قمة الشعب السوري وما بعدها
ياسر الزعاترة
جو 24 : منذ اللحظة التي دعا فيها أمير قطر رئيس الائتلاف الوطني السوري إلى الجلوس في مقعد بشار الأسد بين الزعماء العرب، تأكد أن هذه القمة هي قمة الثورة السورية بامتياز، مع أنها خطوة تأكدت قبل ذلك؛ أولا إثر قرار وزراء الخارجية العرب في القاهرة قبل أسابيع، وثانيا حين نجحت في إعادة الشيخ معاذ الخطيب إلى أروقة القمة بعد أن أعلن استقالته من رئاسة الائتلاف في خطوة بائسة التوقيت من دون شك، لاسيما أن كل المبررات التي ساقها لم تكن مقنعة، حيث تأكد أن الأمر يتعلق بالبعد الشخصي أكثر من أي شيء آخر. وعلى أية حال، فقد ألقى الرجل كلمة مؤثرة على صعيد الخطابة والمضمون، ونتمنى بطبيعة الحال أن يأخذ الدرس مما جرى خلال المرحلة الماضية، ويكف عن الخطوات الفردية والتغريد خارج السرب.
هكذا جاء رموز المعارضة السورية إلى القمة مجتمعين، حيث تمثلوا بالخطيب ورئيس الحكومة المؤقتة غسان هيتو، مع سبعة آخرين من زعماء الائتلاف والجيش الحر، وهو ما ترتب عليه تثبيت النجاح بمنح مقعد سوريا في الجامعة للائتلاف رغم اعتراضات عدد من الدول العربية هي العراق والجزائر ولبنان والسودان، مع موقف بين بين لعدد من الدول الأخرى.
سيقول البعض إن الخطوة لن يترتب عليها شيء يذكر، إذ أن المواقف التي كانت قائمة قبل القمة من الثورة السورية ومن النظام ستبقى هي ذاتها بعده، وهو قول صحيح إلى حد ما، لكن ذلك لا يقلل من أهمية الخطوة على صعيد نزع ما تبقى من الشرعية السياسية عن النظام السوري، ودفعه نحو مزيد من اليأس (أي شعور بائس تلبس بشار وهو يرى الخطيب يجلس مكانه؟!)، الأمر الذي ينطبق بشكل أوضح على عناصره من النواة الصلبة، بل من سائر المنضوين في جبهته، ممن سيتأكدون أن المسألة قد حسمت، أو ستحسم مهما طال الوقت، وأنهم يخوضون معركة يائسة، بخاصة أن عددا من العلويين قد ذهبوا إلى القاهرة كي يعلنوا براءتهم من النظام في خطوة تبدو مهمة رغم قلة عدد الحاضرين، مع أن الأمر لا يقاس بالعدد بطبيعة الحال.
وفيما يصعب القول: إن ما جرى في القمة سيؤثر على موقف إيران كداعم أساسي للنظام، ومعها حلفاؤها (لسوء حظها وبؤس تقديرها)، فإن الأمر قد لا ينسحب على روسيا التي قد تغير موقفها، لاسيما إذا مورست عليها بعض الضغوط من قبل الدول العربية، وهو ما ينسحب على الصين بطبيعة الحال.
سيقول البعض: إن القمة لم تحسم موقفها من الخيار العسكري، وأكدت التعويل على الحل السياسي، لكن ذلك لا يغير في حقيقة أن مصطلح الحل العسكري لا يعني عند إيران وروسيا غير تغيير شكلي في منظومة النظام تتعلق بالحكومة، بينما يبقى بشار والمؤسسة العسكرية والأمنية، وهو ما أجمعت المعارضة على رفضه، وهو ما يحيلنا إلى الجانب الآخر الإيجابي في القمة، ممثلا في أن القمة قد شرَّعت عمليا الدعم العسكري للثورة، حين عطفت على كلامها المتعلق بالحل السياسي في البيان الختامي “التأكيد على حق كل دولة وفق رغبتها في تقديم كافة وسائل الدفاع عن النفس، بما في ذلك العسكرية لدعم صمود الشعب السوري والجيش الحر”.
