jo24_banner
jo24_banner

مراهقات تونس و«جهاد النكاح» !

حلمي الأسمر
جو 24 :

لم يتعرض مصطلح إسلامي للتشويه والتحويل والتأويل قدر ما تعرض مصطلح الجهاد، فقد تم ابتذاله على أيدي مسلمين وغير مسلمين جهلا أو قصدا أو تآمرا، أو ربما خوفا من استحقاقاته، بل إن بعض المسلمين «الرسميين» باتوا يشعرون بالإحراج من ذروة سنام الإسلام، وتمنوا حذف كل أدبياته من الدين، وتجرأ البعض على تعديل مناهج مدرسية تتعرض له بالشرح والتأصيل، تساوقا مع عصرنة كاذبة، وعمدت بعض محطات التلفزة والإذاعات الرسمية إلى «تجنب» بث آياته، وفي المقابل سطا بعض الإسلاميين على هذا المفهوم ولعبوا به على نحو أخرجه في كثير من الأحيان عن هدفه وتجرأ بعض «طلبة العلم» فطفقوا يفتون به ويشرعون للأمة دونما علم عميق، مُخرجين هذه الفريضة من سياقها في كثير من الأحيان، بل ربما دخل على خط العبث بهذا الفرض الإسلامي بعض أجهزة الاستخبارات الغربية فأدلوا بدلوهم هم أيضا، إسهاما وإمعانا في تشويه هذا الدين العظيم، وتمييع فريضة الجهاد وتحويلها إلى «مسخرة» حاشى لله!

وفي هذا السياق، نقرأ ما نشر عن «فتوى جهاد النكاح» التي تلقفتها مواقع الفضائح الصفراء، وطنطنت بها ودندنت طويلا، من باب السخرية بالجهاد والمجاهدين، والمصيبة أن الفتوى إياها منسوبة لشيخ جليل له مكانته لدى جمهور المسلمين، جرت عملية فبركة فوتوشوب لها كي تنطلي الحيلة على بعض الفتيات في تونس تحديدا، فيرتحلن إلى سوريا تطبيقا للفتوى المزعومة!

تنص الفتوى الكاذبة على إجازة أن يقوم المقاتلون ضد النظام السوري من غير المتزوجين أو من المتزوجين الذين لا يمكنهم ملاقاة زوجاتهم بإبرام عقود نكاح شرعية مع بنات أو مطلقات لمدد قصيرة لا تتجاوز الساعة أحيانا(!) يتم بعدها الطلاق وذلك لإعطاء الفرصة الى مقاتل اخر بالمناكحة، وقد شاهدت صورة «تغريدة» مزعومة للشيخ محمد العريفي بهذا المعنى، الذي نفاها بدوره جملة وتفصيلا، واستنكر نسبتها إليه، وتبرأ منها بكل قوة، المصيبة أن الفتوى المدسوسة والمزورة لاقت استجابة ما لا يقل عن 13 فتاة تونسية حتى الآن، حسب ما تناقلت بعض وسائل الإعلام، بل قالت صحف تونسية أن شاباً تونسياً أقدم على تطليق زوجته بعدما تحوّلا إلى سوريا منذ ما يقارب الشهر لـ يسمح لها بالانخراط في جهاد المناكحة مع المجاهدين هناك، كما ظهرت واقعة أخرى في تونس قبل فترة عندما انتشر فيديو على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي يظهر فيه ذوو فتاة متحجبة تدعى رحمة أكدوا أنهم لم يجدوها في المنزل صباحاً وقد علموا بعد ذلك أنها توجهت إلى سورية لتطبيق جهاد النكاح ، مع العلم أن عمرها لم يتجاوز 18 عاما!

ننشر مثل هذه التفاصيل وقلوبنا تتفطر ألما على ما آل إليه حالنا، من عبث غير مسبوق بديننا وشبابنا، الذين يقعون فريسة تآمر محكم لإفساد عقولهم ودينهم، فالحذر الحذر من ألاعيب الفوتوشوب، والتسليم بكل من ينشر من غثاء على شبكات التواصل الإجتماعي!
(الدستور )
تابعو الأردن 24 على google news