد بها إنشاصي أيضاً".
ورغم أن زعرب حاولت الهروب من الرجوع بذاكرتها إلى الخلف ساعات قليلة، حتى تتجنب وصف شعورها لحظة بكاء الشهيد، إلا أنها لم تستطع، تقول لـ"دنيا الوطن": "شعرت أن ردة فعل الناس على صورة الشهيد إنشاصي ستكون كبيرة، لأن ما حدث ليس مشهداً عادياً، مشهد لشهيد يُقابل الله بشكوى، هكذا شعرت، حين أصابته الرصاصة، أسرعوا لإسعافه، وحدثت ضجة حوله".
تلك الصورة غير العادية، انتشرت بشكل كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ لتُفجر سيلاً من الكلمات، وتلجم الكثير من الألسنة عجزاً عن وصف هذه الدموع، هل كان يبكي ألماً؟ حزناً؟ ندماً؟ أم أنه يرى شيئاً في السماء لا نراه؟ أم أنه تذكر والدته المكلومة، وتمنى احتضانها ولو مرة أخيرة؟ هل هي أحلامه داعبت خياله مرة أخيرة بأن يكون حراً طليقاً في وطن أحكم الظلم حلقاته عليه؟ أم أخبر الله بدموعه عما حدث ويحدث وسيحدث في غزة؟
أسئلة كثيرة دارت في أذهان كل من شاهد هذه الصورة المؤثرة، ولكن من التقطها فقط، قد يستطيع تفسير جزء منها.
ليست كالدموع!
تقول مُلتقطة الصورة الإعلامية دعاء زعرب (24 عاماً) من خانيونس: إن إنشاصي لم يكن مُستشهداً لحظة إصابته بالرصاص الحي، في صدره من جهة اليمين، وكان لحظتها قد أسلم أمره لله وصار يبكي بشدة، وينوح دون صوت"، حتى إن المُسعف صفعه على وجهه ليهدأ إذا كان في حالة صدمة، حتى يتمكن من علاجه، ولكنه شخص إلى السماء وصار يبكي، وكأنه كان يرى شيئاً أمامه بوضوح".
وأضافت زعرب والتي تعمل كصحفية متطوعة في شبكة نور الإخبارية والأقصى مباشر: "ذهبنا إلى المستشفى الميداني، وبقيت مُتابعة لحالته، وحاول الأطباء جاهدين إنقاذه، ولكن بلا جدوى، فأسلم الروح لبارئها، واختاره الله واصطفاه؛ ليكون من الشهداء".
لم يكن مشهداً سهلاً بالنسبة لفتاة، حتى لو كانت إعلامية متمرسة، تقول زعرب في حديثها لـ"دنيا الوطن": "منذ إصابته وحتى لحظات تصويره كنت أبكي معه، لم يكن شيئاً بسيطاً أن أرى مشهداً كهذا أمام عينيي، حاولت السيطرة على نفسي، ولكن بلا فائدة، خاصة حين بدأ الطبيب بعمل فتحة في صدره في محاولة لإنعاشه، كان يقص جسده وكأنه يقص بنطلون، لحظتها لم أتحمل، خاصة أن الشهيد إنشاصي، كان يبكي قبلها بدون صوت".
"كان يهتف فقط وهذه قصتي مع رزان"
وتؤكد زعرب: "لكنها ليست دموع ألم، أنا متأكدة أنها ليست دموع ألم جسدي، كان يُسبل عينييه إلى السماء ويبكي".
وكشفت زعرب كواليس هذه الصورة- دموع الشهيد-: "كان يقف في الميدان وكنت أقف خلفه مُباشرة، وكان يهتف فقط والشباب من ورائه يصفقون ويرددون، ولم يكن يحمل بيده شيئاً، ولا يوجد لدى اليهود شيء اسمه منطقة خطر أو منطقة غير خطرة، هم ينتقون الضحايا انتقاء، من يريدون قتله يرمونه بالرصاص بكل برود".
الشهيد إنشاصي جزء من الحالات المؤثرة التي قامت زعرب بتصويرها، خاصة أنها تغطي مسيرات العودة منذ بدايتها قبل 7 شهور، وكشفت لـ"دنيا الوطن" علاقتها بالشهيدة رزان النجار وقالت: "كانت صديقتي الشهيدة رزان، كنا أصدقاء قبل بدء مسيرات العودة، وكنا معاً خلالها، وكنت معها لحظة إصابتها بالرصاص، ولم أستطع أن أمسك الكاميرا لحظتها أو حتى هاتفي المحمول لأصورها، فهي صديقتي، كانت آخر صورة التقطتها لها وهي تنظر إلي بعدما أًصيبت، وبعدها وقعت من يدي الكاميرا، ولم أستطع أن أُكمل أي شيء".