والحال أن هذه نقطة بالغة الأهمية، إذ يجب أن تتقدم الدول الداعمة للثورة خطوة أكبر إلى الأمام، بحيث يغدو التسليح في العلن، وكذلك حال تمرير الأسلحة إلى الثوار من قبل دول الجوار، في ذات الوقت الذي ينبغي فيه الضغط على الدول التي تمد النظام بالسلاح وأشكال الدعم الأخرى بعد أن فقد شرعيته السياسية تماما، وفي مقدمة تلك الدول العراق الذي يسمح بمرور الأسلحة والدعم عبر أجوائه، وكذلك حال لبنان الذي لا يطبق عمليا سياسة النأي بالنفس التي يتحدث عنها، بدليل تورط حزب الله في دعم النظام، بمختلف الأشكال.
في أي حال، فإن ما جرى يُعد أمرا بالغ الأهمية، لاسيما إذا ترتب عليه مزيد من الجهد السياسي في المحافل الدولية من أجل نزع الشرعية عن النظام أيضا، وهو ما دعا إليه البيان الختامي، فضلا عن تسليم السفارات السورية في الدول العربية للائتلاف، وهو ما ستتلكأ فيه أكثر الدول، أقله في المرحلة الأولى؛ لاعتبارات بعضها مفهوم، وبعضها غير ذلك.
هي إذا قمة الثورة السورية بامتياز. صحيح أن القضية الفلسطينية قد تصدرت كلمات سائر الزعماء، لكن ذلك لا ينفي أنها لم تكن الأهم، لاسيما أن القيادة الفلسطينية لا تريد من القمة ما هو أكثر من الدعم المالي (تقرر تأسيس صندوق لدعم القدس بمليار دولار، ساهمت قطر بربعه)، فيما تتكفل هي بالباقي ممثلا في التفاوض، ولو فكر القادة العرب في سحب مبادرة قمة بيروت 2002 بعد استخفاف الصهاينة بها، لما وافق الرئيس الفلسطيني، لأن ذلك يفتح بابا لتفكير آخر في مسار القضية، مع العلم أن أكثر الأنظمة العربية تبدو مرتاحة تماما للتوجه الرسمي الفلسطيني الذي يريحها من أعباء كبيرة ستترتب عليها أمام الجماهير لو انطلقت انتفاضة فلسطينية جديدة، وحجتهم هنا “لن نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين”.
(الدستور)
هكذا جاء رموز المعارضة السورية إلى القمة مجتمعين، حيث تمثلوا بالخطيب ورئيس الحكومة المؤقتة غسان هيتو، مع سبعة آخرين من زعماء الائتلاف والجيش الحر، وهو ما ترتب عليه تثبيت النجاح بمنح مقعد سوريا في الجامعة للائتلاف رغم اعتراضات عدد من الدول العربية هي العراق والجزائر ولبنان والسودان، مع موقف بين بين لعدد من الدول الأخرى.
سيقول البعض إن الخطوة لن يترتب عليها شيء يذكر، إذ أن المواقف التي كانت قائمة قبل القمة من الثورة السورية ومن النظام ستبقى هي ذاتها بعده، وهو قول صحيح إلى حد ما، لكن ذلك لا يقلل من أهمية الخطوة على صعيد نزع ما تبقى من الشرعية السياسية عن النظام السوري، ودفعه نحو مزيد من اليأس (أي شعور بائس تلبس بشار وهو يرى الخطيب يجلس مكانه؟!)، الأمر الذي ينطبق بشكل أوضح على عناصره من النواة الصلبة، بل من سائر المنضوين في جبهته، ممن سيتأكدون أن المسألة قد حسمت، أو ستحسم مهما طال الوقت، وأنهم يخوضون معركة يائسة، بخاصة أن عددا من العلويين قد ذهبوا إلى القاهرة كي يعلنوا براءتهم من النظام في خطوة تبدو مهمة رغم قلة عدد الحاضرين، مع أن الأمر لا يقاس بالعدد بطبيعة الحال.
وفيما يصعب القول: إن ما جرى في القمة سيؤثر على موقف إيران كداعم أساسي للنظام، ومعها حلفاؤها (لسوء حظها وبؤس تقديرها)، فإن الأمر قد لا ينسحب على روسيا التي قد تغير موقفها، لاسيما إذا مورست عليها بعض الضغوط من قبل الدول العربية، وهو ما ينسحب على الصين بطبيعة الحال.
سيقول البعض: إن القمة لم تحسم موقفها من الخيار العسكري، وأكدت التعويل على الحل السياسي، لكن ذلك لا يغير في حقيقة أن مصطلح الحل العسكري لا يعني عند إيران وروسيا غير تغيير شكلي في منظومة النظام تتعلق بالحكومة، بينما يبقى بشار والمؤسسة العسكرية والأمنية، وهو ما أجمعت المعارضة على رفضه، وهو ما يحيلنا إلى الجانب الآخر الإيجابي في القمة، ممثلا في أن القمة قد شرَّعت عمليا الدعم العسكري للثورة، حين عطفت على كلامها المتعلق بالحل السياسي في البيان الختامي “التأكيد على حق كل دولة وفق رغبتها في تقديم كافة وسائل الدفاع عن النفس، بما في ذلك العسكرية لدعم صمود الشعب السوري والجيش الحر”.
والحال أن هذه نقطة بالغة الأهمية، إذ يجب أن تتقدم الدول الداعمة للثورة خطوة أكبر إلى الأمام، بحيث يغدو التسليح في العلن، وكذلك حال تمرير الأسلحة إلى الثوار من قبل دول الجوار، في ذات الوقت الذي ينبغي فيه الضغط على الدول التي تمد النظام بالسلاح وأشكال الدعم الأخرى بعد أن فقد شرعيته السياسية تماما، وفي مقدمة تلك الدول العراق الذي يسمح بمرور الأسلحة والدعم عبر أجوائه، وكذلك حال لبنان الذي لا يطبق عمليا سياسة النأي بالنفس التي يتحدث عنها، بدليل تورط حزب الله في دعم النظام، بمختلف الأشكال.
في أي حال، فإن ما جرى يُعد أمرا بالغ الأهمية، لاسيما إذا ترتب عليه مزيد من الجهد السياسي في المحافل الدولية من أجل نزع الشرعية عن النظام أيضا، وهو ما دعا إليه البيان الختامي، فضلا عن تسليم السفارات السورية في الدول العربية للائتلاف، وهو ما ستتلكأ فيه أكثر الدول، أقله في المرحلة الأولى؛ لاعتبارات بعضها مفهوم، وبعضها غير ذلك.
هي إذا قمة الثورة السورية بامتياز. صحيح أن القضية الفلسطينية قد تصدرت كلمات سائر الزعماء، لكن ذلك لا ينفي أنها لم تكن الأهم، لاسيما أن القيادة الفلسطينية لا تريد من القمة ما هو أكثر من الدعم المالي (تقرر تأسيس صندوق لدعم القدس بمليار دولار، ساهمت قطر بربعه)، فيما تتكفل هي بالباقي ممثلا في التفاوض، ولو فكر القادة العرب في سحب مبادرة قمة بيروت 2002 بعد استخفاف الصهاينة بها، لما وافق الرئيس الفلسطيني، لأن ذلك يفتح بابا لتفكير آخر في مسار القضية، مع العلم أن أكثر الأنظمة العربية تبدو مرتاحة تماما للتوجه الرسمي الفلسطيني الذي يريحها من أعباء كبيرة ستترتب عليها أمام الجماهير لو انطلقت انتفاضة فلسطينية جديدة، وحجتهم هنا “لن نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين”.
(الدستور)