ربما لا أكون غداً
وتعي زعرب جيداً المخاطر التي تتعرض لها، ومع ذلك رسالتها قوية: "جميعنا في الميدان نعي جيداً أننا موجودون اليوم، لكن الله يعلم هل سنكون المرة القادمة أم لا؟ ولكن رغم ذلك ورغم جميع الضغوطات لن نضعف، فنحن وجه الحقيقة، لننقل للعالم ما يحدث على الحدود في المسيرة السلمية التي ردت عليها إسرائيل بالقتل والغاز السام والرصاص المتفجر، والمطاطي، والحي".
وأضافت: "في بداية مسيرات العودة كنت أشعر بالخوف، ولكن بعد الذي رأيته من مشاهد وقصص وشهداء، بعدما سقط العديد من أصدقائي الذين جمعت بيننا سُفرة واحدة، سأكذب لو قلت أنني لا زلت أخاف، ما هو مكتوب لنا سيتحقق، سواء كنا بالمنزل، أو كنا بمسيرة العودة، فما كتبه الله لنا في أقدارنا سيتحقق بكل الأحوال".
وحول موقف عائلتها قالت زعرب: "عائلتي كانت تعترض في البداية خروجي، خاصة والدتي، ولكنني أخبرتها أن من ينال الشهادة محظوظ، خاصة أنني أخرج لعمل، وأنني مرابطة في وطن، فلو لم أستشهد على الحدود في مسيرة العودة، سأستشهد في مكان آخر ، فهذه رسالتنا، وأينما وُجدنا يجب علينا إيصالها، لو لم أذهب إلى مسيرة العودة، وزملائي الصحفيين كذلك، فمن سينقل الحقيقة؟".
وأضافت: "من سينقل معاناة الشباب على الحدود؟ من سينقل الظلم الذي يتعرض له الأطفال على الحدود، خاصة أن أغلبهم أطفال يتراوح أعمارهم ما بين 7- 10 سنوات، إذا لم أذهب لأنقل ما يتعرضون له، من سيذهب؟ لذا أصبحت عائلتي تدعمني الآن".
بيت عزرائيل
ليست "دموع الشهيد" التي رصدتها زعرب هي الشيء الوحيد غير العادي الذي صادفته أثناء تغطيتها لمسيرات العودة، بل أيضاً "بيت عزرائيل"، تقول زعرب: "نُطلق أنا وزملائي على النقطة التي نقف فيها في الميدان "شرق خزاعة" على الحدود الشرقية لغزة لقب "بيت عزرائيل"، خاصة أن الجمعة الماضي، كانت صعبة، كنت أقف مذهولة وأنا أرى الكثير ممن حولي وهم يتساقطون بعد إصابتهم بالرصاص، بمعدل كل ثلاث دقائق يسقط مُصاب أو شهيد، وهي النقطة التي استشهد بها إنشاصي أيضاً".
ورغم أن زعرب حاولت الهروب من الرجوع بذاكرتها إلى الخلف ساعات قليلة، حتى تتجنب وصف شعورها لحظة بكاء الشهيد، إلا أنها لم تستطع، تقول لـ"دنيا الوطن": "شعرت أن ردة فعل الناس على صورة الشهيد إنشاصي ستكون كبيرة، لأن ما حدث ليس مشهداً عادياً، مشهد لشهيد يُقابل الله بشكوى، هكذا شعرت، حين أصابته الرصاصة، أسرعوا لإسعافه، وحدثت ضجة حوله".
وأضافت: "نظرت إلى وجهه مُباشرة، وجدته يُسبل عيناه إلى السماء، صورته فوراً دون أن أضع عيني على الكاميرا، وحين صورته فيديو، دار رأسه إلى ناحيتي ونظر إلى الكاميرا، هنا شعرت أنني يجب أن أذهب معه إلى المستشفى، ولا أعلم من أين أتاني هذا الشعور، وحين رافقته، شعرت أنه ترك الدنيا، ترك جسده، حتى ودموعه تنهمر، وكأنه يشكي لربه ما يحدث في غزة، الشباب لا يأتون لمسيرات العودة من فراغ أو نزهة أو لتضييع الوقت، هم يذهبون هناك من وجعهم، والشهيد الباكي ذهب هناك من وجع، شكاه لله عبر دموعه".
وكالات